في بادرة جديدة قادتها مملكة البحرين ضمن خططها لتنظيم وإصلاح سوق العمل أقرت مؤخراً قانون التأمين ضد التعطل لتكون أول بلد عربي يطبق هذا النظام الذي يجسد التكافل الاجتماعي في أجمل صورة برعاية وإشراف الحكومة ويهدف إلى حل مشاكل العاطلين عن العمل لانتشالهم من العوز وتوفير الحياة الكريمة لهم.
كيف أنشئ قانون التأمين ضد التعطل؟
- هذا النظام في الحقيقة التفت إليه في البحرين في العام 1967م مع صدور قانون التأمينات الاجتماعية الذي تنص بنوده على أنه من ضمن المستفيدين منه هو: العجز والشيخوخة والوفاة وإصابات العمل والعاطلين، ولكن بند العاطلين لم يفعل وقتها، ثم جاء الدستورى المعدل في العام 2002 في المادة الخامسة (ج) يقول بأن الدولة تكفل في الضمان الاجتماعي الشرائح الآتية: الأرامل والأيتام والعاطلين عن العمل؛ لذا فهو حق دستوري ترجمناه إلى قانون.
الحكومة ملزمة بتغطية
عجز الصندوق
* وكيف تم تفعيله وإصداره وتنفيذه؟
- في العام 2003م رفعت مشروع بقانون لمجلس الوزراء كان في الواقع يراودني قبل أن أصبح وزيراً وأعلن عن تشكيل لجنة رسمية بيننا وبين وزارة المالية وغرفة التجارة والاتحاد العام لعمال البحرين وصندوق التقاعد والتأمينات الاجتماعية، وهذه اللجنة استعانت بخبرات منظمة العمل الدولية (دائرة التأمين الاجتماعي) بجنيف الذين أرسلوا لنا خبيرا إحصائيا ثم خبيرا اكتواري ثم خبيرة قانونية خلال أربع سنوات، وصدر القانون في 22 نوفمبر 2006 بعد أن أقره مجلسا الشورى والنواب والاتحاد العام لعمال البحرين، وبدأنا الاستقطاع من 1 يونيو 2007م 1% من العامل و1% من صاحب العمل و1% من الحكومة التي تعتبر أكثر جهة يتم الاقتطاع منها فهي تدفع عن موظفي الحكومة وتدفع عن الجميع أي 2% كما أنها ملزمة إذا حصل عجز في الصندوق أن تقوم بتغطيته
ما الشروط التي توجب الاستفادة من هذا القانون؟
- من أهمها أن المستفيد منها يرغب في إيجاد عمل مناسب ليستفيد من هذا القانون، ونصرف له راتبا لمدة ثلاثة أشهر وفي الوقت نفسه نبحث له عن عمل مناسب، وحين يتم ترشيحه لفرصتي عمل مناسبتين ويرفضهما يرفع عنه التأمين ضد التعطل، وبالتالي لا يعتبر عاطلا بل رافضا للوظيفة أو عاطلا باختياره، وعلى سبيل المثال لو كان معاش العامل500 دينار سيدفع في الشهر خمسة دنانير فقط وفي العام 60 ديناراً وفي خمس سنوات 300 دينار، ولو أصبح عاطلاً عن العمل فإن الصندوق ملزم أن يدفع له 60 % من الراتب شهرياً أي أن المشترك ممكن أن يسترجع ما دفعه في راتب شهر واحد، هذا من جانب ومن جانب آخر هذا القانون سيساعدنا إلى حد كبير في السيطرة على ظاهرة البطالة؛ لأن عدد الوظائف المتوفرة التي يخلقها الاقتصاد البحريني أكبر بكثير من عدد الداخلين إلى سوق العمل والذين يبلغ عددهم من سبعة إلى ثمانية آلاف شخص سنوياً هم خريجو الجامعات والمدارس والمتسربين من التعليم، وألفان تقريباً منهم يلجئون إلى الوزارة لتوظيفهم، أما الباقون فإنهم يحصلون على أعمال تناسبهم مباشرة، وهؤلاء (الألفان) شخص سنقوم بمساعدتهم ماديا من خلال قانون التأمين ضد التعطل حتى لا يكونوا عالة على أحد، وفي نفس الوقت نوفر لهم فرص التدريب والتأهيل للعمل.
