نجحت في مقاومة التضخم وعبور نفق الأقساط.. بعيدا عن مظلة (الشؤون الاجتماعية)
جمعيات (القرش الأبيض)!
في ظل الالتزامات الكثيرة التي تثقل كاهل المواطنين والمقيمين، خاصة ذوي الدخل المحدود، يصعب توفير مبلغ ولو قليلا من المال لمواجهة بعض الالتزامات التي تتطلب مبالغ كبيرة، ولم يعد هناك وجود فاعل للقرش الأبيض الذي ينفع لليوم الأسود، مع تضخم يلتهم الرواتب قبل نهاية الشهر بكثير.
ولا شك في أن التوفير يتعلق بالحد من المصروف وجعل النقود أكثر قيمة وفائدة، بدلا من إنفاقها في منفعة قليلة أو حبا في المظاهر، بل ويعتبر الوسيلة المثلى لمستقبل آمن يضع في الحسبان تقلبات الزمن التي كثيرا ما تفاجئ الناس.
وبعيدا عن “صرّة” الجدّات وحافظات البنوك، ثمة طريقة مختلفة للتوفير، وهي مبادرة اجتماعية أثبتت حضورا قويا في الأوساط الاجتماعية والوظيفية تحت مسمى “جمعية” يتفق من خلالها عدد من الأشخاص أو السيدات، في الغالب من الموظفين، على اقتطاع مبلغ معين من رواتبهم أو أي مصادر دخل كل شهر لفترة زمنية محددة تتراوح بين عدة أشهر أو عام، وهناك من يختار أن تكون عامين، ومثل هذه الجمعية، لا تخضع بالطبع لمظلة نظام الجمعيات الخيرية ولا تسجل في وزارة الشؤون الاجتماعية.
تدافع على جمعية
يتمكن كثيرون من خلال هذه الجمعيات من توفير مبلغ من المال إما للادخار، أو تلبية متطلبات الأسرة الكثيرة، كما تقول “أم محمد” والتي بادرت قبل عامين لدعوة عدد من زميلاتها في العمل لعمل جمعية من أجل دفع أقساط ابنها في الجامعة، فهو في جامعة أهلية ورحّب كثيرون بالفكرة ووصل عدد المشتركات إلى 20، بواقع 1000 ريال شهريا، وهذا يعني أن الفترة الزمنية للجمعية مدتها 20 شهرا، والمبلغ الذي سيتسلمه كل شخص يبلغ 20 ألف ريال، وهو مبلغ جيد استطاعت من خلاله دفع الرسوم.
واستطاعت زميلة أخرى تأمين دفعة أولى لشراء سيارة لابنها، فيما ساعد المبلغ سيدة أخرى في نفقات زواج ابنتها، كما دفعت شقيقتها أقساط مدارس أبنائها الثلاثة.
بديل التقسيط
وبالنسبة إلى الالتزام بالدفع نهاية كل شهر، تقول “أم عبدالرحمن”: “منذ أن نتسلم الرواتب، أبدأ بالاتصال بالزميلات، وهناك من تتأخر يوما أو يومين بسبب تحويل راتبها على بنك آخر، وهناك من تدخل بسهمين لالتزامات لا بد أن تدفعها، لكن الجميع يدفع ويلتزم، لأن كل واحدة تنتظر دورها في الاستلام، وجميع المشتركات طلبن أن نجدد الجمعية بعد انتهائها لما لها من فوائد كثيرة”.
فيما تقول “آلاء”: “عرفت نظام الجمعيات وفوائدها من المسلسلات وخاصة المصرية، وهناك من ترى فيها البديل للشراء بالتقسيط الذي لم يعد يعمل به، مع أنه كان شائعا أيام زمان، وكان يساعد الناس في تدبير شؤونهم”، وتؤكد “أحلام” أنها اشترت أثاث بيتها هي وزوجها بالتقسيط قبل ثماني سنوات وسددا ثمنه خلال عام ونصف بأقساط قدرها 1500 ريال شهريا.
عبء كبير
وقد قررت منى ـ(29عاما)، وتتقاضي راتبا قدره 3000 ريال، أن تنضم لجمعية في الجهة التي تعمل بها، وتقول: “الراتب يضيع بين حاجاتي كموظفة خصوصا أنني أهتم بمظهري، وهذا يكلفني كثيرا، ولهذا لم أجد سوى هذه الطريقة للتوفير، من خلالها تمكنت من توفير دفعة أولى لسيارة اشتريتها بالتقسيط”.
ورغم ما في هذه الجمعيات من منافع بشهادة المستفيدين، إلا أن هناك من له وجهة نظر أخرى باعتبارها عبئا كبيرا خاصة إذا تسلم الشخص المبلغ في بداية الجمعية لأنه سيبقى يدفع أقساطها شهورا طويلة، مما يشعره وكأنه يسدد دينا متأخرا عليه، كما تقول الموظفة “سها” التي كثيرا ما تشترك مع زوجها في جمعيات من أجل دفع أقساط الأبناء الذين يدرسون في مدارس خاصة.
أما نبيل “موظف مبيعات” فلديه أسرة مكونة من أربعة أفراد وراتبه لا يتعدى 3500 ريال، فيقول: “قسط الجمعية كثيرا ما يتعارض مع بعض الالتزامات العائلية التي تطرأ فجأة أو تتصادف مع مناسبات رمضان والأعياد التي تحتاج إلى نفقات إضافية، وإضافة إلى ذلك، هناك جمعيات تقيمها ربات البيوت، وقد تكون بمبالغ قليلة في حدود 100 أو 200 ريال، وفي أحسن الأحوال تصل 500 ريال”.
وتقول “أم سعيد” إنها وبعد انتقالها لسكن جديد وجدت في الحي الذي تقطن به هذا التقليد فاشتركت بجمعية من فئة 500 ريال، وهذا المبلغ يساعدها في دفع أقساط مدارس ولديها الاثنين كل عام.
التحكم في المصاريف
تقول الدكتورة سامية حسين أستاذة الاقتصاد: “هناك من يعتقد، وهم كثر، أن جمعيات التوفير بمثابة طاقة فرج تفتح لهم، فالراتب لم يعد يفي بمتطلبات الأسرة، وكثير من السيدات يشاركن فيها حيث لا تنتهي جمعية حتى يدخلن في أخرى، وهذا النوع من السيدات لا يستطعن التحكم في المصاريف ولا يضعن ميزانية لأسرهن ويخشين لو وضعن مبلغا كالذي يضعنه في الجمعية في البيت ستعتمد إحداهن عليه في حال نقصت عليها الفلوس وتأخذه، أما في الجمعية فلن تطلبه من المشرفة على الجمعية فهذا أصبح التزاما لا بد منه، وما توفره من مبلغ كل عام، تستفيد منه في شراء مقتنيات تنقصها في المنزل، فمجموع ما تتقاضاه الموظفة وزوجها من رواتب لا يكفي للمصاريف والكماليات”.
وتنصح الدكتورة سامية ربات البيوت، عاملات أو غيرهن، وأزواجهن وضع ميزانية شهرية للأسرة وتوزيع الرواتب حسب حاجة النفقة وادخار مبلغ للطوارئ أو دخول مثل هذه الجمعيات التي أثبتت فوائدها الكثيرة.