رَبِّ اغْفِرْ لِيَّ وَلِوَالِدَيَّ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِيْ صَغِيْرَا
اللهمَّ ارْزُقْنِي الْفِرْدَوْسَ الأعلى مِنْ غَيْرِ عِتَابٍ ولا حِسَابٍ ولا عَذَابْ
( كـــتـــابُ الـــْـعِـلــْم )
( باب: الإنـــْـــصَـــاتُ للـــعُـــلَـــمَـــاءُ )
-----------------------
عَنْ جَرِيرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ:
"اسْتَنْصِتْ النَّاسَ"، فَقَالَ:
"لا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ".
* رواهـ الـبـخـاري.
-----------------------
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله: (يَضْرِب): وَالْمَعْنَى لا تَفْعَلُوا فِعْل الْكُفَّار فَتُشْبِهُوهُمْ فِي حَالَة قَتْل بَعْضهمْ بَعْضًا.
قَالَ اِبْن بَطَّال: فِيهِ أَنَّ الإِنْصَات لِلْعُلَمَاءِ لازِم لِلْمُتَعَلِّمِينَ، لأَنَّ الْعُلَمَاء وَرَثَة الأَنْبِيَاء.
وَقَدْ وَقَعَ التَّفْرِيق بَيْن الإِنْصَات وَالاسْتِمَاع فِي قَوْله تَعَالَى:
(وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا)، وَمَعْنَاهُمَا مُخْتَلِف.
فَالإِنْصَات هُوَ السُّكُوت وَهُوَ يَحْصُل مِمَّنْ يَسْتَمِع وَمِمَّنْ لا يَسْتَمِع كَأَنْ يَكُون مُفَكِّرًا فِي أَمْر آخَر.
وَكَذَلِكَ الاسْتِمَاع قَدْ يَكُون مَعَ السُّكُوت وَقَدْ يَكُون مَعَ النُّطْق بِكَلامٍ آخَر لا يَشْتَغِل النَّاطِق بِهِ عَنْ فَهْم مَا يَقُول الَّذِي يَسْتَمِع مِنْهُ.
وَقَدْ قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ وَغَيْره: أَوَّل الْعِلْم الاسْتِمَاع، ثُمَّ الإِنْصَات، ثُمَّ الْحِفْظ، ثُمَّ الْعَمَل، ثُمَّ النَّشْر.
وَعَنْ الأَصْمَعِيّ تَقْدِيم الإِنْصَات عَلَى الاسْتِمَاع.
وَقَدْ ذَكَرَ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ أَنَّهُ قَالَ لابْنِ عُيَيْنَةَ: أَخْبَرَنِي مُعْتَمِر بْن سُلَيْمَان عَنْ كَهَمْسٍ عَنْ مُطَرِّف:
قَالَ: الإِنْصَات مِنْ الْعَيْنَيْنِ.
فَقَالَ لَهُ اِبْن عُيَيْنَةَ: وَمَا نَدْرِي كَيْف ذَلِكَ؟.
قَالَ : إِذَا حَدَّثْت رَجُلا فَلَمْ يَنْظُر إِلَيْك لَمْ يَكُنْ مُنْصِتًا، اِنْتَهَى.
وَهَذَا مَحْمُول عَلَى الْغَالِب. وَاَللَّه أَعْلَم .