افعل ما فعل الصحابي ان استطعت واليك الحديث
حدث في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ، أنه كان في مجلس مع أصحابه وكبار الصحابة منهم المبشرين بالجنة ، فقال لهم : سيطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ، فاشتاق الصحابة لمعرفة هذا الرجل الذي حظي بهذا التشريف ، فإذا برجل رث الثياب تقطر لحيته بماء الوضوء ولا يعرفه من الصحابة أحد فجلس إلى مجلسهم ثم غادر بعد مدة من جلوسه .
وحدث و أن تكرر هذا المشهد مرتين وفي كل مرة يطلع عليهم نفس الرجل ، ولأن الصحابة الكرام لا همَّ لهم إلاّ الجنة فقد أراد الصحابي الجليل عبد الله بن عمر أن يعرف ما الذي أهَّل هذا الرجل لأن يبشر بالجنة ثلاثا ، ولم يبشر كبار الصحابة بها إلاّ مرة واحدة .
وفي اليوم الموالي قصد عبد الله بن عمر منزل الرجل وقال له : يا أخ الإسلام إنه قد حدث بيني وبين أبي من الخلاف ما حدث، وإني لأرغب أن أنزل عندك أياما حتّى يزول ما بيننا. فرحب به و آواه في منزله، و بعد ثلاث أيام من ملاحظة و مراقبة ابن عمر للرجل قال له : ألا فاعلم يا أخ الإسلام أنه ليس بيني و بين أبي شيء ، غير أن رسول الله بشَّرك بالجنة في مجلسنا ثلاثاً ،فرغبت أن أعرف السّر ولكنني لم ألاحظ فيك كثرة صيام و لا صلاة ولا صدقة إلا الفريضة و بعض النوافل ، حتّى أنني و كبار الصحابة أكثر عبادة و تقربا لله منك ، فمالذي شرّفك بهذه البشرى ؟ استغرب الرجل بشارة النبي في شرفه وقال : والله يابن عمر ليس إلاّ ما رأيته … وبعد تفكير قليل قال الرجل: هناك شيء قد يكون هو ما قصده الرسول ، فإنني لا أبيت ليلة إلا وقد عفوت عن كل من ظلمني مهما كانت المظلمة و أُشهد الله على ذلك ثم أنام وليس في نفسي حقدا على أحد من عباد الله ، هنا قال ابن عمر : ألا فإنها هذه .
من القصة: إنها سريرة النفس التي بين جنبيه و قد زكّاها و عفوه هذا عن كل الناس و حسن الظن ، بهذا استحق البشارة ثلاثا بالجنة ولم يبشر بها عمر ابن الخطاب إلاّ مرة واحدة وهو الذي قال فيه رسول الله : لو كان بعدي نبي لكنت أنت يا عمر ، و هو الصحابي الوحيد الذي تخشاه الشياطين ، وهو من هو في التفريق بين الحق والباطل حتّى لُقب بالفاروق…. ولم يبشر بها أبو بكر”الصدّيق” إلا مرّة وهو الذي إذا وضع إيمانه في كفّـــة و إيمان الأمة في كفّــة لرجحت كفّتــه.
فأين نحن من هذا الرجل ومن مجتمع الصحابة و أغلب أمراض عصرنا هذا مصدرها القلوب و النفوس و سببها أمراض الغِل والحسد والكبر وعزة النفس بالإثم ،
هي إذا دعوة لمراجعة ذواتنا و أنفسنا و محاولة معالجة أمراض مجتمعنا فبهذا فقط تستقيم أمورنا وحياتنا .
هذه النفس التي قال فيها رسول الله ( ص) بعد غزوة تبوك :رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر ، قالوا و ما الجهاد الأكبر ؟ قال جهاد النفس التي بين جنبيكم.