جدة: صفاء الشريف
زواج المعاقين ذهنيا من القضايا التي فرضت نفسها بقوة على المجتمع، حيث إنه الضمان الوحيد لحماية المعاق ذهنيا من مصير مجهول ينتظره بعد وفاة والديه، لحاجته الدائمة إلى الرعاية التي يمكن أن تقوم بها زوجة تتحمل مسؤوليته، لكن ذلك يترتب عليه جملة من الأسئلة منها: هل يتزوج المعاقون ذهنيا من معاقات مثلهم أم من أصحاء؟ وكيف يمارس المعاق حياته الزوجية ومسؤولياته مع زوجته وأولاده؟ وما هو رأي الشرع في هذا الزواج؟ وما هي الضوابط التي يجب أن تضعها الدولة له ؟
أنفق المعاق مسعد سعيد ( 40 عاماً ) ثلث عمره تقريبا يبحث عمن تقبل به زوجا يشاركها الحياة، إلا أن طرقات المعاق الذي لا يحمل من اسمه شيئا على نحو 50 بابا في مناطق عديدة ذهبت سدى، ولم يقتصر إنفاق مسعد سعيد على سنوات العمر فقط، بل أنفق أيضا آلاف الريالات أو بالأحرى تم النصب عليه في آلاف الريالات عن طريق أسرة وعدته بتزويجه ابنتها.
زواج وألم ومعاناة
حكاية مسعد سعيد أثارت جدلاً واسعاً في أوساط المتخصصين والمهتمين بأحوال ذوي الاحتياجات الخاصة بشأن أحقية هذه الفئة في الزواج أسوة بباقي البشر، وحالة مسعد ليست الوحيدة، بل هناك المئات من القصص المماثلة بعضها انتهى بزواج حكم عليه بالفشل، وبعضها مازالت نهايته مفتوحة على مزيد من الألم والمعاناة، الأمر الذي دفع بالبعض إلى اقتراح إنشاء بيئة خاصة مغلقة لتزويج المعاقين ذهنيا.
و كان مسعد قد أصيب بإعاقة ذهنية طفيفة بسبب تعرضه لحادث منذ 16 عاما، ظل يبحث عن شريكة لحياته على مدى 15 عاما، إلا أن المجتمع كان العائق الأكبر أمام الحصول على حقه الذي يضمنه له الشرع.
مسعد تحدث بصوت ملؤه الإحباط مع أن بريق الأمل لم يغب عن عينيه قائلا "أريد أن أتزوج، ويكون لي أولاد مثل إخواني، فلدي بيت وراتب، لأني أعمل في وظيفة حكومية، لكن المجتمع يرفضني دائماً بسبب إعاقتي"، وأضاف ابن أخيه خالد أن عمه تعرض للاستغلال المادي من قبل إحدى الأسر بعد أن تقدم للزواج بإحدى فتياتها، حيث تمت الموافقة على الزواج، وبعدما دفع لهم 20 ألف ريال ألغوا الزواج، ورفضوا إعادة المبلغ له.
تجارب ناجحة لزواج المعاقين
و في مقابل حالة مسعد هناك حالات لعدد من ذوي الإعاقات الذهنية البسيطة، حرص أولياء أمورهم على تزويجهم، ونجحوا في تحقيق ذلك، فالشاب م. ز. البالغ من العمر 25 عاماً استطاع أن يحقق ما لم يحققه مسعد، إذ نجحت والدته في تزويجه بعد أن أنشأت له ورشة كهرباء يعمل فيها، ويساعده عامل ليعول أسرته، فيما رفض إخوانه وأقرباؤه مساعدته، وهو الآن يعيش حياة سعيدة مع زوجته السوية التي تعاني من ظروف خاصة، لكنها تقدر زوجها وحياتها الزوجية.
