زارتني إيمان اليوم بعثرت في أوراقي وكتبي ..وكأنها تبحث عن أمر ما ..
بادرتها ..أتريدين أن تقرأين جديدي أليس كذلك ..؟!!
إبتسمت وهي تؤمي لي مشيرة بالأيجاب.. وتؤكد ذلك بقولها ..
(عمه لي شهرين ماقرأت من كتاباتك شيء )
سألتها أألى هذا الحد مشتاقه لها..
وقاطعتني قبل إتمام قولي (جداً جداً جداً)
حسناً ياإيمان سأشبع نهمك لحرفي وشوقك لحزني ..مددت لها مخطوط عمره شهرين بعض من مما فيه بعثرته هنا والبعض الأخر لما يكن لها هنا أثر..أما لخصوصيتها وأما لجنونها الخاص فيني وبشكل عميق جداً..و الذي ربما لم تصل جرأتي بعد للحد في أن أنشر كتلك النصوص على الملاء.. رغم أن كل من قرأني يتهمني بالجرأة .. بيد أني لا أجدها جرأه بمفهوم المعنى ذاته لكلمة جرأه.
كل مافي الأمر أني كتبت ما كتبت ربما في حالة لاوعي أو حزناً جعلني أنسف الكل وراء ظهري أو لأسباب أخرى ربما لا يسع المجال لذكرها..
قرأت إيمان تلك الفتاة ذات الخمسة عشر ربيعاً .. كانت تقرأ بنهم شديد وكأنها تسابق الزمن خو فاً من تغادرني قبل إتمام ما ناولته إياهـ
رأيتها تتلذذ بالحرف والقرأءة تبستم حيناً .. وترفع غرتها جانباً حينا وتستلقي على سريري أحياناً وتمشى وتعود للجلوس مره أخرى وأنا أتابعها بتأمل شديد..
خاطبت ُ نفسي بقولي : إيمان تقرأ بلذه ...وأنا أكتب بألم ؟!!
إيمان تقرأ بعض التفاصيل وتدمع أحياناً فكيف بي وأنا التى تعج وتمتلىء بتفاصيل الحنين والشوق والغياب والألم..
إيمان تأتي من خارج النطاق وتستلقى في رحاب بوحي قليلاً وأجدها من أول حرف تتبعثر وترتجف .. فكيف بي وأنا التى أمثل في رحاب بوحي الوطن والمنفى/ السجين والسجان..
إيمان تقرأ وأنا أراقُبها إلى أن انتهت مما بيدها أتيت إلى والفرح يلون أسارير وجهها وكأنها تتراقص طرباً من نشوة ما قرأت..
جلست بجانبي .. وبادرتني بقوله ( أعجز أن أصف لكِ مقدار الأبداع الذي تستحقه حروفك ِ..بنسبة لى أحتاج دهراً لأكتب كما تكتبين )
حاولت أن أوضح لها بأن الكاتب يختلف عن القاريء
وأن الكاتب يكتب بألم... بينما القاريء قد يقرأ بلذه ..
وهي الآن قارئة ولهذا تمنت ماتمنت بناء ً على أحساسها ومشاعرها..
في حين أنها لو كانت هي الكاتبة لتمنت أن ترمى بحرفها إذا كان الحزن سيرتمى معه!
قلت ُ لها : لا يا إيمان لا .. لا أريدك أن تكتتبي مثل ما أكتب ..
لتكتبي كما أكتب لا تحتاجين دهراً ولا معجماً ولا لغة ولا الزمخشري ولا المتنبي ..
تحتاجين حزناً وخيبة وأسى وصدمة بمقدار عمرك .. تحتاجين للفقد واللوعة والغياب والجرح والأنتظار..
أنا حتى أكتب ما أكتب .. لا أكتب الا والحزن يؤزني إزاء ً.. والدموع تقيدني في قيودها ..
لتكتبي بحرف الحزن لا بد أن تتحسسي قلبك ِ.. وأن تصفعك ِ واقعية الواقع الحتمية ..وأن تستنزفك ِ الآهات من حيث لاتعلمين..
أريد لك ِيا إيمان حرفاً وضاء مشرق .. أريد لك مواطن حرف بعيدة عن الحزن والموت ..أريد لك ِ حرفاً حياً تدب في روحه كل معالم الحياة ..أريد أن يرتمي بكِ الحرف في ظلال المشاعر المتيقظة لا الغافية....... ولا الغائبة ..!!!
لم تفهمني إيمان إلى ذلك الحد ... ولكنها ذهلت وخذت ترمقني بنظرة ولدفتر المنسوب بين يديها لي بنظرة وكأنها تبحث عن وجه الشبه فيما بيني وبينه..!!!
وعن تفاصيله فيني وعن الحزن القابع تحت ضفاف كل حرف في عيني ..!!