تؤكد كثير من العائلات ان سفر رب العائلة لوحده والزوجة وابنائها لوحدهم ظاهرة ليست جديدة على المجتمع السعودي، وتحمّل عدد من الزوجات الزوج في هذا الوضع. فالمرأة بطبيعتها تحب ان تستمتع مع أسرتها بعكس الرجل الذي يفضل اصدقاءه على الاسرة، بينما يرى الرجال ان اهتمام المرأة بالسفر لا يتوافق مع اهتمامهم فهي تبحث عن الاسواق والسهرات وتجمع صديقاتها اللاتي معهن في السعودية، حول هذه القضية التقينا عدداً من السيدات اللاتي يسافرن بدون رب العائلة للتعرف من خلالهن على اسباب سفرهن بدون ازواجهن، من طرائف هذا الموضوع ان معظم ضيوفنا خاصة النساء تحدثن الينا وهن خارج البلد، كما ان ضيوفنا من الرجال والنساء يشترطون عدم ذكر اسمائهم او أي شيء قد يدل عليهم ليس خوفاً من تعرف الناس عليهم خصوصاً المرأة والتي تخشى ان يرى زوجها الموضوع فيحاسبها على ما قالت لأن معظم الكلام سيكون هو محوره كما ان الرجل يخاف ان ترى زوجته الموضوع فتعرف الاسباب التي من اجلها لا يحب مرافقتها في السفر فتشتعل نار خامدة منذ سنوات، وكان لهم ما طلبوا فخرجنا بهذه الآراء المثيرة.
أزواج لا يستمتعون برفقة الزوجة
في البدء تحدثت سيدة متزوجة منذ ستة وعشرين عاماً - ربة منزل - تقول (منذ زواجي لم اسافر انا وزوجي إلا مرة واحدة وكان ذلك بعد زواجنا بعام واحد حيث ذهبنا الى الحرم المكي والنبوي، ثم اصبح سفرنا برفقة اهله. وهذه الرفقة تحتم ان يكون الرجال في مكان منفصل عن النساء مما يجعل الايام تمر لا نرى بعضنا البعض وهذا الوضع شبيه بأن كل واحد على حده وكنت أتضايق من هذا الوضع بينما زوجي يراه أمراً طبيعياً بل ويحبذه، وعندما كنت اطلب منه السفر خارج المملكة لا سيما ان عمله كان يتطلب منه السفر بين فترة واخرى كان يتحجج بأمور كثيرة وعندما يرى اخواته البنات يسافرن من غير ازواجهن كمجموعة سيدات كان يطلب مني مرافقتهن مع ابنائي ويعتبر هذا الوضع تلبية لطلبنا بالسفر، في بداية السنوات عندما كنت اسافر كان يعدني بالحضور بعد كم يوم وتمضي مدة السفر جميعها ولا يحضر وعندما اسأله كان يقول (كلكم حريم وش اجي أسوي معكم؟!) علماً انه هو من اقترح هذه السفرة، ومع مرور الوقت اعتدت على هذا الوضع وهو ايضاً لا يود تغيير الحالة بل دائماً اشعر انه يتحاشى فتح موضوع سفرنا مع بعض لذا تجنبت هذا الموضوع واصبحت اسافر لوحدي مع ابنائي واعتدنا على هذا).
حرق الأعصاب
أما صفية - موظفة ادارية - فترى ان السفر مع الصديقات افضل رغم انها تفضل السفر مع زوجها وتقول (لقد سن زوجي سنة السفر معنا عاماً وان اسافر مع اهلي عاماً وكنت اشعر حينما يسافر معنا انه لا يستمتع مثلما يكون مع اصدقائه، حيث نشعر انه يؤدي واجباً فلا يقترح أي مكان يمكن ان نذهب اليه ويظهر عليه الملل مما يجعله في بعض الاوقات يبقى في الفندق يتابع الرايح والجاي، وهذا الوضع يسبب لنا الضيق والضجر خاصة انا حيث اشعر طوال جلوسه لوحده في الفندق بالقلق وعدم الارتياح مما يجعلني انقل هذه المشاعر لأبنائي فأفسد عليهم متعتهم (لأني اكون على اعصابي) رغم انه لا يبالي حتى جاء يوم ونحن نجلس على الغداء في أحد سفرياتنا وقال دون ان يشعر.كم تبقى لنا لنعود؟ كان لهذا السؤال وقع الصاعقة علينا رغم انه حاول ان يتداركه بعدها قررت ان لا يسافر معنا إلا اذا رغب فعلاً بذلك وهذا لم يكن رأيي انا وحدي حتى ابنائي سبقوني بهذا الرأي، واستقبله بفرحة ونفذه مباشرة).