نموذج آخر هو الشاب م. م. الذي يعمل في إحدى الوظائف الحكومية تزوج منذ 4 سنوات من فتاة ظروفها الحياتية بسيطة، وهما يعيشان حياة زوجية سعيدة وقد رزقهما الله بثلاثة أبناء، وهناك حالة خاصة لفتاة تعاني من إعاقة ذهنية تم تزويجها 4 مرات، وفي كل مرة يفشل زواجها، وتعود لبيت أهلها وفي أحشائها ثمرة الزواج.
عامل إنساني
أكدت استشارية التأهيل لذوي الاحتياجات الخاصة شادية المصري أن زواج المعاق ذهنيا حماية للمجتمع من انتشار الأمراض الاجتماعية، حيث يسهل إغواء هذه الفئة واستغلالها في بعض الأعمال غير الشرعية، مشيرة إلى أنه لا مانع مطلقا من زواج المعاقين ذهنياً، حتى لو كان ذلك بغرض الحصول على مصلحة أو منفعة مشروعة، حيث إن زواج المعاق ذهنيا يدخل في إطار العامل الإنساني، باعتبار أن له نفس حقوق الأسوياء، مبينة أنها تابعت بنفسها تجارب ناجحة لمتزوجين من المعاقين ذهنياً من فئة الداون سيندروم أو حالات التخلف البسيطة، ففي ألمانيا يتم زواج المعاقين ذهنيا في معسكر تحت إشراف مختصين لمتابعتهم وتوجيههم، وفي مصر تابعت ثلاث زيجات ناجحة أسفرت عن إنجاب أطفال.
وشددت المصري على ضرورة وضع بعض الضوابط التي تحكم حياة المتزوجين من المعاقين ذهنياً، كمنع "التعقيم" إذا كانت إعاقتهم غير وراثية، والضبط الشرعي في توجيه الممارسة الجنسية بين الزوجين من خلال تأهيل مبدئي للمعاق حول مفهوم الزواج والأسرة ومسؤوليته، مع أهمية دور أسرتي الزوجين فلا تتركانهما وتخليان مسؤوليتهما بعد الزواج، ولا بد من المتابعة المستمرة لهما، فالمعاق ذهنيا ليس مجنونا، وإنما لديه نقص في الذكاء والقدرة على التكيف في الحياة والعمل لكن تدريبه وتأهيله اجتماعيا ونفسيا ومهنيا مهم جدا لكي يستطيع أن يتفاعل مع الآخرين داخل المجتمع.
وأوصت المصري بإقامة ندوات توعية لآباء وأمهات المعاقين عقلياً بكيفية التعامل مع أبنائهم في سن المراهقة، ووضع برامج لتوعية المجتمع بكيفية التعامل معهم، حتى لا يتسبب في إصابتهم بالانعزالية والإحباط، كما ينبغي ألا نتجاهل دور الإعلام في تحسين أداء المعاقين في مختلف مواقعهم الاجتماعية، وتكوين صورة إيجابية عنهم، خاصة أن بعض وسائل الإعلام تتناولهم للأسف بشكل ساخر يهين كرامتهم، مع أن المعاق ذهنيا يتفاعل مع هذه الوسائل كما يتأثر بها أفراد المجتمع.
لا يوجد ما يمنع هذا الزواج
وأشار المأذون الشرعي الشيخ أحمد المعبي إلى أن الشرع يجيز زواج الفتاة أو الفتى السليمين بمعاق أو معاقة إذا رضي الطرفان بذلك، معتبرا أن الإعاقة الذهنية ليست مرضا معديا، ومادام الطرف المعاق ذهنيا قادرا على القيام بالواجبات الزوجية فلا يوجد ما يمنع الزواج، كما أن الطرف السوي الذي يوافق على الزواج من معاق ذهنياً بهدف مساعدته وحمايته من النفوس الضعيفة له أجر كبير على ذلك.
