ويقول رحمه الله تعالى في صفحة (181) في مسألة: لماذا التوبة وضرورة التوبة؟ ولماذا يكون المصر على الصغيرة أخطر وأكبر من التائب المقلع عن الكبيرة؟ لأن حالة الإصرار لا تخلو من أمرين، يقول: (الإصرار على يستره الله ويفضح نفسه؟! المعصية معصية أخرى، والقعود عن تدارك الفارق من المعصية إصرار ورضاً بها وطمأنينة إليها، وذلك علامة الهلاك، وأشد من هذا كله المجاهرة بالذنب).
فيقول: لماذا المجاهرة بالذنب مع تيقن نظر الله تبارك وتعالى من فوق عرشه إليك أيها المذنب؟! هذا إن آمن بنظره إليه، وأقدم على المجاهرة، فإنه جرم عظيم، وإن لم يؤمن بنظره إليه واطلاعه عليه فقد كفر.
فالمذنب المجاهر المصر بين حالين، ليس هناك حال ثالث: إما أن يعتقد أن الله سبحانه وتعالى مطلع عليه ويراه وهو يعمل هذه الذنوب، ومع ذلك يعملها، فهذا جرم عظيم، ووالله إن العاقل لا يفعل هذا، فإن الإنسان يستحي أن يراه أحد على شيء يكرهه، فكيف بالله تبارك وتعالى؟!
وأشد من ذلك إن كان يظن أن الله لا يطلع عليه ولا يراه، ولا يعلم ماذا يصنع، فهذا كفر، والكلام فيه مفروغ منه؛ لأنه مرتد.
يقول: فهو دائرٌ بين الأمرين: بين قلة الحياء -في حالة إيمانه بأن الله يراه وينظر إليه- وبين الكفر والانسلاخ من الدين؛ فلذلك يشترط في صحة التوبة تيقنه أن الله كان ناظراً إليه، ولا يزال مطلعاً عليه يراه جهرة عند مواقعة الذنب، وهذا من جملة ما يشترط للتوبة.
وأكثر الشباب -هداهم الله- بل أكثر الناس الذين أخطئوا الطريق، إنما جاءتهم التوبة لما استشعروا هذا الأمر، يفكر أحدهم ويقول: كان الله تبارك وتعالى مطلعاً علي ويسمعني، ثم يحلم علي ويمهلني