ابراهيم علوي (جدة)تصوير: أحمد بابكير
اواهما في مسكنه فطمعا فيما لديه وعندما أمن لاحدهما عملا شرع في التخطيط للتخلص منه بعد ان لاحظ حرصه على اغلاق غرفة حفاظا على مابداخلها دون سائر غرف الفيلا.. لكن احلام الجانيين البنغاليين تبددت هباء حينما اكتشفا ان ابن جلدتهما الذي قتلاه لا يملك من حطام الدنيا سوى 63 ريالا هكذا كافآه.. بالقتل شنقا باسلاك كهربائية مقابل احسانه لهما وسعيه لتحسين اوضاعهما.
تعود تفاصيل هذه الجريمة البشعة الى ان «عبدالسلام» وهو بنغالي يعمل حارسا لفيلا بحي البساتين.. كانت تحت الانشاء وكانت تربطه صداقة مع بعض بني جلدته خصوصا «مبارك» الذي ترك عمله منذ شهر ونصف ولم يجد مأوى للتخفي من كفيله سوى عبدالسلام الذي آواه وأمن له عملا في تحميل وتنزيل بعض المتطلبات الانشائية.. واقام معه في سكنه بالفيلا لعدم قدرته على استئجار سكن خاص.. وما لبث ان انضم اليهما صديق آخر وهو «مختار» بنغالي ايضا.. وكانا اي مبارك ومختار يتواجدان بالفيلا مساء الجمعة قبل الماضية.. ويبدو انهما لاحظا حرص عبدالسلام على احكام اغلاق غرفة مظلمة داخل الفيلا ووضع مفاتيحها في جيبه.
أسرار الغرفة المغلقة
اغري افراطه في الحرص على تلك الغرفة ضيفيه بكشف اسرارها ورسما عالما بهيا لمستقبلهما قوامه الكنز الذي سيحصلان عليه بعد التمكن من فتحها.. وبدآ يفكران جديا في الحصول على مفاتيحها المخبأة في جيبه، عندما خلد عبدالسلام الى النوم اقتربا منه واخرجا المفتاح من جيبه.. وطفقا يفكران في اخذ الغنيمة المتوخاة من داخل الغرفة والهرب بعيداً.. لكن عبدالسلام الذي تؤرقه هواجس الحراسة وما أوتمن عليه استيقظ فجأة كانه كان يتوقع ان يغدر به صديقاه وصدق حدسه حيث لم يجد المفتاح في جيبه وعندما سألهما عنه تظاهرا بالبحث عنه وأخيرا قدما له مفتاحا بديلا يبدو انهما عثرا عليه في الموقع فقام يجربه في الغرفة فلم يستجب فعرف انهما قاما بتبديله فواجههما بما حدث طالــبا ضـــرورة اعادة المفتاح اليه.
الضحية يستعطف القتلة
هنا تزايد طمعهما فيما بداخل الغرفة وفسرا حرصه بأنه دليل على وجود ثروة طائلة بداخلها والا فما الداعي لهذا الحرص فقررا القضاء عليه والاستئثار بثروته المرتقبة.. ومع ذلك ظل يذكرهما بأنه اواهما واحسن اليهما فلماذا يردان الاحسان بالاساءة.. لكنهما بدلا من الرجوع الى الحق قاما بتكتيفه بربط يديه خلف ظهره وتقييد رجليه فابدى مقاومة شرسة عندها خنقاه بسلك كهربائي حتى قضى عليه.
وحسب اعترافات مختار فإن العقبة الاساسية للثراء تمت ازالتها باغتيال عبدالسلام ولم يعد امامهما سوى فتح الغرفة والحصول على الكنز المخبأ الذي توهماه لكن المفاجأة التي خيبت آمالهما ان الغرفة لم يكن بداخلها سوى بعض الادوات الكهربائية والاسلاك اضافة الى امتعة بسيطة خاصة بالضحية والتي فتشاها قطعة قطعة دون ان يعثرا على هللة واحدة وأخيراً عادا لتفتيش الضحية وعثرا معه على 63 ريالا فقط وهي كل ما بحوزته.