وكشف المعبي عن أنه عقد قران العديد من هذه الفئات، موضحاً أنه لا يتدخل في مدى الإعاقة أو نسبة الذكاء، إلا إذا كانت الإعاقة الذهنية واضحة وخطيرة فلا يصح عقد القران، كما لا يجوز تعقيم المعاقة ذهنيا قبل زواجها مهما كانت الأسباب، ولا يجوز إجهاضها إذا حملت لأن الجنين روح والإسلام يحرم قتل النفس، كما أن هناك احتمالا أن يكون الجنين طبيعياً، أما إذا أثبتت تقارير طبية أن الجنين سوف يحمل صفات الإعاقة فيجوز إجهاضها قبل أن تنفخ فيه الروح.
قرية نموذجية
وطالبت مديرة مركز التأهيل الشامل قسم البنات حصة العنقري بإنشاء قرية بيئية نموذجية للمتزوجين من المعاقين عقليا وأن يكون هناك قائمون على رعايتهم وتوعيتهم وتدريبهم حتى يصلوا لدرجة عالية من التوافق الزواجي الذي يؤدي إلى استقلالهم عن القرية، ورأت أن زواجهم بشكل عشوائي سيؤدي إلى تدمير جيل كامل، حيث إن هناك زيجات لم تنجح بسبب عدم تأهيل الطرف المعاق ذهنياً وإعداده للحياة الزوجية، كما قد تقع فتاة معاقة ذهنياً في يد زوج يستغلها بسبب عدم إدراكها معنى الزواج، ما يستوجب سن قوانين تحمي المعاقين وتحمي المجتمع أيضا تتضمن شروطا ولوائح يلتزم بها كل مأذون قبل كتابة عقد الزواج إذا كان أحد الطرفين معاقاً ذهنياً، على أن تكون نسبة ذكائه ومستواه العقلي يؤهلانه للزواج من خلال شهادة موثقة تثبت ذلك، مع شهادة طبية تثبت أن إعاقته ليست بسبب وراثي وشهادة تثبت أنه حصل على دورة تأهيلية واستطاع اجتياز اختبارات ميدانية عملية وفحوصات نفسية تدل على قدرته الاجتماعية والنفسية للزواج، بهدف حماية الطرفين من أن يكون أحدهما ضحية زواج غير ناجح.
و شددت العنقري على ضرورة تصنيف أنواع الإعاقة الذهنية ودرجاتها، وما يسمح منها بالزواج والإنجاب معا، وما لا يسمح بالإنجاب، وألا يسمح بزواج المعاق ذهنيا إلا بالحصول على شهادة موثقة من مركز طبي متخصص، كما لابد من تحديد الضمانات التي توفرها الدولة لتكفل نجاح هذا الزواج، مع تحديد دور المجتمع المدني والخدمات التي يمكن أن يقدمها لمعاونة المعاق ذهنيا على أعباء الحياة الزوجية.
دمجهم مع المجتمع
واعترض الاختصاصي الاجتماعي بالتربية الفكرية علي العمري على إنشاء قرية خاصة بهذه الفئة قائلا " إننا ننادي بدمجهم في المجتمع، لا عزلهم حيث إن مهاراتهم الاجتماعية والسلوكية ستكتشف من خلال تعايشهم مع المجتمع بكل سلبياته وإيجابياته، وأشار إلى أن الدولة اليوم تتجه نحو إلغاء السكن الداخلي الذي يقيم فيه المعاقون ذهنياً حتى يندمجوا في المجتمع معتبرا أن الأفضل هو وضع برنامج تتبناه الدولة ويقوم عليه متخصصون يؤهل المعاق ذهنياً إعاقة بسيطة للزواج وتربية الأبناء وتحمل المسؤولية من خلال مساعدات مادية واجتماعية ونفسية.
وأوضح العمري أن التخلف العقلي درجات فمنهم من لديه القدرة على تكوين أسرة والقيام بالحقوق الزوجية، مؤكداً إمكانية حدوث بعض الصعوبات، لكن إذا كان الطرف الآخر سيحتويه ويتفهم وضعه ويساعده ويوجهه فستنجح تجربة الزواج، وذكر أنه تابع ثلاث حالات لمتخرجين من التربية الفكرية استطاعوا أن يتزوجوا ويكونوا أسرة بعدما حصلوا على العمل المناسب الذي يمكنهم من إنشاء أسرة.
