للهدية عظيم الأثر في استجلاب المحبة وإثبات المودة وإذهاب الضغائن وتأليف القلوب.
وهي دليل على الحب وصفاء القلوب ، وفيها إشعار بالتقدير والاحترام ، ولذلك فقد قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، قبلها من المسلم والكافر ، وقبلها من المرأة كما قبلها من الرجل ، وحث النبي صلى الله عليه وسلم على التهادي وعلى قبول الهدايا .
فكم من ضغينة ذهبت بسسبب هدية !!
وكم من مشكلة دفعت بسبب هدية !!
وكم من صداقة ومحبة جلبت بسبب هدية !!
قبول النبي قليل الهدية وكثيرها
* وكان عليه الصلاة والسلام يقبل القليل كما يقبل الكثير .
ففي الصحيح (البخاري:2568) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لو دعيت إلى ذراع أو كراع لأجبت ، ولو أهدي إلي ذراع أو كراع لقبلت ).
والكراع من الدابة ما دون الكعب .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله ( فتح الباري :5/236) : وخص الذراع والكراع بالذكر ليجمع بين الحقير والخطير لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها ، والكراع لا قيمة له .
إذا رددت الهدية فبين سبب ردها جبرا للخاطر
( إذا كان الخاطر يجبر بذلك ، أما إذا كان الخاطر يكسر ببيان سبب الرد فلا تبين والله أعلم )
وكان إذا رد هدية علل سبب الرد جبرا لخاطر المهدي .
ففي الصحيحين ( البخاري:2573 ومسلم 1193) من حديثالصعب بن جثامة رضي الله عنه أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا ، وهو بالأبواء أو بودان ، فرده عليه فلما رأى ما في وجهه قال : ( أماإنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ) .
قال الحافظ البن حجر رحمه الله : وفيه أنه لا يجوز قبول ما لا يحل من الهدية
قبول الهدية من النساء
(محل ذلك إذا أمنت الفتنة كما سيأتي التنبه عليه إن شاء الله تعالى )
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية من النساء كذلك .
ففي الصحيحين ( البخاري: 2575 ومسلم ص 1544) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : أهديت أم حفيد خالة ابن عباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطا وسمنا وأضبا فأكل صلى الله عليه وسلم من الأقط والسمن وترك الأضب تقذرا .
قلت : وفيه من الفقه أن المهدي إذا أهدى هدية ورد منها شيء لعلة فلا يحزن ويلتمس العذر لمن رد الهدية أو جزاء منها ما دامت العلة واضحة .
وأخرج الإمام أحمد (المسند:4/189) بإسناد حسن من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه قال: كانت أختي تبعثني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدية فيقبلها .
لا ترجع في هبتك
وشيء سيئ أن تهدي ثم تعود في هديتك وترجع في هبتك فأولى لك أن لا تهدي أصلا أفضل من أن تهدي وترجع في هديتك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :
( العائد في هبته ك***** يرجع في قيئه ) . { البخاري:2589 ومسلم:1622 من حديث ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا } .
إياك أن تهدي ثم تمن
وكذلك لا تهدي ثم تمن على من أهديت له ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم : ( قول ومعروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقتكم بالمن والأذى) .
{البقرة:263،264} .
فلا تعطي الأعطيات وهب الهبات وتقدم الصدقات ثم تتبع ذلك بالمن فالمن يبطل ثواب الصدقات وثواب الهدايا قضلا عما يدخر للمنان من العذاب .
قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) قال فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار ، قال أبو ذر : خابوا وخسروا ، من هم يارسول الله ؟ قال : ( المسبل والمنان والنفق سلعته بالحلف الكاذب ) .اخرجه مسلم :106 من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا .
وفي رواية أخرى عند مسلم أيضا : ( المنان الذي لا يعطي شيئا إلا منه ) .
ملك التحديات