[align=center] السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الرسالة الرابعة عشر من كتيب لأنكِ غالية للشيخ: عبدالمحسن الأحمد
(( إضاعة المال))
دخلت في يوم من الأيام على مريض في المستشفى لم يبلغ الثلاثين من عمره فإذا به مشدود الأطراف لا يتحرك فيه إلا ثمانية مفاصل
سبعة منها في الرقبة وواحد في الفك يتنفس عن طريق أنبوب وفتحة فتحت له في الحنجرة
وضعت السماعة على صدره فإذا بها أنفاس لا تكاد أن تخرج وتدخل
فنزعت السماعة وقلت له : إن شاء الله أنك أحسن اليوم
فأخذ يحرك الشفاه دون أن يخرج أي حرف لأن الهواء يخرج من الحنجرة قبل أن يصل إلى الحبال الصوتية فأخذ يحاول أن يكلمني وأنا أكلمه ولا أسمع شيئاً
فقلت له : إن الله لا يحتاج أن يحرك هؤلاء الملايين وأن يطرحك على هذا السرير الأبيض لكن الله يحبك ويريد إن يكفر خطاياك
فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ) رواه البخاري
ثم انطلق لساني بكلمات لم أعد لها عدة ولم أحسب لها حساب فقلت له : هل كل من حركه الله يحبه ؟ لقد حرك فرعون وهو الآن مخلد في النار
وكم من شخص حرك الله قدميه ولم يترك مرقصاً في العالم إلا وذهب إليه فما أن قلت ذلك حتى أخذ وجهه يتغير وأخذ ينشج ويشهق ومن شدة نشيجه أخذ يهتز جسمه جميعاً وبدأت الأعين تدمع ثم خرج أخوه من الغرفة وأخذ يناديني أن تعال
فخرجت له فإذا به يبكي ويكفكف دموعه ثم قال لي ( يا أخي حرام عليك أن تتكلم عليه )
فقلت له : إنني لم أتكلم عليه ولم أقل فيه شيئاً
فقال لي : إن أخي هذا لا يمكث في الرياض أكثر من ثلاثة أشهر فهو يسافر من بلد إلى بلد ولا يوجد مكان إلا وقد سافر إليه وهو أحسن واحد يرقص في الرياض
قال تعالى ( أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ )
مباشرة ذهبت واطلعت على ملف المريض ووجدت تقرير الإسعاف يقول : إن هذا الشاب يبلغ من العمر سبعة وعشرين سنه وجد في أحد الطرق السريعة على أطراف مدينة الرياض الساعة الرابعة فجراً قد انقلبت به السيارة ووجد مشلولاً شللاً رباعياً وهو سكران ( مخمور ) وجد الساعة الرابعة وقت نزول ربي جل في علاه
أخذت صورة الأشعة فدمعت العين والله رغماً عني ولو رآها إي شخص سوف يبكي لأن العمود الفقري بالضرورة عندي وعندك مستقيم أما هو فالعمود الفقري لديه كان مستقيماً أما الآن فلا تجد فقرة بجانب الأخرى والأضلاع متداخلة على العمود الفقري وهو الآن على السرير الأبيض لا يستطيع الحراك
مع العلم أن هذا الشاب ثري جداً ! ولكن ماذا يفيد المال إذا لم يكن عوناً لصاحبة في الخيرات واجتناب المنكرات
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا حسد إلا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل وآناء النهار فسمعه جار له فقال ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتني أوتيت مثل ما أوتي فلان فعملت مثل ما يعمل ) رواه البخاري
فأنت أخيتي هل أنت ممن يبذل في سبيل الله ؟ أم أنك ممن تضيع أموالها فيما حرم الله من اللبس الفاضح والسفر المحرم ؟ وهل أنت ممن يستعين بنعم الله على طاعته أو معصيته ؟
اعلمي أنك مسؤولة عن كل ريال تنفقينه
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال عن عمره فيما أفناه وعن شبابه فيما أبلاه وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه وعن علمه ماذا عمل فيه) رواه الطبراني
وقال الله تعالى ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً )
...
(انتهت الرسالة الرابعة عشر)
الرجاء من الأخوات نشر الموضوع في جميع المنتديات لتعم الفائدة
قال صلى الله عليه وسلم ( الدال على الخير كفاعله )
منقــــول
[/align]