القصة الأولى:
(اللهم اسقنا)
قال الأوزاعي: خرج الناس يستسقون، فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: {لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَى وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 91]، وقد أقررنا بالإساءة، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا؟! اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا! فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا ( ).
القصة الثانية
(استغفِر الله، استغفر الله)
قال ابن صبيح: شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له: استغفر الله.
وشكا آخر إليه الفقر فقال له: استغفر الله.
وقال له آخر: ادع الله أن يرزقني ولدًا، فقال له: استغفر الله.
وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله.
فقلنا له في ذلك؟ فقال: ما قلت من عندي شيئا، إن الله تعالى يقول في سورة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12] ( ).
القصة الثالثة
(تكدر بالها، فرجعت لأحسن حالها)
لم يهدأ لها بال، ولم يقر لها قرار، تشتتت أفكارها، وكثرت همومها، بعد أن انقلبت حال زوجها بشكل مفاجئ، فأصبح يضربها، ويهددها، ويسيء معاملتها، - بعد أن قضت معه عدة سنوات، لم يتكدر عيشهم إلا أيامًا قليلة – فأرجعت تفكيرها لماضي أيامه، وسالف أزمانه، فتذكرت طيب كلامه، وحسن فعاله، وكريم خصاله، حينها طال عجبها، وكثر استغرابها فما الذي غيره يا ترى؟! هل نمي إليه كلام لم أقله؟ هل أخطأت من حيث أشعر أم لا أشعر؟ هل وهل... الخ.
أسئلة تدور في خلدها كل يوم ولم تجد لها جوابًا شافيًا، والزوج تزداد أفعاله، حتى كرهت الجلوس معه، والمكوث عنده، فأخبرت أهلها بحالها، فنصحوها بالصبر، وذكروها بأبنائها، فعلمت أن الملجأ الوحيد هو الله تعالى، وأنه علام الغيوب، وكاشف الكروب، فلزمت الدعاء والاستغفار، والمحافظة على الأذكار، في العشي والإبكار، وصيام النهار، وقيام الليل في الأسحار.
وأتبعت ذلك تعليم أبنائها القرآن الكريم، وسيرة الرسول ، راجية من الله تعالى تفريج كربها، وكشف ما بها.
وفي ذلك اليوم العصيب دخل زوجها وبالغ في ضربها أكثر من العادة، ثم خرج غير آبه بما فعل، ولا آسف لما حصل، فلم يعد للصبر مجال، ولا لحياتها معه جمال، فقامت من مكانها باكية، واتصلت بأهلها شاكية، وأمرتهم بالمجيء لأخذها، فجاؤوا ليصبروها، وبالفرج يذكروها، لكن لما رأو ما بها أشفقوا لحالها، وفكروا بمآلها، فبينا هم في تلك الحال، وبعد هدوء البال، سمعوا صوتًا أفزعهم، فقاموا إلى المطبخ مسرعين، فلم يجدوا أثرًا لما سمعوه، فخرجوا إلى موزع الكهرباء فزعين، فلم يرو شيئًا لما ظنوه، فجالوا في ساحة البيت، باحثين عن مصدر الصوت، وفجأة! توقفت الأنظار، وشخصت الأبصار، وجدوا (بلاطة) خارجة عن مكانها، فرفعوها حذرين، ووقفوا متأملين، فشاهدوا تحتها شيئًا من عمل السحر، فانتابهم خوف شديد، ثم اهتدوا لأمر سديد؛ فاتصلوا بمن له خبرة، وأعلموه بالأمر وخبره، فأعطاهم طريقة للتخلص من السحر وأثره، متوكلين على الله، فلا ملجأ منه إلا إليه.
أما الزوج فكان خارج البيت ولم يعلم الخبر، فجاء مسرعًا بعد إزالة الأثر، وخافت الزوجة أن يسيء إليها أمام أهلها، لكن الأمر اختلف، والأمر بينهما ائتلف، فقد جاء ليضحكها بعد ما أبكاها، وليبرئ جرحها بعد ما أنكاها، لقد دخل بثغر باسم، ولنفسه لائم، ولحسن الفعال ملازم، فرجعت حالهم أحسن من ماضيها، وسابقها لا يفوق تاليها.
فهذه عاقبة الاستغفار والدعاء، والالتجاء لرب الأرض والسماء، فعطاؤه ليس له حدود، وهو ذو الكرم والجود.
القصة الرابعة
(أثر الاستغفار)
كانت تلك العائلة تحلم ببيت مناسب لسكنهم، حيث تقيم في منزل متهالك، مضى عليه عشرات السنوات، لا يقي من البرد، ولا المطر، ففكرت ربة البيت في حالهم، ونظرت بعطف لصغارها ومآلهم، فليس عندهم مال يكفيهم، ولا بيت يؤويهم، فهداها الله تعالى إلى الاستغفار فأكثرت منه، وأصبحت في أغلب أحوالها لا تفتر، وأتبعت ذلك دعاء في قيام الليل وحثت زوجها لمثله، ولم يمض وقت طويل حتى جاء يوم رأت فيه أثر استغفارها، ودعائها، فاستجاب الله تعالى لها بأن يسر لهم بيتًا جديدًا بأقساط ميسرة وكانت تقول بعد ذلك: لم أحلم يومًا بمثله، فلله الحمد رب العالمين.