عرض مشاركة واحدة
  #2 (permalink)  
قديم 18-02-2010, 04:51 PM
الصورة الرمزية ملك التحديات
ملك التحديات ملك التحديات غير متصل
نجم المنتدى
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 6,320
معدل تقييم المستوى: 20156387
ملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداعملك التحديات محترف الإبداع

[align=justify]
و أي انحراف في هذا الجانب لهو نذير شر على المجتمع بأسره ، إذا لم يؤخذ على أيدي المفسدين ، فتضمنت دعوته لقومه الحث على طلب الرزق الحسن من خلال القواعد التالية :

أولاً :العدل .
و هذا أساس في المعاملات المالية و غيرها ،عند تعامل الخلق مع بعضهم البعض ، فلا يجوز لأحد مهما كان ، بأن يخل بهذا الأساس المتين ،أو يتنكر له، و لو كان تعامله مع ظالم أو كافر ، و من نصيحة نبي الله شعيب - عليه السلام - لقومه ، أن أمرهم بالعدل ،فيتحقق لهم بذلك الربح و عدم الظلم ، كما أن العدل نقطة وسط ، أي أنه قريب منهم ليس شاقاً العمل به ، كما أن التعامل به ليس به أي خسارة كما يتوهمون ، و هذه الحقيقة لا بد أن يعيها الاقتصاديون جيدا ، إذ إن العدل يحقق الطمانينة في المجتمع ، وينشر الثقة و الراحة بين أفراده ،و يربح بالتعامل به جميع الأطراف ، دون ظلم أو حيف ، فنهاهم أولاً عن الظلم ، ثم أمرهم بالعدل ، و هذا يشمل الموظف في وظيفته ، و التاجر في حانوته ، و العامل في مصنعه ، فلا ينقص الحقوق الواجبة عليه للآخرين ، أو يفرط فيها ، أو يأخذ ما ليس له.

ثانياً : البركة.
و حيث أن القصة تناولت الفساد الاقتصادي في حياة الناس ، فقد تم التركيز على البركة في المال ، حيث أنها سر المال و جوهره ، و ذلك من خلال ثلاث جوانب :
ا- التعامل مع الله عز وجل : و أن الشأن هو بركة الله في المال و الربح ، و ليس الشأن كثرته ، و ذلك بقوله كما حكى الله عنه ( بقية الله خير لكم..) قال القرطبي –رحمه الله – في تفسير هذه الآية " أي ما يبقيه الله لكم بعد إيفاء الحقوق بالقسط أكثر بركة، وأحمد عاقبة مما تبقونه أنتم لأنفسكم من فضل التطفيف بالتجبر والظلم؛ قال معناه الطبري، وغيره "
و هذا معنى عجيب، و جانب مهم حين التعامل مع المال ، ، إذ المعتبر البركة و ليس الكثرة ، و غياب هذا المعنى الأصيل ، أو انعكاسه يسبب مشاكل و مخالفات كثيرة ، لعل منها ما نلاحظه من شكوى الكثير ، من قلة بركة رواتبهم و نفادها بشكل سريع ، و ذلك بسبب تعاملنا مع هذه الرواتب بشكل مادي جامد ، دون أن يكون هناك توكل و اعتماد و ثقة بالله تعالى و دعاء و لجأ إليه بأن يبارك فيها.
ب- الاستشهاد بالواقع و ذلك عند قوله لقومه ( و اذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم..) و قد ذكر المفسرون في هذا التكثير أقوالاً جمعها القرطبي – رحمه الله - بقوله " وقيل: المراد مجموع الأقوال الأربعة فإنه تعالى كثّر عددهم وأرزاقهم وطوّل أعمارهم وأعزّهم بعد أن كانوا على مقابلاتها."
فالتكثير و البركة من عند الله عز و جل فكما كثر أعدادكم و أرزاقكم و طول أعماركم فهو أيضا يبارك في الربح الذي تربحونه عندما تعاملون الناس بالعدل فهو بذلك ضرب لهم مثلاً من حياتهم وواقعهم لعلهم يستوعبون هذه الحقيقة الصارخة و لعلنا نحن ايضا نستوعب هذه اللفته الرائعة من هذا النبي الكريم إذ كنا قليل فكثرنا ، و فقراء فأغنانا.
ج – ( و انظروا كيف كان عاقبة المفسدين ) أولئك الأقوام الذين ملئوا الأرض ضجيجاً و علوا و فسادا ، قد أعجبتهم قوتهم و كثرتهم فبادوا بعد الكثرة ، و محقوا بعد البركة ، فلا تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا ، و في هذا تذكير بمصير المفسدين ، فالله كثرهم ، و بسبب أعمالهم أهلكهم ، فاطلبوا منه البركة و أعطوا هذا الجانب حقه.

