الموضوع: السجين M.m.m
عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 18-05-2007, 08:59 AM
2222 2222 غير متصل
Banned
 
تاريخ التسجيل: Jan 2007
الدولة: الرياض
المشاركات: 634
معدل تقييم المستوى: 0
2222 يستحق التميز
السجين M.m.m

عبدالله الفوزان: جريدة الوطن بتاريخ 16/مايو/2007

السجين (m.m.m) كان متوترا عندما دخل عنبر السجن... وعندما أوصلوه لزنزانته نظر للمساجين الآخرين ورفع يده اليمنى وهزها وهو يقول "m.m.m" ولذلك سماه المساجين "m.m.m" وتأثر بذلك كافة العاملين في العنبر فأصبحوا لا ينادونه إلا بـ"m.m.m" تعال معنا للمحقق يا "m.m.m"، خذ طعامك يا "m.m.m"، ثم اشتهر بذلك على مستوى السجن كله فأصبح السجين "m.m.m" أشهر من نار على علم.
له في زنزانته أكثر من شهر ومع ذلك ما زال الاختلاف على حالته قائما، هناك من يظن أنه من عباقرة هذا الزمان، ويعتبره خطرا على الأمن، ويرى ضرورة الاستمرار في سجنه حتى يفصح عن سبب رصده خط السير لبعض كبار رجالات الدولة ما بين مساكنهم وأماكن عملهم، وهناك من يعتبره معتوها ويرى إطلاق سراحه وتحويله لمستشفى المجانين فليس على المجنون حرج.
وهذا الاختلاف في تشخيص حالته موجود حتى بين زملائه المساجين، بل ربما بشكل أشد، ولم يأت هذا الاختلاف من فراغ، فهو حيناً يسمو في تحليلاته وآرائه لدرجة تبعث على الدهشة، وتجعل المستمع مشدودا لحديثه، وأحيانا ينحدر في أحكامه وأقواله وآرائه إلى الدرك الأسفل وبشكل يجعل المستمع يقهقه حتى يكاد يستلقي على قفاه.
بدأت السلطات المختصة تهتم بأمره بعدما بدأ يبحث ويتقصى بغرض رصد خط السير لكبار المسؤولين في وزارة البلديات ووزارة الداخلية وإمارة منطقة الرياض، وكان ذلك لافتا للنظر ويبعث على الاستغراب الشديد، ولذلك لم تتردد السلطات المختصة في القبض عليه لمعرفة نواياه، لكنه رفض الإفصاح عن ذلك فازدادت الشكوك فيه وأودع السجن، واستمرت محاولات الجهات الأمنية لمعرفة نواياه ولكن دون جدوى، وكان كلما عاد من التحقيق ووصل زنزانته نظر للمساجين ورفع يده اليمنى وهو يردد "m.m.m"، وحاول الجميع معرفة قصده ولم ينجح أحد.
كانت أمه تؤكد دائما للجهات الأمنية أن ابنها "غلبان" و"على نيَّاته" ولا يمكن أن يؤذي ولو بعوضة، ولكن إلحاحها المستمر لم يجد نفعا إذ لا بد من معرفة نواياه ولا بد أن يفصح هو عن ذلك، ولذلك فقد بكت طويلا في إحدى زياراتها له وألحت عليه أن يقول كل شيء للمختصين حتى يفرجوا عنه ويتخلص من محنته، وترتاح هي من عذابها، وقد رق قلبه لدموعها فوافق وقال للمحقق إنه كان يرصد خط سير أولئك المسؤولين الكبار ليزرع في طريق كل منهم مطبات صناعية عالية مؤذية، ففتح المحقق فمه من فرط الدهشة وقال: "كيف؟، تقوم بكل هذا الرصد لتزرع في طرقهم مطبات صناعية؟"، قال: "نعم"، قال المحقق: "لماذا؟"، قال: "لأن المطبات الصناعية آذتني، وخلخلت سيارتي وتسببت في خسارتي، فكل شهر أو شهرين لا بد أن أعمل صيانة للسيارة، ولا بد أن أغير فحمات الفرامل من كثرة استخدامها، وقد اصطدمت عدة مرات بسيارات توقفت فجأة أمامي بسبب المطبات الصناعية المفاجئة وأصلحت سياراتهم وسيارتي على حسابي". قال المحقق: "وهم ما دخلهم في هذا؟"، قال: "يستطيعون لو أرادوا إزالة تلك المطبات، وهم المسؤولون عن ظهورها وبقائها"، قال المحقق: "وتريد أن تضع المطبات بنفسك هكذا دون إذن الجهات المختصة؟"، قال: "نعم.. مثل غيري". قال المحقق: "كيف؟"، قال: "تجوَّل في أحياء مدينة الرياض وشوارعها الداخلية وستجد مئات المطبات العجيبة التي لا يمكن أن تكون قد وضعت بإذن جهات مختصة وبعضها في شوارع مظلمة"، ثم أضاف قائلا: "وبمناسبة إذن الجهات المختصة سأسليك بحكاية طريفة.. فقد سمعت جرس باب بيتي مرة في الصباح الباكر وخرجت فوجدت أحد العمال العرب ومعه رصَّاصة وسيارة فيها إسفلت فأشار نحو سيارة واقفة بجوار بيتي وقال: هل هي سيارتك؟، فقلت: لا ولكن لماذا تسأل؟، قال: نريد تحريكها لنضع هنا مطبا صناعيا، فاندهشت وقلت: تضعون مطبا أمام بيتي بدون إذني؟، قال: معنا إذن من الجهات المختصة، وأراني الرخصة، فقلت: هل طلب وضعه أحد؟، قال: ربما أحد الجيران، وأشار للتقاطع المجاور لمنزلي وقال: سنضع أربعة مطبات حول هذا التقاطع، فزاد اندهاشي وقلت: بإذن الجهات المختصة؟، فقال: نعم، نحن شركة صيانة وننفذ التعليمات، فقلت: شكراً. وأغلقت الباب، قال المحقق: "وأنت الآن تريد أن تنتقم من كبار المسؤولين في الدولة؟"، قال: "لا.... أريد أن يشعروا بضررها وأذاها فيوجهوا بإزالتها"... وظل المحقق مطرقا برأسه ثم رفعه وقال: "حسنا.. و"m.m.m" ما حكايتها؟"، قال: "أريد أن أضع المطبات بشكل متعرج شديد الإيذاء مثل حرف "m.m.m" لتؤدي الغرض"، قال المحقق: "لماذا لم تفصح عن قصدك في البداية طالما أن الأمر كذلك"، قال: "حتى لا تمنعوني من تنفيذ خطة "m.m.m"، فأطرق المحقق برأسه مجدداً وهو يجاهد نفسه حتى لا ينفجر ضاحكاً..، وختم التحقيق بعبارة (يرفع لسعادة.. بانتظار التوجيهات).