الكتاب من إعداد: د. ناصر إبراهيم المحارب
معظم أجزاء هذا الكتاب مترجمة بتصرف من كتاب
مواطن الضعف لديك / لوين داير (1977)
الطبعة الأولى للكتاب عام 1411هـ – 1990م
مطابع الفرزدق – توزيع مؤسسة الجريسي/ الرياض.
جاء الكتاب في 179 صفحة، من القطع المتوسط، وقسم إلى عشرة فصول، رتبت بطريقة جميلة.
سأضع هنا ملخصا لكل فصل على حدة.
تحدث الكاتب في الفصل الأول عن القدرة الذاتية على التحكم بالانفعالات وابتدأ بتعريف السعادة على أنها “الشعور بأن الحياة جديرة بالعيش فيها“، وأنها تنبع من داخل الإنسان وليس من أشياء يمتلكها أو أشخاص يجب أن يكونوا بقربه ليشعر بالسعادة، وربط بين السعادة والذكاء بجعله المقياس الحقيقي للذكاء هو القدرة على العيش كعضو سعيد وفعال في المجتمع، والشخص الذكي هو الذي يستطيع التعايش مع مشكلاته اليومية، حتى ولو لم يتمكن من حلها.. فالسعادة ليست مرتبطة بغياب المشكلات.. لأن المشكلات مرتبطة بالحياة.
أن تتفادى التعاسة، فهذه عملية صعبة وبحاجة إلى تمرين، ولكن حاول أن تتعلم السعادة لأنها الحالة الطبيعية لكل إنسان.
التعاسة تجعلك تشعر بخمول نفسي قد يؤدي بك إلى الجمود، الذي عرفه بأنه الحالة (شديدة أو متوسطة) التي تمنعك من القيام بنشاطاتك المختلفة بالدرجة التي تريدها أنت. ويمكنك التخلص من الجمود بأن تعيش اللحظة (الحاضر).
في طريقك للبحث عن السعادة، ومحاولة إنجاز الكثير من الأمور؛ ستجد نفسك مدفوعا بأحد أمرين؛ الأول: الشعور بالنقص، والآخر: الرغبة في النمو. وإذا كان دافعك الحقيقي هو الرغبة في النمو فقد سلكت الطريق السليم. إذا أحسست بأنك تنمو فهذا يكفي، لأن هذا أفضل بكثير من أن تجعل دافعك الوحيد إصلاح أشياء تشعر من خلال آراء الآخرين أن لديك نقصا فيها. النتيجة الطبيعية لاختيارك للنمو كدافع هي قدرتك على أن تكون مديرا لنفسك في كل لحظة من لحظات حياتك، القدرة على إدارة نفسك تعني أن بإمكانك تسيير الأمور في صالحك.
أما الفصل الثاني يخبرك أن فاقد الشيء لا يعطيه، فلكي تكون قادرا على محبة الآخرين لا بد من أن تحب نفسك، وأبرز ما جاء فيه أن تعرف قيمة ذاتك التي لا يمكن لك أن تشعر بها من خلال الآخرين، أنت قدير إذا اقتنعت بذلك، ومعنى اعتمادك على الآخرين في تقييم ذاتك فإنك ستحصل على قيمتهم الذاتية وليس قيمتك. عليك أن تقدر ذاتك ولا تحتقرها ولا تعظمها لتصاب بمرض حب الذات، فالموازنة مطلوبة في هذا الأمر.. مطلوب فقط أن تحب ذاتك بالقدر الذي يمكنك من أن تحب الآخرين (فاقد الشيء لا يعطيه).
من أجمل ما جاء في هذا الفصل تعريفه للحب على أنه “القدرة والاستعداد لإعطاء الفرصة لمن تحب لكي يتصرفوا على ضوء الطريقة التي تعكس شخصياتهم الحقيقية“، لأنك إذا إذا أحببت نفسك أصبحت قادرا على أن تحب الآخرين، وتعطي الآخرين وتساعد الآخرين عن طريق حبك وعطاءك ومساعدتك لنفسك أولا.
