رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنِي الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
( كـــتـــابُ الـــْـعِـلــْم )
[ باب: قول الله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً) ]
-----------------------
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: "بَيْنَا أَنَا أَمْشِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَرِبِ الْمَدِينَةِ وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَسِيبٍ مَعَهُ، فَمَرَّ بِنَفَرٍ مِنْ الْيَهُودِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: "سَلُوهُ عَنْ الرُّوحِ"، وَقَالَبَعْضُهُمْ: "لا تَسْأَلُوهُ لا يَجِيءُ فِيهِ بِشَيْءٍ تَكْرَهُونَهُ"، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: "لَنَسْأَلَنَّهُ"، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَقَالَ: "يَا أَبَا الْقَاسِمِ، مَا الرُّوحُ؟"، فَسَكَتَ، فَقُلْتُ: إِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ، فَقُمْتُ، فَلَمَّا انْجَلَى عَنْهُ، قَالَ: "وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الرُّوحِ قُلْ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتُوا مِنْ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلًا".
قَالَ الأَعْمَشُ: هَكَذَا فِي قِرَاءَتِنَا.
* رواهـ الـبـخـاري.
* ورد الحديث في صحيح البخاري في أكثر من كتاب وباب، وإنما أتيت بهذا الحديث كما هو موضح لكم أعلاهـ، من صحيح البخاري – كتاب العلم – باب: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً)، حيث أنه ذكر بهذا اللفظ تماماً.
-----------------------
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله: (خِرَب): وَالْخَرِب ضِدّ الْعَامِر.
قَوْله: (عَسِيب): أَيْ: عَصًا مِنْ جَرِيد النَّخْل.
قَوْله: (لا تَسْأَلُوهُ لَا يَجِيء): الْمَعْنَى لا تَسْأَلُوهُ خَشْيَة أَنْ يَجِيء فِيهِ بِشَيْءٍ، وَيَجُوز الرَّفْع عَلَى الِاسْتِئْنَاف.
وفي رواية: (لا يستقبلكم بشيءٍ تكرهونه).
قَوْله: (فَقُمْت): أَيْ: حَتَّى لا أَكُون مُشَوِّشًا عَلَيْهِ، أَوْ فَقُمْت قَائِمًا حَائِلا بَيْنه وَبَيْنهمْ.
قَوْله: (فَلَمَّا اِنْجَلَى): أَيْ: الْكَرْب الَّذِي كَانَ يَغْشَاهُ حَال الْوَحْي.
قَوْله: (الرُّوح): الأَكْثَر عَلَى أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ حَقِيقَة الرُّوح الَّذِي فِي الْحَيَوَان، وَقِيلَ عَنْ جِبْرِيل، وَقِيلَ عَنْ عِيسَى، وَقِيلَ عَنْ الْقُرْآن، وَقِيلَ عَنْ خَلْق عَظِيم رُوحَانِيّ، وَقِيلَ غَيْر ذَلِكَ.
وَنُشِير هُنَا إِلَى مَا قِيلَ فِي الرُّوح الْحَيَوَانِيّ وَأَنَّ الأَصَحّ أَنَّ حَقِيقَته مِمَّا اِسْتَأْثَرَ اللَّه بِعِلْمِهِ.