الكبسة
وتذكر أم اياد - معلمة - أنها تفضل السفر مع أبنائها لأن زوجها يضايقهم فترة السفر فهم قد يمضون منتصف اليوم دون طعام وهو يلزمهم بضرورة تناول الوجبات ويصر في معظم الأوقات على الطبخ السعودي والشاي والقهوة المرة. وتقول (أنا من أطبخ حينما يصر على الطعام السعودي - الكبسة - وهذا الوضع يسبب بيننا كثيراً من الخلافات مما يفسد متعة السفر فقررنا ان لا نسافر مع بعض وكان أبنائي متحمسين لهذا القرار فهم يتضايقون من ان والدهم في كل مرة نسافر يبحث عن أجواء مماثلة لجو السعودي بينما من اهداف السفر التعرف على ثقافات وأجواء جديدة).
وللرجال رأي في هذه المسألة وإن كان حماسهم اقوى من حماس السيدات في رغبة السفر بدون الزوجات، كما لمسنا انهم اشد حرصاً من عدم ذكر أسمائهم ان كنا نرغب في الحصول على الصراحة دون رتوش، فيقول تركي - موظف حكومي - وهو متزوج منذ ثمانية عشر عاماً (أنا أسافر مع عائلتي وقت الصيف خاصة في الأيام الأولى من سفرهم وحقيقة لا اخذ راحتي في السفر معهم فزوجتي تقابل صديقاتها هناك وتمضي جل وقتها معهن كما ان اهتماماتي مخالفة لأفراد عائلتي تماماً. فأنا اكتفي بالجلوس أمام البحر او الطبيعة الخضراء او في بهو الفندق والنساء لا يناسبهن هذا الوضع فهي تريد ان تلف البلد منذ استيقاظها في الظهر حتى الليل لتدور بين الأسواق والمطاعم بدون هدف معين، وهذا لا يناسبني وأشعر انه ضياع للوقت وهذا الشعور يولد لدي ضيق ينعكس على تصرفاتي فيجعلنا في حالة توتر، كما ان مرافقتي لهم في الأماكن التي يزورونها تجعلني في قالب المسؤولية الذي احاول ان اتخلص منه في فترة السفر).
أما أبو هيثم - يدير مكتب عقار - فهو يرى ان الذهاب مع النساء يسبب الضجر، والهدف من السفر هو الترفيه، كما ان من اهداف السفر ان يخلو كل زوج بنفسه ويرتاح من الطرف الثاني ليشتاق اليه وتتجدد الحياة!! ويقول (طالما كبر أبنائي حيث يبلغ أكبرهم ثمانية عشر عاماً فقد جيرت له مهمة مرافقة والدته وإخوته وقت السفر، وعمره الان وأخوته الذكور ينسجمون مع خطة والدتهم وأخواتهم في الترفيه ويروق لهم جدولهم اليومي المليء بالحركة وحب التسوق. اما زياد - موظف حكومي - فكان أكثر جرأة من غيره حيث صرح ان سفره مع أصدقائه يعطيه فرصة ان يحضر الحفلات المختلفة التي لا يمكن ان يحضرها برفقة اسرته، وأن يجالس وأصدقاءه المشهورات من النساء كما ان بعض اصدقائه قد يتزوجون فترة السفر!! فهذه الفترة يعتبرها الزوج خاصة به لوحده ترجعه لفترة العزوبية التي يحن اليها بين فترة وأخرى.