حين تقول لأحدهم بأنك تحبه لا تنتظر ردا مماثلا لتشعر بالسعادة، يكفي أن تعبر أنت عما تشعر به. ومن المهم أن تفرق بين الحب النابع من الذات ولحب المبني على ردود فعل الآخرين، ولا تربط بين القيمة الذاتية للشخص بالتصرف الذي يبدر منه، بإمكانك أن تقول أنا لا أحب الطريقة التي تصرفت بها بدلا من أن تقول أنا لا أحبك. والشيء نفسه معك أنت لا تقيم ذاتك وفقا لتصرف تصرفته في وقت ما، من المهم أن تقبل ذاتك كما هي ثم تحاول تغيير الصفات التي لا تعجبك في نفسك, أو جسمك. قد لا تكون راضيا عن جسمك وهذا أمر مهم في تكوين صورة عن نفسك، إذا كان ما لا يعجبك أمر يمكنك تغييره لأنك أنت (وليس الآخرون) من يريد ذلك فحاول تغييره وإن كان ما لايعجبك أمر لا يمكنك تغييره فحاول أن تحبه كما هو، قبولك لذاتك يعني أن تحب جسمك كما هو. كما أن الصورة التي تكونها عن نفسك يجب أن تكون أكثر واقعية، لا تحتقر ذاتك أو تقلل من قدراتك العقلية أو خبراتك الاجتماعية، لأنك لو شعرت أن لديك نقص في أي جانب من الجوانب يمكنك وبقليل من التدريب أن تصل لما تريد وتحصل على المهارات التي تريدها سواء كانت اجتماعية أو رياضية أو فنية وخلافه. لتشعر بالسعادة حاول أن تقبل نفسك بدون تذمر، فالتذمر والشكوى لن تفيدك بشيء، لا يمكن لأحد من الناس أن يفعل لك أي شيء سوى الاستماع إليك وربما حاول أن ينفي عنك بعض الصفات التي تلصقها بنفسك، ولكنك لن تصدقه لأنك لا تريد ذلك. الشكوى تكون مفيدة إذا كانت موجهة لشخص يمكنه مساعدتك حقا.
الفصل الثالث يخبرك أنه من المستحيل أن تحوز على إعجاب كل الناس، لأنك لإن حاولت ذلك فهذا يعني أنك تعطي رأي الآخرين فيك قيمة أكبر من رأيك أنت. نيل إعجاب الآخرين أمر مرغوب، فجميع الناس يطربون للمديح، ولكن المهم أن لا تشعر بأنك بحاجة لهذا الإعجاب، وبأنك تشعر باستياء لو لم يبد الجميع إعجابهم بك، من المستحيل أن يتفق الناس على أمر واحد ليعجبوا به أو يرفضوه، فكر في أن 50% من الناس قد يعجبون بما تقول أو بما تفعل واكتفِ بذلك. رغبتك للحصول على إعجاب كل الناس قد تدفعك لأن تفعل أشياء لا تريدها أنت ولكنك تفعلها ليمتدحك الآخرون.
للعائلة والمدرسة دور كبير في جعل الطفل يسعى لنيل الإعجاب دائما، إذا كان الوالدين يربيان طفلهما على طريقة لا تجعله يعرف كيف يفكر، ويجب أن يستشيرهما في كل شيء، فهو سيعاني من هذا المرض إذا كبر، في المدرسة يخبرك المدرس بأنه عليك أن تستأذن قبل القيام بأي تصرف، عليك أن تكتب الدرس بطريقة معينة، وإذا خالفت هذه الطريقة ربما حصلت على لفتة من المدرس أو رسالة من المدرس لوالديك مفادها بأنك لم تحصل على استحسان المدرس بالدرجة المطلوبة.
ذكر المؤلف أن بعض الأغاني تعلمك الحاجة لنيل رضا الغير واستحسانهم (لا أستطيع العيش بدونك، حياتي تعتمد عليك، وغيرها من المعاني).
أما الفصل الرابع تحدث عن التخلص من صدمات الماضي الذي تعلقت بك على هيئة صفات ونعوت؛ كأن تصف نفسك بأنك عصبي أو غبي أو لا يمكنك عمل هذا الشيء، وحين يسألك أحدهم لماذا؟ تجيبه بقولك هذا أنا، أنا دائما هكذا، لا أستطيع ان أغير أي شيء من ذلك، هذه هي طبيعتي.
وكأنك تقول بأن هذه الصفات موجودة فيك منذ زمن بعيد وأنها ستستمر معك للأبد.
تختار هذه الصفات لأنك لا تريد أن تحاول وتغير بعض جوانب الضعف لديك، قد تكون ضعيفا في مادة الإملاء لكنك تصر على أنك ضعيف ولن تتمكن من تعلم الإملاء أبدا؛ وهذا غير صحيح.
وينتهي الفصل بجملة أعجبتني جدا (كل وصف اخترته لنفسك وجعلته يعترض نموك يجب التخلص منه في الحال؛ فإن أصررت على أنه من الضروري أن يكون لك صفة فلتكن “أنا شخص قادر على التخلص مما ألصق بي من صفات“).
