بسم الله الرحمن الرحيم
ليلة النصف من شعبان ليلة انقسم الناس فيها إلى قسمين, فريق غلا, وآخر جفى ليلة النصف من شعبان.
ان من الغلو اعتبار ليلة النصف من شعبان الليلة المباركة التي يفرق فيها كل أمر حكيم وهذا خلاف
ما نص عليه ربنا عز وجل في محكم التنزيل إذ يقول جلا وعلا في مطلع سورة الدخان:
حم والكتاب
المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم[الدخان:1-3],
فبين جلا وعلا
أن الكتاب المبين أنزل في ليلة مباركة, وهذه الليلة المباركة هي التي يفرق فيها كل أمر حكيم, وكلنا
يعرف تلك الليلة المباركة من قوله جلا وعلا:
إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر.[القدر:1-3]
ومن غلوهم أيضًا صلاتهم مائة ركعة في كل ركعة يقرأون قل هو الله أحد[الإخلاص:1] إحدى عشرة مرة, وزعموا أنها تقضي حوائج الناس, والحديث موضوع كما يقول أهل العلم.
وفريق آخر لما رأى ما لم يثبت فيها, وذلك الجفا جعلها ليلة عادية كغيرها من الليالي .
والصواب يا احبتي أن ليلة النصف من شعبان ثبت في فضلها حديثان صحيحان ثابتان إلى المعصوم صلوات ربي وسلامه عليه.
أما الأول: فحديث أبي ثعلبة أخرجه الطبراني وغيره يقول عن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: ((
إذا كانت ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى جميع خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين, ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه)) .
وأما الحديث الثاني: حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه وهو عند ابن حبان في صحيحه يقول
:
((يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن)).
فهذان الحديثان الثابتان بين فيهما المصطفى أن ليلة النصف من
شعبان يغفر الله عز وجل للمؤمنين, ويطلع عليهم إلا المشرك أو المشاحن, فمن أراد أن يفوز بهذا
الأجر العظيم وهذا الفضل العظيم, فما عليه إلا أن يحقق هذين الشرطين, لست مطالبًا أيها العبد المؤمن
لا بقيام ولا صيام فضلاً عن عمرة أوعبادة ونحو ذلك, كل ما أنت مطالب به أن تحقق التوحيد وأن تنقي
قلبك من الشرك وشوائبه وتتعاهد ذلك باستمرار وبعض الناس إذا ذكر الشرك يشمئز ويعقتد أنه متهم,
والبعض الآخر إذا ذكر الشرك عندهم ظن نفسه بمأمن منه, وعنه.
عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله لم أرك تصوم شهر من الشهور ما تصوم في شعبان ،
فقال صلى الله عليه وسلم : ( ذلك شهر يغفل عنه الناس بين رجب ورمضان ، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم )..
وسؤال أسامة رضي الله عنه يدل على مدى اهتمام الصحابة الكرام وتمسكهم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ..
وبالفعل كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلاً كما أخبرت عنه عائشة رضي الله عنها في الحديث المتفق على صحته ..
ولا بدَّ من وجود أمر هام وراء هذا التخصيص من الصيام في مثل هذا الشهر وهذا ما نبَّه عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ( إنه شهر ترفع فيه الأعمال إلى الله تعالى )
فإذاً أعمال العباد ترفع في هذا الشهر من كل عام ، وتعرض الأعمال يوم الااثنين والخميس من كل أسبوع فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن ترفع أعماله إلى ربّ العالمين وهو صائم لأنَّ الصيام من الصبر وهو يقول:{ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ }
قبل أن نأتي على نهاية الكلام أود عرض بعض البدع والأحاديث الواهية عن ليلة النصف من شعبان ..
- أولها : بدعة الصلاة الألفية وهذه من محدثات وبدع ليلة النصف من شعبان وهي مائة ركعة تصلي جماعة يقرأ فيها الإمام في كل ركعة سورة الإخلاص عشر مرات.. وهذه الصلاة لم يأتِ بها خبر وإنما حديثها موضوع مكذوب فلا أصل لهذا فتنبهوا عباد الله من البدع والضلالات ..
- من ذلك أيضاً تخصيص ليلة النصف من شعبان بصلاة ونهارها بصيام لحديث : إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها .. هذا حديث لا أصل له .. هذا حديث لا أصل له ..فتنبهوا عباد الله ..
- من البدع أيضاً صلاة الست ركعات في ليلة النصف من شعبان بنية دفع البلاء ، وطول العمر ، والاستثناء عن الناس ، وقراءة سورة يس والدعاء ..فذلك من البدع والمحدثات المخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
قال الإمام الغزالي في الأحياء : وهذه الصلاة مشهورة في كتب المتأخرين من السادة الصوفية التي لم أرَ لها ولا لدعائها مستنداً صحيحاً من السنة إلاَّ أنه من عمل المبتدعة .
وقد قال أصحابنا أنه يُكره الاجتماع على إحياء ليلة من مثل هذه الليالي في المساجد أوفي غيرها .
قال الإمام النووي رحمه الله : صلاة رجب - صلاة الرغائب - وصلاة شعبان بدعتان منكرتان قبيحتان .
اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وارضى اللهم عن صحابته أجمعين عن الأربعة والعشرة والمبشرين وسائر الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بمنك ولطفك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين
منقول فجزا الله خيرا من كتبه