خطب الجمعة تتدخل في التعصب الرياضي
إمام مسجد يدافع عن القحطاني في الرياض وآخر يدعو على الترجي بالهزيمة
ياسر القحطاني مع رئيس الهلال السابق
قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون) صدق الله العظيم.
لم يأمرنا الله عز وجل بالسعي إلى المساجد لتأدية صلاة الجمعة لنستمع إلى رأي الإمام في النادي أو لاعب الكرة الذي يشجعه, ولا ليعظنا في شؤون النادي الذي يشجعه.. بل نسعى إليها لأنها درس أسبوعي له وظيفته التربوية التوجيهية، فخطبة الجمعة منبر ديني تُبيَّن من خلاله حقائق الإسلام ومضامينه وقيمه، حتى يتعلم الناس ويتفقهوا ويرشدوا، مع محاولة إيقاظ مشاعرهم الإيمانية وتجديد صلتهم بالله عز وجل وتعميقها، وتحصينهم من الانحراف والتطرف والزيغ عن هدى الله جَلَّ وعَلاَ، ولا يقوم بهذه الحقوق والوظائف حق القيام إلا الخطيب الكفء الذي لا يتصدى لشأن من الشؤون الأخرى إلا حينما يصبح قضية عامة تتطلب التطرق لها.
«الوطن» تفتح هذا الملف الشائك الذي أفرزه اتجاه بعض خطباء المساجد في عدد من ربوع عالمنا الإسلامي خارج الإطار المعهود لمضمون خطب الجمعة.. حتى وصل الأمير بالبعض منهم إلى الدعاء على فريق كرة بالهزيمة أمام آخر، أو الدفاع عن نجمه الكروي الذي يواجه سخطاً جماهيرياً.. وعلى النقيض فقد كان هناك من الخطباء الذين حملوا الرسالة السامية على أكتافهم وتناولوا موضوعات كروية من زاوية ترسيخ القيم والمبادئ الإسلامية، وقرع أجراس الخطر في حالة رفض قيم مغلوطة عبر نجوم الكرة الذين يتخذ منهم بعض الشباب المثل.
الدعاء على الترجي
في تونس, ذكر تقرير إخباري أن إمام جامع بمدينة «منزل بورقيبة» التابعة لمحافظة بنزرت التونسية, دعا على فريق الترجي الرياضي التونسي لكرة القدم بالهزيمة وبخسارة بطولة الدوري خلال خطبة صلاة الجمعة الماضية.
وذكرت جريدة «صباح الخير» التونسية الأسبوعية «لا تزال الاحتجاجات متواصلة على أشدها والانتقادات اللاذعة للإمام الذي دعا في صلاة الجمعة, الله, أن يهزم الترجي الرياضي التونسي ولا يمكنه من البطولة».
وأضافت الصحيفة «ذكر البعض أن هذا الإمام يحب النادي الأفريقي (الغريم الأزلي للترجي) ويشجعه بالدعاء في صلاته».
ونفى الإمام تهمة تشجيع الأفريقي, وقال إنه دعا على الترجي بالهزيمة وبخسارة البطولة لأن بعض مشجعيه بمدينة منزل بورقيبة لا يحترمون آداب الجنائز ويسيرون في مواكب تشييع الموتى متحدثين عن أخبار فريقهم دون «خشوع وتذكر لله وعقابه».
وازدادت حدة الانتقادات الموجهة للإمام وطالبته بعض جماهير الترجي بالاعتذار إثر تكبد ناديها هزيمة ثقيلة على أرضه الأحد الماضي وانسحابه من مسابقة كأس تونس بعد أن سحقه الاتحاد المنستيري 3/2 في مباراة نصف نهائي المسابقة.
ويتصدر الترجي ترتيب الدوري التونسي بـ67 نقطة بفارق نقطة واحدة عن غريمه التقليدي وملاحقه المباشر النادي الأفريقي.
الدفاع عن القحطاني
في الشهر الماضي، وبالتحديد يوم 17 أبريل الماضي الموافق الجمعة تناول خطيب أحد مساجد مدينة الرياض مهاجم فريق الهلال ياسر القحطاني, وذكر أن اللاعب يتعرض لإشاعات, وأن هذا أمر خطير على المجتمع، وأن القذف طال الملوك والوزراء والعلماء ورجال الدين حتى اللاعبين لم يسلموا منه، ثم تطرق إلى ياسر القحطاني وذكره بالاسم وأثنى عليه, وقال «أنا أعرفه شخصياً وما تعرض له لا يمت للإسلام بصلة, والجماعة إياهم «الله يكفينا شرهم» يروجون الإشاعات ضده, وهذا حراااام».
