أنا صائم .. ومضى يتمتم في خشوع وابتهال
وعلى أسرته المضيئة .. بالقداسة .. والجلال
فيض من الأنوار .. يومض كالصباح على التلال
كصحيفة الأبرار .. كالقلب المعدل بالوصال
وبناظريه تساؤل .. عذب تدفق في حنان
وتطلع يطوي المدى .. ويغوص في لحج الزمان
فكأنما عيناه في .. ثبج الأشعة كوكبان
أو كوتان .. مكلتان .. على فراديس الجنان
أنا صائم .. ومضى يتمتم .. لم يثر .. لم يعتد
لم تنتفخ أوداجه .. حنقا .. ولم يتهدد
لكنه عبر الطريق .. وسار نحو المسجد
بسكينة القلب الوقور .. ونشوة المتعبد
أنا صائم .. ومضى يتيم .. وهو يرنو للسماء
والطهر وشحه .. ولفعه .. بأدرية الضياء
لم يصغ للكلم المسف .. ولا تطاول لاعتداء
بل سار في ألق القداسة .. تحت أجنحة الصفاء
ومضى يفكر لم يعد للتمتمات على الشفاه
إلا اختلاج صامت .. تعيا المدارك عن مداه
أنا صائم.. وأنا هنا..
ما زلت .. انتظر الصلاة
لكنني .. ماذا صنعت ؟
وما سأصنع .. للحياة ؟
هي بضع ساعات .. وأغرق في الشراب وفي الطعام
وأعود أشعر بالدم المناسب .. ينتشل الحطام
لكن إخوتي الضعاف النائمين على الرغام
الصائمين عن الحياة المفطرين .. على الحمام
ماذا صنعت لهم ؟ ولم أصنع سوى النزر اليسير
ولدى من نعم الإله وبره الفيض الغزير
مالي سأتركه .. يعانق كل ذي قلب كسير
ويداي أجدر بالسلاح .. لرد عدوان المغير
وأتى المساء .. ولم يجيء فطفقت أنتظر الصباح
وأنا أحاول أن أراه .. في الغدو أو الرواح
حتى بصرت به .. يطل إلي .. من ألفي وشاح
يختار فيها المدمنون .. بأوجه غر صباح
ورأيته .. أبصرته صوته .. وقد حمل السلاح
ومضى مع الثوار .. يدلج في الروابي والبطاح
والتمتمات البيض في شفته .. في لون اجراح
فعرفت أسرار الصيام وكنه ( حي على الفلاح )
|