ثالثاً : التحذير و الترهيب .
و حيث أن تشبث النفوس بالمال ، و تعلقها به قد يحملها على اقتحام الحرام ، و الخوض فيه ، فكان من الحكمة قرع النفوس و تخويفها ، لعلها ترعوي و تهجر الحرام ، فقد نوع نبي الله شعيب عليه السلام ، في اسلوب خطابه لتحذير قومه و تخويفهم ، و طرقه من عدة جوانب ، إمعاناً في نصحهم ، و شفقة عليهم من سخط الله عز وجل فقال لهم : ( إني أخاف عليكم عذاب يوم محيط) و لا يخفى ما تضمنه هذا الخطاب من قرع و تخويف كما أنه قبل ذلك قال لهم : { إني اراكم بخيرٍ }؛ فذكرهم برخص الأسعار، وكثرة الأرزاق، فينبغي عليهم الشكر لله على هذه النعم ، لا بخس الحقوق ، و أكل الأموال بغير حق ، و حيث أن الجزاء من جنس العمل ، و أنهم إذا استمروا على طريقهم في البخس و الظلم ، فإن الأمور ستستبدل بضدها ، كما جرت سنة الله عز و جل بذلك ، و مجتمعنا اليوم إذ يشكو الغلاء في الأسعار ، و ارتفاعها بشكل كبير ، لهو نذير خطر قد دق ناقوسه ، إذ استمرأ كثير منهم الحرام ، فالربا يضرب بأطنابه دون نكير ، و التعامل به متيسر لكل أحد ، إلى غير ذلك من المعاملات التي ينبغي أن توقف عند حدها ، حتى لا تنحدر الأمور إلى أسوأ من ذلك ، و نتذكر قول نبي الله شعيب ( إني أراكم بخير و إني أخاف عليكم عذاب يوم محيط ) على أن هذا التحذير يتناول الفرد و المجتمع بأسره ، فكل واحد منا يتقي الله في هذا المال و يعلم بأن عقوبة التفريط قاسية.

رابعاً : القدوة الحسنة.

فلا يعدم المجتمع – و الحمد لله – من الأغنياء الأتقياء ، الذين لم يتلوثوا بالعبودية للدينار و الدرهم ، و هم يملكون الأرصدة الضخمة في حساباتهم ، و هؤلاء ينبغي ابرازهم للمجتمع ، لتكون هذه النماذج حاضرة حية في ضميره ، و قدوة طيبة له ، فنبي الله شعيب قد احتج على قومه بهذه الحجة الباهرة ، و ذلك بذكر الأمثلة من الذين لم يسلكوا طريق قومه في بخس الناس و أكل أموالهم و ذلك عند قوله عليه السلام لهم : ( و رزقني منه رزقاً حسنا ) لا كما تظنون بأن ما أدعوكم إليه يقلل أرزاقكم و ارباحكم بل يزيد عددها و بركتها ، و أنا أمامكم أملك المال الكثير و لم ابخس الناس حقوقهم أو أظلمهم و هذه حجة واضحة و دليل دامغ على صدقه و نصحه لهم و هم يعلمون جيدا صدقه و أمانته عليه السلام في تعامله مع الناس ، و لعل في انتشار المعاملات الاسلامية في البنوك اليوم ، تعتبر من هذا القبيل حيث انتشرت بشكل يبعث على الأمل و التفاؤل ، حتى تجاوزت إلى البنوك الغربية ، و لكن ينبغي استغلال ذلك إلى أقصى حد في ابراز هذه الصورة للمجتمعات ، حتى يعلموا بأن الاسلام هو الطريق الوحيد ، الذي يضبط حياة الناس و يحقق آمالهم ، كما أن في قوله عليه السلام ، الاستفادة من تجارب الآخرين في حسن التعامل مع المال ، و صرفه في وجوهه ، و الاستفادة من الخبراء و المتخصصين في هذا المجال ، حتى لا يكون هناك عبث و اسراف في صرف المال على حساب امور ضرورية في حياة المسلم.
نسأل الله أن يلهمنا رشدنا ، وأن يقينا شر أنفسنا ، فهو نعم المولى و نعم النصير.

[/align]


التعديل الأخير تم بواسطة ملك التحديات ; 18-02-2010 الساعة 04:54 PM
رد مع اقتباس