الفصل الخامس يخبرك أن الشعور بالذنب والقلق هما انفعالان لا فائدة منهما أبدا، أن تشعر بالذنب لشيء حدث في الماضي ولا يمكن إصلاحه، وتقلق على شيء مستقبلي قد يحدث وقد لا يحدث ولا يمكنك أن تقوم حياله بأي شيء، لأن أمره عند الله وحده. الشعور بالذنب يختلف عن الاستفادة من أخطاء الماضي، فالشعور بالذنب يمنعك من العمل خشية أن تخطيء أما التعلم من الأخطاء معناه أن تعمل وتستفيد من أخطائك السابقة. يساهم الأهل والمجتمع في جعلك تشعر بالذنب حين تسمع عبارات مثل (لقد ضحيت من أجلك، لو كنت تحبني لما فعلت كذا، والد صديقي يحضر لابنه ألعابا كثيرة، وغيرها).
القلق على المستقبل يختلف عن التخطيط للمستقبل، فالأول يجعلك تشعر بالإحباط ويمنعك عن العمل، أما الآخر يجعلك تعمل وتنجز لتحقيق ما خططت له. يمكنك التخلص من القلق بأن تجعل له وقتا محددا تسميه “وقت القلق” وتفكر بكل الأشياء التي يمكنك أن تقلق لأجلها، فكر بما يقلقك في هذا الوقت فقط، مع تكرار هذه العملية ستشعر أنه لا جدوى من ممارسة القلق وأنك ستكون أكثر راحة بدونه، أو اكتب قائمة بالأشياء التي كانت تقلقك بالأمس أو الأسبوع الماضي، ثم اسأل نفسك هل ساعد قلقك في تغيير شيء من هذه الأشياء؟ ستجد أن القلق أهدر وقتك بلا فائدة.
أفضل طريقة للقضاء على القلق هي الحركة، اعمل أي شيء لتتجنب القلق.
وهذا يقودنا لما ذكر في الفصل السادس كيف تكتشف الجديد من الأشياء، وتبتعد عن الأعمال الروتينية والمعروفة بدايتها ونهايتها مسبقا، ولا تصبح كالأغلبية الذي يعتقدون أن الشيء غير المألوف هو شيء خطر بالضرورة، لتحصل على حياة مثيرة حاول أن تعمل أشياء تقوم بها لأول مرة، وإذا كنت تملك ثقة كافية بنفسك فهذا يعني أنك تستطيع القيام بأي شيء.
أن تجرب أمرا مختلفا عنك معناه أنك تملك مرونة وعفوية تمكنك من إتاحة الفرصة لغريزة حب الاستطلاع، ويؤكد لك بأنك لست شخصا متصلبا لا يمكنه النمو، من كان متصلبا لا يمكنه الاختلاص مع الناس دون أن يصنفهم ويفرق بينهم ومن لا يعرفه يحاول تجنبه ويحصر نفسه فقط بالأشخاص الذي يعرفهم، مبررا بذلك أنه لا يثق في أي شخص لا يعرف نتيجة تعامله معه، وهذا بالحقيقة يحتاج لمراجعة ثقته بنفسه. هل تخطط لكل صغيرة وكبيرة؟ هذا في الحقيقة يجعلك تفقد الاستمتاع الكامل بالحياة، لأن التمسك الشديد بالخطة لا ينفعك إلا إذا كنت تعرف كل ما سيحدث في المستقبل! وقد يجعلك هذا تفقد الشعور بالأمن لأنك لا تستطيع أن تخطط لكل صغيرة وكيرة في حياتك، الشعور بالأمن ينبع من الداخل، ينبع من احترامك لذاتك. تستطيع أن تضاعف شعورك بالأمن إذا كنت قادرا على الإنجاز.
يمكنك الإنجاز دون أن تخاف من الفشل، فالفشل غير موجود، هو فقط رأي شخص معين في الكيفية التي يجب أن ينهي بها عمل شيء معين، وعندما تدرك أنك لست ملزما بأن تؤدي عملا بالطريقة التي يحبها الآخرون، يكون الفشل مستحيلا. تخشى الفشل لأنك تسمع دائما عبارات من قبيل “أنجز هذا العمل على أحسن وجه”، فيخشى البعض القيام بأي عمل خشية أن يفشلوا ولا يصلوا للكمال، وهذا يجعل الشخص يحرم نفسه الكثير من النشاطات المفيدة لأنه لا يجيدها تماما، مع العلم بأن الكمال لله وحده، وليس من صفات البشر، فكيف طلبه منهم؟ الخوف من الفشل قد يكون دافعه الخوف من عدم حصولنا على نيل إعجاب الآخرين.
