طالبوا القصيبي بالتدخل
حالات إغماء ومعاناة إنسانية يومية أمام بوابة مكتب العمل في الرياض
الرياض - عبد العزيز القراري
طالبت شريحة كبيرة من المعقبين السعوديين الذين اعتادوا مراجعة مكتب العمل في الرياض، وزير العمل بإيجاد حلول للمشاكل التي يواجهونها ومنها قلة موظفي المكتب ومحدودية انتاجهم.
وأشاروا إلى أن هذا الأمر يضطرهم إلى التجمهر حول أسوار مكتب العمل منذ الثانية فجرا كل يوم للحصول على أرقام تمكنهم من تخليص معاملاتهم خلال فترة الدوام الرسمي، داعين الوزير القصيبي إلى زيارة لمكتب العمل خلال ساعات الصباح الأولى للوقوف عن قرب على حجم المعاناة التي يواجهها المعقبون في سبيل الحصول على لقمة عيشهم.
جاء ذلك خلال جولة ل"الرياض" على مكتب العمل في الصباح الباكر، كشفت عن المعاناة الكبيرة التي يواجهها المعقبون من أجل انهاء معاملاتهم، والتي طالبوا بنقلها لوزير العمل لإيجاد حل لها بعد أن استمرت لمدة عام دون تقدم يذكر.
وقال أبو عبدالعزيز الذي يعمل في مهنة التعقيب منذ فترة طويلة انه يحضر في تمام الساعة الثانية صباحا قبل طلوع الفجر، حتى يتمكن من تسجيل اسمه في كشوفات المعقبين، مؤكداً أن عدم تسجيله في الكشف أمرا يحرمه من انهاء معاملاته، ويتطلب منه التسجيل في نفس الموعد في اليوم التالي.
وأضاف بأن المعقبين الذين تحل أسماءهم في ذيل القائمة قد لا يتمكنون من انهاء إجراءاتهم في نفس اليوم، مرجعاً ذلك إلى كثرة المراجعين وقلة الموظفين ومحدودية الانتاجية لديهم، إضافة إلى تعمد بعضهم التباطؤ بكثرة الاستراحات بغرض التدخين أو إجراء مكالمات هاتفية وغير ذلك من أساليب عدم الاهتمام.
ورداً على سؤال "الرياض" حول أسباب عدم تقدمهم بشكوى لمدير مكتب العمل أو أي من المسؤولين، ذكر أبو عبد العزيز أنهم قد تقدموا غير مرة للشكوى ولكن لا يوجد تجاوب ولو كان هناك تجاوب لما استمرت لفترة طويلة من الزمن، مؤكداً ان كثيرا من وسائل الإعلام حضرت لتنقل المعاناة لكنها وجهت بالطرد من قبل الأمن ولكن حضور "الرياض" في هذا الوقت المتأخر من الليل كفيل بإثبات ما نعانيه من مشكلات تؤرقنا و"تنكد" علينا مصدر رزقنا الوحيد.
وبين أبو عبدالعزيز وحوله عدد كبير من المعقبين الذين يساندونه السلبيات التي يواجهونها من مكتب العمل ان هذه الطريقة تحرمنا من العيش بالطريقة التي يعيشها الآخرون فنحن مع مرور الوقت أصبحنا منعزلين عن مجتمعنا حيث نغيب عن المنزل في وقت متأخر من الليل ونعود إليه ونحن منهكون من التعب والإرهاق والسهر فننام وقتا محدودا من الوقت لنقوم بالعودة إلى مكاتبنا لتحضير المعاملات والذهاب بها لمكتب العمل لانهائها.
ومن جانبه قال مسفر القحطاني وهو متقاعد امتهن مهنة التعقيب للصرف على عائلته المكونة من 10أفراد انني رجل كبير في السن وأحضر يومياً في وقت متأخر من الليل لانهاء المعاملات التي غالباً ما تكون استخراج رخصة عمل للعمالة التي تعتبر شرطا أساسيا تفرضها إدارة الجوازات لتجديد الإقامة أو استخراج إقامة جديدة، مشيراً إلى انه يعاني من مرض السكري ويواجه صعوبة بالغة من كثرة روتين مكتب العمل وعدم قدرتهم على مواكبة التقدم الذي تعيشه بلادنا في شتى المجالات.
وأكد انه يراجع كثيرا من الدوائر الحكومية وجميعها تنتهي بها الإجراءات بيسر وسهولة وسرعة فائقة إلا ان مكتب العمل الذي نحضر له في وقت متأخر من الليل ينتهي الدوام ولا ننهي معاملاتنا، لافتاً إلى ان ذلك يعود إلى حرص المكتب على إجراءات روتينية إضافة إلى انه لا يوظف العدد الكافي من الموظفين الذي يستطيعون مجابهة الأعداد الكبيرة من المعاملات والمراجعين.
وطالب وزارة العمل ضرورة فتح فروع لمكتب العمل في أنحاء متفرقة من الرياض لتخفيف الزحام على المركز الرئيسي، مشيراً إلى ان ذلك يعد كأحد الحلول كما طالب بضرورة مراقبة الموظفين وعلى حد قوله انهم يهدرون الكثير من الوقت في الخروج بغرض التدخين أو الأكل وغير ذلك غير مبالين بأن انتهاء الدوام من دون انهاء المعاملة بالنسبة للمعقب يعني انه سوف يحضر لليوم التالي بمعاملات أخرى لن تنتهي بسهولة في ظل البيروقراطية.