أمانة القتيل
واتضح لهما ان عبدالسلام كان حريصا على الاغراض الخاصة باصحاب الفيلا وهذا ما دفعهما للشك في انها مخبأ لثروة طائلة، خيبة الأمل لم تردع القتلة ولم تستدر عطفهما على جريمتهما النكراء بل تماديا في قسوتهما بسحب الجثة من الموقع الذي خنقاه فيه الى ركن الفيلا ورموها هناك وغادرا مسرعين بعد ان رموا محفظته في حاوية للنفايات كما اشار مختار أحد القتلة واضاف تخلصنا من المحفظة وبعد مسيرة في الحي رميت الاقامة في ارض فضاء ولذنا بالفرار.
..واكتشفت الجريمة
الجريمة كشفها صاحب الفيلا الذي شاهد عبدالسلام في الليلة التي سبقت مقتله وعندما عاد صباحا فوجئ بجثته المكتوفة فأبلغ الجهات الأمنية والتي حضرت الى الموقع بمتابعة من مدير شرطة جدة العميد مسفر الزحامي ومساعده للأمن الجنائي وضم فريق العمل خبراء الادلة الجنائية والطب الشرعي وخبراء التحقيق في قسم شرطة السلامة وخبراء مكافحة جرائم الاعتداء على النفس في بحث الشمال والذي أوكل اليه مهمة فك غموض الجريمة لاسيما ان القتيل لم يكن له اعداء وكان يتمتع بعلاقات اجتماعية طيبة لكن ذلك لم يمنع رجال البحث والتحري بمتابعة من العقيد عائض النفيعي رئيس شعبة البحث الجنائي والتحريات في شرطة جدة وباشراف من الرائد هاشم الجهني رئيس بحث شمال جدة وبقيادة الرائد عيضة المالكي رئيس وحدة مكافحة جرائم الاعتداء على النفس في بحث الشمال والذي اجرى تحقيقا مع العديد من لهم علاقة بالقتيل وحراس الفلل والعمائر المجاورة لمعرفة أي تحركات مريبة او مثيرة للشبهة شاهدوها خلال الـ24 ساعة الماضية اضافة الى معرفة المترددين على القتيل كما لم يغفل رجال البحث والتحري التحقيق مع جميع العاملين بالفيلا وجمع أي شبهات قد تظهر خلال التحقيق ليظهر اول الخيوط وهو اسم القاتل «مختار» الذي اشير الى انه يتردد دوما على القتيل لكنه اختفى بعد الجريمة، ومن ثم قام رجال الامن بمتابعته وتم التأكد من انه يعمل في احدى الشركات الخاصة وبالتوجه اليها تبين انه اختفى منذ 45 يوما وتم الاتصال على جواله لكنه ظل مغلقا.
سقوط القاتلين
هنا اتضح لرجال الأمن ان لمختار علاقة بالجريمة ومن ثم عكف رجال البحث على تحديد من له علاقة بمختار وظهر «مبارك» الذي يسكن في حي غليل الشعبي فتوجه رجال الأمن اليه وتردد انهما يعتزمان السفر سريعا الى بلادهما وبعد بحث مكثف تم العثور على مختار وبرفقته اثنان من الجنسية نفسها وتم القبض على ثلاثتهم وافادوا بأن مبارك يوجد في الحي نفسه مشيرين الى انه لن يحضر بسهولة واتفقا على عدم الاتصال به والبحث عن المنزل الذي يقيم فيه.. وأخيراً تم العثور على المنزل برفقة عدد من المتخلفين من أبناء جلدته الذين أمنوا له الحماية والسكن وهناك تم القبض عليهم جميعا وبمواجهة الجانيين مبارك ومختار اعترفا بجريمتهما وسرداها بالتفصيل. كل هذه الملاحقات تمت خلال 36 ساعة من ارتكاب الجريمة مما يعتبر انجازا لشرطة جدة خاصة ان الجريمة كان يكتنفها الغموض.