نصيحة الفصل السابع تخلص من عوائق العادات والتقاليد الضارة، بعض الناس يتصرف وفق ما تمليه عليه العادات والتقاليد ويطبق ما يجيء فيها حرفيا بدون مناقشة أو حتى اعتراض، ولا يستطيع أن يتعامل معها بطريقة أكثر مرونة، حتى لو أنه لا يحب العمل بما جاء فيها لأنه يعتقد أنه من العيب مخالفة العادات والتقاليد وكأنها قانون.
لا يوجد شيء مطلق باستثناء كتاب الله وسنة رسوله.
الاعتماد على العادات والتقاليد يجعل الشخص خارجيّ التوجه، أي تتأثر شخصيته بالعوامل الخارجية أكثر من العوامل الداخلية، لأي شيء يلجأ الشخص خارجي التوجه عند حدوث خطأ ما؟ إلى اللوم وهو الأسلوب الأسهل الذي يبرر به رغبته التخلي عن مسؤولية ذاته وإلقائها على الغير، اللوم ما هو إلا وسيلة لإضاعة الوقت دون أن تتمكن من تغيير ما حدث من أخطاء.
قد تكون إنسانا مترددا ولا تقم بفعل الكثير من الأشياء لأنك تحشى أن لا تصيب.
لا تستطيع اتخاذ قرار خشية أن يكون قرارك خاطئا، لتكون شخصا فعالا هذا لا يعني أن اختياراتك يجب أن تكون جميعها صائبة، لأنه لا يوجد ثابت يمكن أن يمسى صواب أو خطأ، هناك في الغالب حالة بين الصواب والخطأ، والصواب يختلف من شخص لآخر ومن وقت لآخر.
الفصل الثامن يتحدث عن شرك العدالة في التفاعلات الاجتماعية، يعتقد البعض أن العدل يجب أن يصاحب كل موقف اجتماعي، وعندما لا يحدث ذلك نشعر بالقلق وعدم الراحة النفسية. ومن أكثر الجمل التي نستخدمها وتساعد في هدم العلاقات الاجتماعية (هذا ليس عدلا، ليس من العدل أن يملكوا أكثر مما أملك)، ولأنك لا تستطيع القيام بعمل قام به شخص آخر فهذا يدفعك للاتكالية، وتبتعد عن الاعتماد على نفسك. يكمنك التخلص من هذا الشعور إذا استطعت أن تتخلص من مقارنة تصرفاتك بتصرفات الآخرين واستعمال مستوياتهم كمقياس لسعادتك، وجود المساواة أو عدمها في العلاقات الاجتماعية لا علاقة له بسعادتك، المهم كيف تنظر لهذه الظاهرة التي يصعب تحديدها.
الفصل التاسع يخبرنا بالقاعدة الذهبية التي تغيب عنا كثيرا: لا تؤخر عمل اليوم إلى الغد. التأخير عادة تتميز بصفتها العالمية، لو تأملنا الأعمال المؤخرة نجدها في الحقيقة أعمال عير منجزة وليست نؤخرة.
لتتخلص من عادة التأخير عليك أن تتجنب ثلاث كلمات (أتمنى، أرغب، ربما).
تأخير عمل الأشياء يعني انسحابك عن المسؤولية، وانتظار الأمور تنجز نفسها بتفسها، وهذا يدفعك للكسل.
العوامل المحيطة بنا “الظروف، المواقف، والناس” لا تتحسن دون بذل أي جهد.
أن تؤخر عمل الأشياء فهذا يعني أنك اخترت وبشكل غير مباشر عدم إنجازها، وربما تحولت إلى شخص ناقد، غالبية الذين لا يعملون هم أكثر من ينتقد الآخرين.
الشعور بالملل هو أحد دوافع التأخير، ولكي تبعد الملل عن نفسك لا حل أمامك سوى أن تعمل.
وإذا كنت تريد أن يتغير العالم لا تشتكي فقط.. قم بعمل شيء ما.
الفصل العاشر والأخير يحدثنا عن الاتكالية وكيفية التخلص منها، المقصود بالاتكالية النفسية أن يختار لك الآخرون الطرق التي تتصرف بها وأحيانا الحاجات التي تستعملها، وفي نفس الوقت تحصل على مكافآت لذلك الإذعان. أما الاستقلال النفسي يعني عدم الحاجة النفسية للآخرين، وهذا لا يعني عدم الرغبة في الاحتكاك بالآخرين. الشخص الاتكالي يربي أبناءه على الاتكالية أيضا، فهو يعتقد أن طفله لن يتمكن من عمل أي شيء بنفسه ويجب عليه كوالد أن يعمله له.