.:[ باحـِ ثُ ــونَ عَنِ الاستِقَامَةِ فيـ زَمَنِ الانتكاسة ]:.
قومٌـ لطالما تلاطمت بهم أمواج الحياة .. وغرقوا في دنيا الشهوات .. كست وجوههم ظُلمات المعصية .. وكم اعتصرت قلوبهم من الذنوب حسرات ليس حسرة .. سنواتٌ عاشوها وروح الطاعة فيهم مأسورة ..
أفاقوا بعد غفوة طويلة .. أفاقوا وكأن ما مضى من أعمارهم سرابٌ غرّهم وجودهـ .. لهفوا لبابٍ فُتحت أبوابه إلى يوم القيامة .. باباً مَن قرَعَه لن يُخيّبَ أمله .. باباً طوبى لمن دخل منه قبل إغلاقه .. إنه باب التوبة .
إن قرع أبواب التوبة في زمنٍ عَلَته الإنتكاسة .. والشر بالأفق قد لاح بريقه .. زمانٌ قد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم : حينما قال :{ بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا } لهو أشد الأزمان الذي يتطلب من العبد أن يشد فيه على زمام نفسه .. وأن يُجاهدها في حياته .. ويتغلب على شهواته .. زمنٌ طريقه شائكـ .. ولا بُعد عن الشهوات والملذات إلا بالمعاركـ .. فكما أن النار حُفّت بالشهوات .. فالجنة حُفت بالمكارهـ .
إن طريق الاستقامة .. هو الطريق الآمن للخروج من هذهـ الدنيا بسلام .. وهو طريق النور الموصل للجنة .. فما الدنيا غير وسيلة لبلوغ أعظم غاية وأغلى سلعة { ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة } .
لطالما كانت الاستقامة واحة خضراء تكسوا القلوب .. وسعة صدرٍ وراحة للبال .. فبالطاعة والقرب من الله أمن وأمان دنيا وآخرة .. وما الخوض بالشهوات واللهو خلف متاع الدنيا والبعد عن الله إلا حياة مليئة بالمخاطر وسوء المعيشة ولنا فيما قاله ربنا وخالقنا من تصوير لحالة من يعيشون عيشة بعيدهـ عنه سُبحانه وتعالى فقد قال : { وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى } الآية
إن من السهل اليسير على كل نفس أن تسلك طريق الإلتزام والإستقامة .. لكنه من الصعب الثبات عليها .. وطريق الإستقامة مسلكٌ بحاجة إلى جَلدِ النفس والخوض في جميع مجالات الصبر صبراً على طاعة الله وصبراً عن معصية الله ..
وبالدفع للخير بالخير ، والشر بالخير تتسلح النفس ضد كل معصية للخالق سبحانه .. وقال بأبي هو وأمي { وأتبع السيئة الحسنة تمحها } .
والنفس بحاجة لمن يُطهرها ويُنقيها .. والسعيد من سعى لذلك وكسب المراد .. قد أفلح من زكاها .. وقد أفلح من تزكى ..
إن الطاعة التي هي مكمن الإستقامة والإلتزام .. لهي نور في الوجه وسعة في الرزق .. فلا خاب من قرب من الله .. ولا أمل لمن ابتعد عنه ..
أخيراً فما كان من صواب فمن الله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان
عذراً .. فعذراً .. ثم عذراً على الإطالة
دمتم يحفظ الرحمن ورعايته
.
.
منـــقول
اخوكم محمد الاسمري
أرجـوا الدعاء لوالدي بالشفاء العاجل