لم يكن الذين استوطنوا منطقة جازان وعاشوا فيها مهمشين أو مجموعة خاملة في الحياة ، لم يتركوا شأنا من شئون الحياة إلا واشتغلوا به وفيه وعليه، أزعم انهم كانوا مبدعين في جميع ما قالوا وما فعلوا
ألم تر أنك تنظر إلى إبداعهم طوال الوقت : عندما تجلس على القعادة فإنك إن تمعنت فيها تجد أنها لا
تخلو من فن،، الحبال أعدت بأنامل مبدعة ،،،، النجار الذي صنع خشبها من سارع وكلال ورُكب وماد ،، أليست هذه اللمسات إبداع في إبداع؟
أزعم كذلك أنهم كانوا مبدعون في القول لدرجة التلاعب باللفظة :
صيد فوق م***ر امغربي هتيبه أثر امهاته سبع بعده هتابا
لو تطلبني حرير من الحديدة هاتيبه ولو أطلبك حاجة صغيرة هتابا
العاشقون للتراث والفن الأصيل سيجدون أن أجدادنا " غير " ،،، لم يترك الشعر بابا إلا وطرقه حتى في عصرنا اليوم تغنى بعضهم بدبابه وسيارتة وربما " فريره أو رخلته " ولكن من الذي سبق وأن طرق أبوابا لم يسبقه أحد إليها ؟ الجواب هم أجدادنا أسود تهامة .
ذات يوم ذهب شاعر لزيارة صديقه في قرية بعيدة فأكرمه وأهداه دبع سمن ، وكانت الهدية غالية وأثيرة ، عاد الرجل إلى بيته وطفق يستعمل ذلك السمن حتى شارف على الإنتهاء ففكر أن خيط السمن الباقي سيفيده إن هو استعمله في تدليك بشرته به " فقد " صلفنّه مشماسي وقلبن ديمه " ، سكب ما تبقى من السمن في الغظار ، تذكر أن ثيابه نظيفة ولا يريد أن " يجعثها " ويوسخها بالسمن بعد أن " يتمرّخ " به فدلف إلى الداخل ولبس " شلافغ " عاد حيث ترك السمن على الطراحة فوجد أن الهر قد لحس السمن بالكامل وواقف ينظر اليه و "يماوي " ...
نظر الرجل إلى الهر بحقد وعلى التو أنشأ يهجوه على فعلته خاصة وأنه لم يكن ليتوقع أن هذا البس المسال بالذات " سيعبر أو يعزّر عليه "، بينما هو كذلك سمعه جاره _ وهو أشعر منه_ فقال له ما بك ، ؟ فحكى له قصة الهر والسمن .... فما كان من الجار إلا أن طلب منه أن يستمع لما سيقول بدوره هجاء وتهزيئا للقط قليل الأدب المعتدي الآثم ، فأنشأ يقول :
يا بس منتاش حق معزار عدك يعجبك غرامي
معايه خيط سمن بار لحستاه وعادك قيمٌ عسى شتطعم مسلامي؟
لك والله هارع يمزق لك مظفار اللي تهطّش بها مقشامي
لحست سمن امغظار هـــــــاه لا تلبدش يا حرامي
والله ملكش سمن مغظار لك حنشين فوق مجدار تغداها ولا تقيل جايعٌ وظامي
والله لأيتيلك من عند الشيخ بحظار واثنين عسكر واحد نظامي
وأحارش عليك بو منياب مكبار يهبّـــك مشوار لما يثور مغبار
واخليك لمبسس مزار ونهب عليك سبع حجران مصامي
فما كانت لحظة إلا وتمدد البس وماوي ميواته الأخيرة ومات .
الشاهد : انظروا بالله عليكم لإلى الخيال الخصب وأنسنة عنصر غير إنساتي ومخاطبته بمنطق على أنه إنسان ، هل هذا هو الإبداع ؟ أم أنّ الإبداع شيئ آخر ؟
" لا تقولونليش لا مش ذيه هو امإبداع "
تخلفني عليكن العافية