* كم هي نسبة العاطلين عن العمل في البحرين من حملة الشهادات الجامعية؟
- إن نسبة العاطلين عن العمل في البحرين بشكل عام حوالي 3.5% منهم 1.5% من حملة الشهادات الجامعية، وسمو رئيس الوزراء وجه وزيري العمل والتربية بأن يضعا تصوراً لتوظيفهم، وقد وظفنا الكثيرين منهم، ولكن ظلت مجموعة منهم مصرة على التوظف في القطاع الحكومي، لذا شكلنا لجنة مشتركة من الوكلاء والوكلاء المساعدين والمسؤولين من الوزارتين وتوصلنا إلى خطة لتوظيفهم رفعناها إلى مجلس الوزراء، وإن شاء الله ستكون هناك أخبار سارة قريباً.
كيف يمكن تحسين وضع العامل البحريني في القطاع الخاص؟
- بدأنا من أكتوبر الماضي مشروع تحسين الرواتب المتدنية ولدينا 30 ألف بحريني رواتبهم أقل من مائتي دينار في القطاع الخاص ولا يوجد حد أدنى للرواتب، لذا عرضنا على صاحب العمل أن تدفع الوزارة خمسين دينارا شهريا لدعم العامل لمدة تتراوح من ستة إلى اثني عشر شهرا، وفي نفس الوقت نقوم بتدريبه لرفع إنتاجيته، وبعد ستة أشهر تقريبا نعيده إلى صاحب العمل، ولتحقيق الفائدة بشكل أكبر زرعنا إدارات تدريب في حوالي ثلاثين شركة لم يكن لديها قسم للتدريب والتطوير، وقمنا بتدريب العمال البحرينيين في مواقع العمل ورفعنا إنتاجية 16 ألف عامل تقريبا بعد أن سجلت معنا450 شركة في المشروع، وحققنا نجاحا كبيرا في هذا الجانب.
ما أوجه التعاون مع دول المجلس في هذا المجال؟
- دول المجلس تعاني معظمها من نفس المشاكل التي نعاني منها في البحرين وهي ازدياد العمالة الأجنبية ووجود البطالة، ولكن تختلف أسبابها في بعض الدول حيث يصر المواطن في الكويت وقطر والإمارات على العمل في القطاع الحكومي وليس الخاص، أما بالنسبة للبحرينيين والسعوديين والعمانيين فإنهم مستعدون للعمل في القطاع الخاص إذا توفر الراتب المناسب والبيئة المناسبة، وقد اتفقنا نحن وزراء العمل في دول المجلس على أن تعرض كل دولة تجربتها في كل مرة نجتمع فيها للاستفادة منها، كما أن هناك تعاونا كبيرا بيننا في مجالات كثيرة، منها فتح مكاتب توظيف في دول المجلس بحيث يستطيع المواطن الخليجي العمل في أي بلد ويعامل معاملة المواطن في الامتيازات الممنوحة وتحسب له نسبة التأمين ومن حقه حين يرجع إلى بلده أن ينقل مدة التأمين ومبلغه إلى بلده، وهناك أيضا تعاون على مستوى التدريب المهني للشركات فيم عهد البحرين للتدريب مع المملكة العربية السعودية وحاليا مع دولتي قطر والإمارات اللتين طلبتا ابتعاث خبراء من المعهد إليهما، وكذلك مع دولة الكويت. بشكل عام لدينا تعاون مع جميع دول المجلس تقريبا وعن قريب سنفتتح مكتب توظيف لنا في دولة قطر في أكتوبر القادم، وكذلك في دولة الإمارات قبل نهاية العام الجاري، وهذه المكاتب ستوفر لنا معلومات عن الوظائف الشاغرة، كما ستوفر لأصحاب الأعمال في تلك الدول معلومات عن المهارات الموجودة عندنا والتي ممكن أن تشغل هذه الوظائف، إننا نهدف إلى توفير فرص عمل وبالتالي تحويل سوق العمل في دول المجلس إلى سوق واحدة. وهناك أيضا تعاون كبير بيننا وبين المملكة العربية السعودية مع الدكتور غازي القصيبي في تبادل المعلومات وكل منا يحاول الاستفادة من القوانين الموجودة عند الآخر، وعلى سبيل المثال البحرين متقدمة في قوانين النقابات العمالية لذا بعض دول الخليج طلبت هذه القوانين وكذلك قانون التأمين ضد التعطل الحالي كل وزراء العمل بدول الخليج طلبوا نسخة منه، كل هذه التحركات في النهاية تصب في مصلحة الوطن والمواطن. فالعمالة الأجنبية لها انعكاسات سلبية ديمغرافية وثقافية وقانونية وحتى سياسية وأمنية وتحتاج إلى إدارة صحيحة بين الدول المضيفة والدول المصدرة لها، والبطالة ظاهرة خطيرة جدا ولابد أن يتعاون وزراء الأعمال الخليجيون وأن يكثفوا جهودهم نحو توفير فرص العمل لمواطنيهم؛ لأن السلم الاجتماعي لا يتحقق في وجود عاطلين.