السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه الرواية حدثت مع أحد أعضاء الهيئة
وقد اعتاد أن يصلي الفجر كل يوم في حي من أحياء حائل
وفي يوم من الأيام صلى الفجر في أحد مساجد أحياء حائل العتيقة والقديمة
بقي في المسجد يذكر الله وتأخر هناك
وعند خروجه شاهد شابا
والغريب أن ذلك الشاب الذي تبدو ملامحه أنه لم يبلغ العشرين عاما
يقف بجانب مكيف الهواء عند أحد المنازل وكأنه يتحدث
يقول صاحبنا أنه لم يعر الشاب أي اهتمام
ركب سيارته وواصل عمله اليومي
إلا أن ذلك الشاب لم يفارق خياله
فبدأ يفكر عضو الهيئة
وعزم على العودة في الغد للصلاة بنفس المسجد
وفعل ما فعله بالأمس وتأخر بالخروج , فرأى الشاب في مكانه
يقول: توجهت بالسيارة إلى مكان أراقبه من بعيد وهو لا يدري
فعلاً.. إنه يتحدث إلى أحد داخل المنزل
يقول صاحبنا:
إن الشاب اخرج من جيبه نقود وقام بعدها وربطها بعود أخذه من الأرض وادخلها مع فتحت المكيف
هناك بدأت تتضح الصورة
انتهى الشاب من حديثه وذهب سيراً على الأقدام
داخل تلك الحواري الضيقة
تابعته فإذا هو يسكن في الحي نفسه
دخل منزله فانتظرته فإذا هو يخرج ومعه بنت صغيرة تحمل حقيبتها
ركب السيارة وذهب إلى مدرسة للبنات
نزلت الفتاة الصغيرة وواصل الشباب طريقه
توقف عند مدرسة ثانوية وأخذ كتبه ونزل
علمت أنها مدرسته فحمدت الله حمد الشاكرين
إنه يعرف أحد معلمي المدرسة، وهو رجل فاضل خلوق
قال: نزلت وأخذت رقم لوحة السيارة ونوعها
ودخلت المدرسة فوجدت المدرس
وطلبت منه معلومات كاملة عن هذا الشاب وان لا يبخل علي بأي معلومة حتى لو كانت تافهة
وافق المعلم وطلب من عضو الهيئة الجلوس
وبعد مدة جاء المدرس بمعلومات لم أكن أتوقعها ؟؟؟؟؟؟؟
فما هي تلك المعلومات يا ترى؟
ولماذا تعجب عضو الهيئة؟
وما هي الأسباب التي سوف تبكي الشاب ويبكي من أجلها رجل الهيئة؟
وما هي قصة وقوف الشباب عند ذلك المكيف بعد صلاة الفجر وقبل خروج الناس لأعمالهم ؟!
وما قصة المال الذي أدخله مع الفتحة التي بين الحائط والمكيف ؟
رفع الشاب رأسه ونظر إلى رجل الهيئة
يقول صاحبنا عضو الهيئة أنه رأى في عيون الشاب أمراً عجيباً
إن نظراته إلي وتأمله يوحي بسر خفي خلف هذه العيون
نطق الشاب وقال لعضو الهيئة
هل تظن أني أبكي لأني أعصي الله !!!!!
هل تظن ذلك فعلاً ؟؟؟
لا والذي رفع السماء بلا عمد
يقول عضو الهيئة: "" هنا """ زاد عجبي واستغرابي
فقلت له بصوت خافت: فماذا يبكيك إذاً ؟
رد الشاب: إن هذه المرأة التي في الداخل هي أمي
هنا صعق عضو الهيئة من هول الخبر ولم يصدق
وقال للشاب على الفور: ولماذا لا تدخل عند أمك في بيتها وتحدثها ؟
قال الشاب: الأبواب مغلقة بالأقفال ؟؟؟
عرف رجل الهيئة حينها أنه أمام قصة عجيبة بدأت تتكشف أسرارها
طلب عضو الهيئة من الشاب أن يركب معه ليفهم الحكاية كلها
بدأ الشاب بسرد القصة من أولها وهم يتجولون في السيارة
يقول الشاب: إن والدي رجل صالح تزوج أمي قبل 19 عاماً تقريباً
أمي كانت امرأة غير مطيعة، تحب الأسواق والذهاب هنا وهناك
حاول والدي نصحها ومنعها، ولم يجدي ذلك معها نفعاً
هددها بالطلاق إن لم تترك هذه العادات السيئة
أمي لم تكن فاسقة
لكنها لا تعرف معنى حقوق الزوج وطاعته
وصل الأمر إلى الطــــــــلاق
وفعلاً طلقها والدي ولم يمر أسبوع واحد فقط
حتى تزوج أبي من زوجة أخرى بعد ما ألح عليه الكثيرون
كان والدي - ولا زال - محبوباً عند الناس
أمي كانت حبلى وحاملاً بي في أسبوعها الأول
يقول والدي: علمت بأنها حامل بعد شهر من طلاقها
ولولا أنني تزوجت غيرها لأعدتها إلى ذمتي
كان والدي دائماً يوصيني ببرها ويقول لي بالحرف الواحد
إن هذه المرأة انقطعت علاقتها معي كزوجة
لكنها ستبقى أمك حتى قيام الساعة، فبرها وأحسن إليها
وهو الذي أعطاني المال لكي أعطيه لوالدتي
وأنت رأيتني ( يقصد رجل الهيئة) وأنا أفعل ذلك وأدخل النقود من فتحة المكيف …
أمي بعد أن أنجبتني بسنة تزوجت من رجل عربيد شارب للخمر
لا يعرف الله طرفة عين
في بداية الزواج عاشت معه حياة سعيدة كما ذكرت لي
وعند وفاة جدي وجدتي انقطعت والدتي من الأقارب
فليس لأمي أهل، وهي كما يقال: (مقطوعة من شجرة)
فذاقت من هذا العربيد الفاسق صنوف العذاب
وفي آخر الأمر حلف عليها زوجها وأقسم بالله أن لا تكلم أحداً
وأخذ منها الجوال وقطع الهاتف
ومنعها أن تخرج من بيتها لمدة ثلاثة أشهر، وإلا سوف يطلقها طلاقاً لا رجعة فيه
وهو الآن يقفل عليها المنزل في خروجه، وكذلك في الليل عند نومه
وكما رأيتني أقف عند هذا المكيف أحياناً أسلي أمي
وأتجاذب معها أطراف الحديث
وأشرح صدرها الذي عصره الحزن من الهموم
بسبب هذا الزوج الظالم المتغطرس
وأحياناً أحضر لها بعض المال ثم أذهب إلى مدرستي
ولا أستطيع أن أفعل أكثر من ذلك
انتهى كلام الشاب وحديثه …
وعيون رجل الهيئة كانت غارقة بالبكاء ولصدره أزيز
وذلك لما كان الشاب يحكي قصة بره العظيم بأمه
يقول صاحبنا رجل الهيئة: كنت لا أرى الطريق
أصبت بحالة غشيان
ولم أنطق بحرف ولم أعلم كيف كنت أوقود سيارتي
أوصلت الشاب إلى منزله
ولم أتكلم معه بحرف واحد
إلا أني حركت يدي مودعاً لذلك الشاب الذي ندر مثيله
لم أستطع إيقاف دموعي
يا اللــــــــــــه يا رحيــــــــــم
يا اللـــــــــــه هل يعقل أن يصل (( بر ابن بأمه )) في هذا الزمان إلى هذه الدرجة
فلله دره من شاب
(( تمت ))