وبينما ينادي المتخصصون والمهتمون بدمج المعاقين في المجتمع ينفي مدير عام الشؤون الاجتماعية إحسان الطيب وجود أي مشروعات أو برامج لدى الشؤون الاجتماعية بخصوص زواج المعاقين ذهنيا، ً مبينا أن مشروع القرية النموذجية يمكن تحقيقه في المستقبل بعد استيفاء جميع احتياجات هذه الفئة حيث يأتي ضمن الرعاية المتقدمة في سلم الخدمات، مع توفر إمكانية تنفيذ برامج للتأهيل من هذا النوع من خلال المؤسسات والجمعيات التي تهتم بهذه الفئة.
الدراما وقضايا المعاقين
لقد تناولت الدراما العربية والخليجية بعض القضايا التي تتعلق بالمعاقين ذهنياً بعد سن البلوغ لدق ناقوس الخطر حول ضرورة أخذ الحذر والحيطة والحرص على عدم وقوعهم في أيدي ذوي النفوس الضعيفة حيث يقومون باستغلالهم، ومن أشهر هذه الأعمال فيلم (توت توت) الذي جسدت فيه الفنانة نبيلة عبيد شخصية الفتاة (كريمة) التي تعاني من الإعاقة العقلية والتي نشأت في حي شعبي، وقد حاول أحد أبناء الحي استغلالها، حتى وقعت فريسة بين يديه، ورغم ذلك هناك بعض الأفلام السينمائية التي تناولت المعاقين ذهنياً كمادة كوميدية داخل سياق الفيلم، وهذه أسوأ صورة لعكس واقع المعاق ذهنياً في المجتمع، خاصة في قضايا الزواج مثلما هو الحال في فيلم (ديك البرابر) الذي جسد فيه الفنان فاروق الفيشاوي دور شاب معاق ذهنياً تم تزويجه واستغلاله مادياً.
وقد تناولت أيضاً الدراما التلفزيونية بعض قضايا المعاق وآخرها مسلسل (سارة) الذي جسدت فيه الفنانة حنان ترك مشكلة فتاه معاقة مرت بفترة المراهقة وقد تناول المسلسل هذه الفترة من عمر المعاق ذهنياً بشكل جيد، أما الدراما الخليجية فتعتبر مقلة جداً في هذا الخصوص.
ومن جهته أكد الفنان لؤي محمد حمزة على وجود فراغ وتغييب لمشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام في الدراما الخليجية، مشيراً إلى أن السبب الرئيسي هو عدم وجود خبرة بسبب بعدنا عن هذه الفئة التي لابد من أن نكون على علم ومعرفة بحالاتهم واحتياجاتهم والمشاكل التي يواجهونها في المجتمع.
ويضيف أن للرقابة والمنتجين دوراً كبيراً في هذا، مشيراً إلى أن الدولة تتكبد تكاليف كبيره لتلبية احتياجات هؤلاء المعاقين حيث تنفق 80.000 ريال سنوياً على كل معاق ، إلا أن هناك أموراً أهم من الإنفاق المادي، يجب أن تقدم لهذه الفئة من قبل المجتمع المدني إعلامياً وثقافياً، مؤكداً أن هناك العديد من النصوص التي تتناول هذه الفئة، ولكنها مازالت على الورق، لأنها لم تجد من يمولها ويدعمها.
وأكد حمزة أنه يجب أن يكون للفن والدراما دور أكبر في تناول هذه القضايا الشائكة، فقد تناولت الدراما الخليجية مشاكل الشباب والمخدرات وعقوق الوالدين والتفكك الأسري والمشاكل العاطفية بشكل كبير، إلا أنه لم يتم إلى اليوم تنفيذ عمل درامي يتناول مشاكل المعاقين، بحيث يكون بطل العمل معاقاً استطاع أن يتغلب على إعاقته، والسبب في هذا التأخير الرقابة ومدى فهمها لهذا النوع من الأعمال.
