هذا الموضوع منقول من صحيفة الوئام
الرياض – الوئام – ناصر المرشدي :
يعيش العالم هذه الأيام أسوأ وأخطر أزمة اقتصادية عرفها التاريخ ، لا تهدد بانهيار نظامه المالي فحسب ، بل يمكن أن تلغي دولاً من الخارطة الاقتصادية العالمية ، وتتمخض عن أقطاب عالمية جديدة ، وتعيد توزيع القوى .
هناك سيناريو مخيف للتأثيرات المحتملة للأزمة المالية على الولايات المتحدة الأمريكية أكبر اقتصاد في العالم ، هذا السيناريو يتداول في الخفاء ، لأن نهايته وفقاً لمن كتبه ، تحمل المشهد الأسوأ ، والذي سيسدل بعده الستار على أكبر إمبراطورية اقتصادية وعسكرية هيمنت على العالم قرابة قرن من الزمان ، الولايات المتحدة الأمريكية.
ويتوقع الضليعون في الاقتصاد الأمريكي أن أمريكا مقبلة على كساد اقتصادي شامل ، لذا فإن اللوبي اليهودي جعل الطريق سالكة أمام أوباما للوصول إلى البيت الأبيض ، ولم يدعم أياً من منافسيه رغم أن مواقفه المعلنة وبرنامجه الانتخابي لم يحمل من الدعم لإسرائيل ما يماثل أسلافه ، كي تكتب نهاية الإمبراطورية الأمريكية على يديه ، ليأتي بعد ذلك دور اللوبي اليهودي لتقديم مرشح جديد ، يكون باني أمريكا الجديدة .
في علم الاقتصاد ، لكل نظام مالي دورة حياة ، ونظام أمريكا المالي الحالي يعيش أيامه الأخيرة ، وسيطلق عليه اليهود -أساطين المال والإعلام- رصاصة الرحمة بعد أن نخروه نخراً ، وامتصوا خيراته ، وكانوا أكبر المتسببين في انهياره .
هذا السيناريو غير مستبعد بتاتاً ، وفي كل الأحوال ، وأياً كان شكل السيناريو القادم فإن تبعاته علينا ، كاقتصاد مستهلك لا منتج ، تنطوي على كثير من المخاطر ، بدأنا نلمسها .
الوضع القائم لدينا الآن يشبه إلى حد كبير ، ماكان قبل انهيار سوق الأسهم السعودي في فبراير الأسود ٢٠٠٦ ، فالتعتيم يمارس من قبل الجهات المختصة ، (والتطمينات المخيفة) تأتي من هنا وهناك ، فقط الذي إختلف المواطن... ، المواطن أصبح أكثر وعياً وحذراً ، بعد أن سلبته (عصابات الهوامير) ماله ، ومستقبله وحياته ، تحت حماية النظام ، وربما بتواطؤ منه أيضاً .
استشعر المواطن البسيط حجم الخطر المحدق به ، فبدأ بالدفاع عن نفسه بعد أن يئس من أن هناك من يهتم لأمره ، أو أن هاجس حمايته يشغل أي مسؤول ، فكانت حملة المقاطعة الشعبية للسيارات الجديدة (خلوها تصدي) ، أول المشاريع (التنويرية) التي خطط لها ونفذها المواطن البسيط ، دون تدخل من أي جهة ، بل على العكس جاءت تدخلات بعض الجهات الحكومية لتستهدف الحملة ، ومع ذلك كانت النتائج الأولية مذهلة ، وأتت بمكتسبات كبيرة لعل أهمها أن من دأبوا على خنق صرخات البسطاء لئلا يصل صداها (للآفاق العليا) ، أصابهم الرعب وبدأوا يحسبون حساباً للصوت الذي لايعلو إلا بأنين الشكوى ، عندما يتعلق الأمر بلقمة عيشه وحسب ...، (لقمة عيشه وحسب) ، لك الله أيها المواطن المغلوب على أمرك فكم أنت طيب وبسيط !
هنا يجب التوقف أمام هذه المبادرة الشعبية لتقديم الشكر لكل من تبناها ، وأسهم فيها ، فقد أثبتت أن المواطن يملك رؤية ثاقبة ، وقدرة على استقراء الواقع ، واستشراف المستقبل ، ومن ثم اتخاذ القرار الصحيح ، والدليل ماتعيشه صناعة السيارات في العالم من أزمة حقيقية تهدد بمسح شركات كبرى من خارطة الاقتصاد العالمي بشكل نهائي ، إما بسبب الانهيار ، أو للاستحواذ عليها من شركات أكبر حجماً ، وأقلل تضرراً .