وفي ذات السياق قال بسام الحربي ان مكتب العمل في الرياض لم يتعامل مع زحمة المراجعين بالشكل الذي تتعامل معه دائرة الجوازات التي تواجه ازدحاما بشكل يومي يفوق مراجعي مكتب العمل، إلا ان لديها أعدادا كبيرة من الموظفين المدربين وعليهم رقابة صارمة ما يدفعهم لانهاء معاملات المراجعين بسهولة وسرعة عالية ويعود لذلك للتدريب والرقابة واستخدام التقنية.
وذكر انه أثناء الازدحام ومن شدة التعب والإرهاق الذي لحق بأحد المعقبين سقط على الأرض مغشياً عليه وعندما قام أحد المراجعين بتصوير الحادثة بهاتفه الجوال تم القبض عليه ومنع من مراجعة مكتب العمل بشكل نهائي، مشيراً إلى انه هناك منع لدخول وسائل الاعلام والتصوير، مستغرباً من حضور "الرياض" لنقل معانات المعقبين.
وقال إبراهيم العنزي ان الأرقام التي يتم توزيعها يومياً 200يستلمها المراجعون في تمام الساعة السادسة صباحاً وفق الكشف الذي يتم تسجيله بدءا من الساعة الثانية ليلاً، مشيراً إلى ان عدد الموظفين في الاستقبال لا يتجاوزون 4موظفين ولا يعمل منهم إلا اثنان .
وأكد ان مدير الصالة الذي يشاهد تقاعس الموظفين وتسرب جزء منهم على قلة عددهم يتعامل مع المراجعين بعصبية وينهر كل من يتشكي له، مشيراً إلى ان الصالة الرئيسية لاستقبال المراجعين مجهزة و بها أجهزة ولكن من دون موظفين.
وأشار العنزي إلى ان معاناة يعيشها ممن لديه أبناء طلبة مدارس يتطلب الأمر الذهاب بهم للمدرسة والعودة بهم للمنزل ما يعني ان المعقب ستكون معاناته كبيرة، كما ان ظروفه المادية لا تمكنه من استقدام سائق يقوم هو بالمهمة ليتفرغ هو لمكتب العمل.
ومن جهة أخرى شكا السكان المجاورون لمكتب العمل أثناء خروجهم من صلاة الفجر ممن أسموهم بزوار الليل، مؤكدين أنهم يتسببون لهم بإزعاج لا ينقطع إلا في أيام الإجازة الأسبوعية .
وقال زيد الشلهوب ان سيارات المراجعين تقف أمام أبواب منازلنا كل ليلة ونخشى من السرقات أو التجاوزات الأخرى، مؤكدين ان هناك تجاهلا من قبل المراجعين لتحذيراتنا من الوقوف أمام باب المنزل .
وبين ان الجيران شكوا لمدير مكتب العمل، مطالبين بضرورة إيجاد حلول لهذه المشكلة، معربين عن أسفهم لعدم معالجة المشكلة وتركها للظروف.
ولفت الشلهوب إلى ان عددا من السكان عرضوا منازلهم للبيع أو تم تأجيرها والانتقال لمكان آخر هرباً من الإزعاج خصوصاً أنها تحولت لمواقف لسيارات وأماكن للنوم المراجعين.
من جهته حذر المحامي سعد بالغنيم من ممارسات بعض الدوائر الحكومية، مؤكداً ان ذلك يفتح باب التراخي والتهاون في تقديم الخدمة للمراجعين سواء كان مواطنين أو مقيمين.
وشدد على ان التهاون والتقاعس في تقديم الخدمات سيكون له آثار كبيرة على مسيرة وسمعة الاقتصاد السعودي، مشيراً إلى انه وقف على حالات لهجرة رجال أعمال سعوديين وأجانب وحرمان الاقتصاد من أموال طائلة بسبب البيروقراطية، مطالباً وزارة العمل وبالأخص مكتب العمل في الرياض ضرورة إعادة ترتيب أوراقهم وعدم تعريض الاقتصاد لخطر هجرة الأموال بسبب الإجراءات المتشددة.
وعن أوضاع المعقبين الذين يحضرون في وقت متأخر من الليل لانهاء معاملاتهم في اليوم التالي قال بالغنيم ان النظام يكفل لهم ضرورة خدمتهم من الدائرة في وقت الدوام الذي غالباً ما يبدأ السابعة صباحاً وينتهي 3ظهراً، مؤكداً ان النظام والقانون يضمنان للفرد كرامته وتقديم الخدمة له من دون أن تهان كرامته. وأكد ان القضاء يقبل شكواهم في حال أثبتوا تعرضهم لإهانة أو تعطيل مصالحهم من دون وجه حق، مشيراً إلى ان حضورهم في أوقات متأخرة من الليل بطلب من مكتب العمل يعد مخالفة تخالف نصوص نظام الخدمة المدنية.