ويفسر حمزة ذلك بأن فكر العديد من الكتاب والمؤلفين يفوق فكر الرقيب، وهذا يمثل خطراً في حد ذاته، مما أدى إلى وجود 80% من الأعمال الدرامية التجارية التي لا تقدم هموم المجتمع بالشكل الحقيقي .
مؤسسات تأهيلية خاصة
ومن جهتها ترفض مستشارة التربية الخاصة للبنات بوزارة التربية والتعليم الدكتورة فوزية أخضر اقتراح القرية خاصة، وقالت "إننا بهذا المشروع سوف نعزلهم وهذا ليس في مصلحتهم، مؤكدة ضرورة أن نوفر لهم فرصاً للزواج وتكوين أسرة، وقد حان الوقت لمناقشة هذا الموضوع من قبل المتخصصين، فقد وفرنا لهم المأكل والمشرب والتعليم والتأهيل، ويجب ألا نغفل عن احتياجاتهم الآدمية الأخرى فلهم أحاسيسهم واحتياجاتهم العاطفية التي لابد أن يشبعوها، ولابد من إيجاد الطريقة الصحيحة لذلك".
وأضافت أن الإسلام أعطاهم هذا الحق فلماذا نحرمهم نحن البشر من ذلك؟، تقول "حان الوقت لكي نؤهلهم لينشئوا أسراً، مع الأخذ في الاعتبار ألا يتزوج المعاق ذهنياً من معاقة ذهنياً، بل من أخرى سوية تستطيع أن تكون له الصدر الحنون".
وتطالب الدكتورة فوزية بإقامة مؤسسات تأهيلية خاصة بهذه الأمور، فالمعاق ذهنياً عندما يكون رب أسرة سيشعر بكيانه وقيمته، وليس في استطاعة أحد أن يحرمهم من هذه الغريزة الطبيعية.
وتؤكد الدكتورة أخضر على وجود الكثير من حوادث التحرش بهذه الفئة، والتي يجب أن نأخذها في الاعتبار، ولابد من إقامة ورش عمل لمناقشة هذه القضية بجدية ووضع الحلول الملائمة، وتناشد القطاعات الخاصة والمجتمع المدني والدولة أن يهتموا بهذه الفئة، ويهتموا بمناقشة قضاياهم، وألا يقفوا عند حد معين.
ويؤكد الاستشاري النفسي الدكتور شريف عزام أن حرمان هذه الفئة من حقها الطبيعي سيؤدي بها إلى أفعال سلوكية غير سوية ولا يقبلها المجتمع، وفي نفس الوقت لا يمكن معاقبته عليها، وبالتالي سيتسبب ذلك بخلل اجتماعي، مشيراً إلى أن حالات التخلف البسيطة هي فقط التي يمكن تزويجها، حيث إن حالات التخلف الشديدة والتامة لا يمكن تزويجها، لأنها لا تعي احتياجاتها الجنسية، وبالتالي فإن المشكلة تكمن في حالات التخلف البسيطة التي تتراوح نسبة ذكائها من 50 إلى 70، وهذه الحالات تعي تماماً احتياجاتها، ولابد من إشباعها بالشكل المقبول، مؤكداً أن الصحف العربية تطلعنا على بعض الحوادث وكان آخرها في إحدى الدول العربية المجاورة حيث قام أحد المعاقين ذهنياً، وكانت حالته بسيطة بالتعدي على مجموعة من الأسر، وأكدت الفحوصات أنه معاق ذهنياً ولديه مشاكل نفسية وعقلية ومشاكل جنسية دفعته للعنف.
ويؤكد الدكتور عزام على ضرورة تدريب هذه الفئة من الجنسين في مرحلة مبكرة قبل وصولهم لسن البلوغ على الاهتمام بأنفسهم، وتفريغ طاقتهم من خلال النشاط الرياضي وغيره من الأنشطة التي تساعدهم على الابتعاد عن التفكير في هذه الأمور.