يقول رئيس شركة نيسان للسيارات إن عام ٢٠٠٩ سيكون العام الأسوأ على الإطلاق لصناعة السيارات في العالم ، وأن الأزمة لن تشهد انفراجاً ملموساً إلا في أواخر ٢٠١٠ ، بعد أن تأكل شركات ومصانع كبرى ، متحدثاً عن اندماجات حتمية بين شركات السيارات للتقليل من الآثار المخيفة للأزمة العالمية .
إذا كان هذا حديث كارلوس غصن رئيس شركة نيسان اليابانية رغم أن الاقتصاد الياباني أقل الاقتصادات العالمية الكبرى من حيث التأثر بالأزمة العالمية ، فكيف هي الحال في بقية الشركات ، وتحديداً الأمريكية منها ؟
هي أسوأ بكثير ولاشك !
على الصعيد الاقتصادي العام ، ووفقاً لمعطيات الحاضر ، والرؤية المستقبلية ، هناك حديث يحمل الكثير من التشاؤم المنطقي ، عن إنكماشات ، وكساد ، وانهيارات قادمة ، مما يجعل التطمينات التي نسمعها من حين لآخر مثار شك كبير ، خاصة أنها لاتستند إلى بحث أو استقصاء أو حتى رؤية متعمقة وشمولية ، فهي أقرب إلى أن تكون تطمينات عبثية .
وبما أن الأزمة المالية لازالت في بداياتها ، والتوقعات تشير إلى تنامي قوة تأثيراتها السلبية ، وتفاقم خطورة النتائج التي ستسفر عنها ، التي ستسقط الاقتصادات العظمى واحدة تلو أخرى تماماً كما تسقط أحجار (الدومينو) ، لأن الأنظمة الاقتصادية مترابطة بشكل يجعل من السهولة انتقال العدوى سلباً أو إيجاباً بسرعة مذهلة .
لذا فإن المواطن في ظل هذه الظروف مطالب بعدة حملات مقاطعة على غرار (خلوها تصدّي) ، لأن القادم ربما يحمل مفاجآت غير سارة ، فالاحتمالات مفتوحة جداً ، فضلاً عن أن هناك من التجار من هم أكثر جشعاً من وكلاء السيارات ، ولكن لأن بضاعتهم بالريالات فلا يكتشف المواطن تلاعبهم ومغالاتهم ، كما في السيارات التي يسهل معرفة مقدار التغيّر في سعرها ، لقيمتها المرتفعة ، ولمحدودية مصنّعيها .
إذا ما أردنا التعامل مع التجار والوكلاء بنفس معايير (خلوها تصدّي) ، فنحن نحتاج حملات مماثلة في أكثر من اتجاه ، ففي الغذاء نحتاج حملة أقترح تسميتها (خلوها تعفن) ، وفي جانب الملبوسات والأثاث لابد من حملة أخرى لنعنونها ب (خلوها تأكلها الأرضة) ... ليست سخرية ولكن هذا هو العدل والوعي إذا ما أردنا أن يكون لنا صوت مسموع ، وطلبات مجابة ، وليعرف التجار ورجال الأعمال أن زمن سكوت المواطن على غبنهم له قد ولّى إلى غير رجعة ، بعد أن كشفت له هذه الأزمة عن الوجه القبيح للتاجر السعودي ، وسلبيته المحبطة تجاه وطنه وأبناء وطنه ، فالأزمة المالية العالمية تسوق كبرى دول العالم إلى نفقها المظلم واحدة تلو أخرى ، ونحن ننتظر بقلق ماسيأتي علينا ، و(إخواننا) التجار ورجال الأعمال لازالوا يحاولون إقناعنا بأننا بمعزل عما يجري حولنا ، وكأننا محصنون ضد كل شيء ، فقط ليفرغوا مخازنهم ومستودعاتهم مما تكدّس فيها من البضائع بأعلى سعر ، غير راضين بتحقيق ربح (بسيط) يعادل 100% ، أو 200% ، أو حتى 1000% من رأس المال .
إذاً خلوها تصدي في مستودعاتهم...
خلوها تعفن في ثلاجاتهم...
خلوها تأكلها الأرضة في مخازنهم...
فالأزمة العالمية دشّنت مسلسل الرعب ، والحلقة الأسوأ لم تأت بعد ! </B></I>
تقبلوا تحيات
سمو المعالي