ما هو مهم أيضاً ويبعث على القلق أن البعض أراد أن يستأذن الخطيب في نشر هذه الخطبة على المنتديات كي تكون أوسع انتشاراً لإنقاذ ياسر القحطاني من هذه (الإشاعات), فيما ذهب البعض الأخر ليتهم الخطيب بأنه مشجع هلالي.
أبوتريكة.. «أمير القلوب»
في العام الماضي خصص إمام مسجد في قنا (جنوب مصر) خطبة الجمعة, للإشادة بما فعله لاعب الأهلي والمنتخب المصري محمد أبوتريكة، لاعب منتخب مصر، عندما كشف عن فانلة يرتديها مكتوب عليها «تعاطفاً مع غزة» إثر إحرازه هدفاً في مرمى السودان، خلال بطولة الأمم الأفريقية.
واعتبر الشيخ عبدالرحمن أحمد محمد، إمام وخطيب مسجد أبوبكر الصديق في حي راغب بمدينة قنا، ما فعله أبوتريكة دعوة إلى الإسلام بالحسنى ونصرة لإخوانه المستضعفين في غزة, وقال «الرسالة وصلت إلى أبعد حدود الكرة الأرضية»، واستنكر في الوقت نفسه معاقبة اللاعب ببطاقة صفراء، معتبراً العقاب تكميماً للأفواه التي تحث على نصرة المستضعفين, وقال «إن هذا التصرف جعله «أميراً لقلوب الشباب»، ودعا الخطيب الشباب بالاقتداء بأبي تريكة.
الدعاء للأهلي
ولم يخرج خطيب مسجد النادي الأهلي المصري عن تجاوزات سابقيه في هذه القضية, عندما خصص خطبة الجمعة الشهر الماضي لتفنيد ما يحققه فريق الأهلي الكروي من إنجازات كبيرة على مدار السنوات الخمس الأخيرة, وطالب المصلين بالدعاء للفريق حتى يتجاوز محنة هبوط مستواه حالياً الناتج من الإجهاد.
فتوى في الكاميرون
وفي الكاميرون, انضم خطيب مسجد جاروا إلى الجماهير المشجعة لفريق القطن الكاميروني, وخصص خطبة يوم الجمعة التي كان يخوض فيها الأهلي المصري لقاء الإياب مع القطن في نهائي دوري أبطال أفريقيا الماضي.. وأفتى الخطيب بوجوب التفاف الجماهير حول القطن وإزعاج الأهلي، واختتم الخطيب الخطبة بالدعاء إلى الله ليفوز القطن بالكأس الأفريقية، والدعاء على الأهلي!.
وفي مواجهة خطبة الخطيب الكاميروني, طلب لاعبو الأهلي زميلهم أبوتريكة الملقب بـ»القديس» بالاستعداد بكل الأدعية الدينية لمواجهة الدعاء الكاميرونى.
الفيفا في الجامع
وأنهت خطبة الجمعة التي ألقاها الشيخ طه إسماعيل باتحاد الكرة المصري أزمة الاتحاد مع نظيره الدولي «الفيفا» بعد أن شملت خطبته بعض المقترحات التي تنهي أزمة مجلس الاتحاد مع الأندية الـ48، باعتمادها أعضاء للجمعية العمومية، واقتصار شرط عدم الممارسة على منصب الرئيس فقط الذي كان يمثل خلافاً، مع تشكيل لجنة لدراسة شكل الدوري الجديد.
وحث الشيخ طه في خطبته رؤساء الأندية الهابطة للدرجة الأولى أو التي لم توفق في الصعود للدوري الممتاز, بالبعد عن رفع شكواهم للاتحاد الدولي, وأن تكون سلوكياتهم قدوة الصغار والنشء، وأن يضربوا المثل بحسن الحوار, بالإيثار وإنكار الذات وتقديم المصلحة العامة على المصلحة الخاصة, وضرب مثلا بحديث شريف «أقرب الناس لمجالستى يوم القيامة أحسنهم أخلاقاً». خطبة الشيخ طه أعادت للأندية صوابها ونسوا المخطط الذي أعدوه لإسقاط مجلس الاتحاد, واستجابوا للمطالبة بإعادة الشرعية للقرارات التي تصدر عن مصر، حتى لا تصبح الصورة سيئة بفعل أحد أبنائها.