وعن إمكانية تزويجهم وتحملهم لمسؤوليات الزواج يشير عزام إلى أنه لابد من التأهيل والتدريب، فالشاب لابد من تدريبه على كيفية تحمل المسؤولية والاستقلالية وكيفية التصرف في المواقف الصعبة والاعتماد على النفس، أما الفتيات فلابد من تدريبهن على الأعمال المنزلية والاهتمام بالأطفال واحتياجات المنزل، هذا إلى جانب تأهيل الطرفين على الحقوق الزوجية، وهي أمور لابد أن يهتم بها متخصصين في مجال التربية الخاصة، مؤكداً ضرورة المتابعة من المتخصصون والأهل بعد الزواج خاصة في الأعوام الأولى، كما يؤكد عزام على ضرورة الكشف قبل الزواج لتحديد قدرة الزوج المعاق ذهنياً من القيام بواجباته الزوجية، ومن هنا تأتي أهمية أن يتم زواج هذه الفئة بعد التأكد من مدى تأهيل الطرفين لهذه الحياة الجديدة وتحملهم لمسؤولياتها.
من حق المعاق ذهنيا أن يتزوج
وحول جواز تزويج هذه الفئة أفتى مفتي جمهورية مصر العربية الدكتور علي جمعة في ذلك، مشيراً إلى أن من حق المعاق عقليا - المسؤول عن نوعه - أن يتزوج ما دامت أركان الزواج متوافرة، فإن كانت الشريعة قد أباحت زواج المجنون وأباحت زواج المجنونة، فالمعاق إعاقة عقليه بسيطة زواجه جائز من باب أولى، لا حرج فيه، ما دام محاطا بالحرص على مصلحته محفوفا برعاية منافعه. وكتب الفقه تعقد مسائل وفصولا تتحدث فيها - في كل المذاهب - على زواج المجنون وولاية الإجبار عليه - كالولاية على الصغير - ويختلفون في جعلها خاصة بالوالد والجد فقط أو تعديتها لبقية الأولياء، أو حتى للحاكم - أي القاضي - كل هذا لما فيه من مصلحة هذا الإنسان المركبة فيه الشهوة والعاطفة، والمحتاج إلى سكن نفقة ورعاية وعناية، شأنه كشأن بقية بني جنسه، مع زيادته عليهم باحتياج في بعض النواحي التي مرجعها حالته الخاصة".
وأضاف مفتي مصر في فتواه "ومع الفارق بين المجنون وبين المعاق عقليا، إلا أن هناك جامعا بينهما مؤثرا في قضية الزواج، وهو الحياة مع إنسان قابل للوطء منه أو فيه، مجبول على الحياة الاجتماعية، ومحتاج إلى الرعاية والكفالة والنفقة، وغني عن البيان أن المقصود من هيمنة الأولياء والأوصياء والكفلاء هو محض المصلحة للمولى عليه والموصى عليه والمكفول، لا أن يتحول الأمر إلى تجارة للرقيق الأبيض في صورة استخدام هؤلاء المعاقين استخدامًا غير آدمي وغير أخلاقي. وعليه فلا يمنع المعاق من الزواج، لأن الزواج شيء والإنجاب شيء آخر، فالزواج فيه أنس ورحمة ومودة وتعاون وإنفاق ومصاهرة ومعان سامية كثيرة بالإضافة إلى الإنجاب، ولو كان الإنجاب ضروريا لازما مرتبطا كليًا بالزواج لما صح زواج الكبار الآيسين، أو العقيمين، أو الصغار، والتالي باطل، فانتفى المقدم وثبت نقيضه، وهو عدم اللزوم ولا الضرورة بين الزواج والإنجاب، وتمكن السيطرة بشكل أو بآخر - وهذا موضوع يدلي فيه الخبراء وأهل الاختصاص بدلوهم - على عدم الإنجاب أو تأخيره أو تحديده بحسب المصلحة لكل حالة على حدتها.