تحقيق - مناحي الشيباني
رغم حساسية الموضوع وخطورته إلا أن ثلاث فتيات أعلنّ في اعترافات ل "الرياض" عن تعرضهن لمحاولة (التحرش الجنسي) من قبل مسؤولين في شركات ومؤسسات لتحقيق رغباتهن في التوظيف.
ورغم أن كثيراً من الفتيات الباحثات عن عمل اليوم يحاولن إخفاء ما يتعرض لهن من مخاطر في العمل أو أثناء البحث عن عمل خوفاً من أن يفقدن فرصة العمل أو خوفاً من طردهن من العمل أو العار الاجتماعي إلا أن الفتيات الثلاث قلن لنا في اعترافات بعثن فيها ل "الرياض" إن مديري التوظيف والمسؤولين عن التعيين اشترطوا في قبولهن في العمل القبول بشرط (زواج المسيار) وقالت إحداهن لقد طلبني أحدهم لعلاقة غير شرعية وقام آخر بتقديم هدايا وهبات لي وأحدهم حاول التحرش بي جسدياً من أجل توظيفي وقالت أخرى لقد قام مدير البنك بتقديم عقد من الذهب لي وعندما سألته عن السبب قال هذا عربون صداقة أما الثالثة فقالت عندما عملت خادمة في أحد المنازل حاول أبناء صاحب البيت اغتصابي جنسياً.
[
في تحقيق "الرياض" نستعرض نماذج من المخاطر التي تتعرض لها الفتاة الباحثة عن عمل من خلال تلك الاعترافات كما سنتعرض في تحقيقنا أسباب ارتكاب شريحة اجتماعية تمتلك قرار توظيف هذه الفتيات لمثل هذه السلوكيات الشاذة كما نستعرض بعض الخطوات الهامة التي تحمي الفتاة الباحثة عن عمل من تلك المخاطر التي تتعرض لها بلقاء بعض من المختصين في العلوم الأمنية والاجتماعية.
في بداية تحقيقنا تقول إحدى الفتيات في معاناتها مع البحث عن العمل: أنا فتاة أبلغ من العمر 23سنة أنهيت دراستي الثانوية قسم علمي وأنا أكبر إخوتي فأنا أسكن مع أمي مع 3من إخواني.. نسكن في بيت إيجار في حي من الأحياء في الرياض أمي مريضة بمرض الذئبة الحمراء وهو مرض مزمن ومع ذلك فهي تحاول أن توفر لنا المعيشة.. فهي موظفة ولكن الراتب لا يكفي وعليها ديون كثيرة والظروف صعبة علينا فأحياناً أمي لا تستطيع الذهاب إلى العمل بسبب المرض الذي يؤثر على مفاصلها فلذلك لا تستطيع الحركة حولت أن أكمل دراستي ولكن مرض أمي ومسؤوليات البيت وإخواني لم تجعلني أكملها.
فقد اقترحت عليّ صديقتي التي تعاني هي الأخرى بدورها فهي تعيش مع أبيها الكبير في السن وليس له معاش تقاعدي أو عمل بأن نبحث عن وظيفة.. ولكن جميع الوظائف تطلب دورات في الحاسب الآلي لذلك التحقت أنا وهي بمعهد لتعليم الحاسب الآلي.. ودرسنا أنا وهي دبلوم حاسب قسم برمجة لمدة سنتين وتخرجنا بامتياز ولكن أنا لم أسطتع أن أخرج شهادتي من المعهد بسبب المادة فالمعهد يطلبني 8150ريالاً وهو المبلغ المتبقي من الدفعة ولكن أمي لم تستطع توفيرها لي بسبب الظروف المادية التي تواجهنا.. فلذلك أخذت تعريفاً من المعهد بأنني قد أنهيت دراستي بتقدير ممتاز.
[
ومنذ ذلك الوقت وأنا وهي نبحث عن وظيفة لكي نساعد أنفسنا وأهلنا على المعيشة فقدمنا على جميع الدوائر الحكومية والبنوك والمؤسسات وشركات التوظيف والمستشفيات والمستوصفات ولكن لم نجد أي نتيجة فنحن لنا 3سنوات نقوم بتقديم في كل مكان عن طريق الإيميل والفاكس والهاتف لدرجة أننا ذهبنا بأنفسنا نقدمها مباشرة عن طريق شؤون الموظفين أو المديرين "المدير" ولكن صادفتنا بعض المشاكل ودخلنا في دوامة بسبب ذلك.. فبعض المديرين إما أن يطلبنا لزواج المسيار ويقوم بمساعدتنا.. أو يطلبنا لعلاقة غير شرعية.. والبعض الآخر يستغل حاجتنا الماسة للمادة ويقوم بإغرائنا وتقديم المادة لنا بهدف مصالحه غير الشرعية والآخر يقول لنا "معكم واسطة وظفتكم".
ولكننا لم نقف هنا ولم نتنازل عن مبادئنا وكرامتنا وعفتنا.
وآخر موقف مر علي هو أنني ذهبت إلى أحد المستوصفات سمعت بأنهم بحاجة إلى موظفات استقبال ودخلت على المدير ولكن الصدمة الكبرى بأنه قام بالأمر الأفظع وهو بأنه يتكلم بكلام بذيء جداً جداً وقام بالتحرش جسدياً. وهذا ما وصل به الحد معي فأنا وصديقتي تعبنا كثيراً ولم نستطع التحمل أكثر من الذل والإهانات.. لماذا يستغل ضعاف النفوس حاجتنا.. وهل أصبحنا نعيش في غابة يأكل فيها القوي الضعيف..
وتواصل الفتاة معاناتها قائلة: إلى أين سنصل بهذه الحالة مع ظروف المعيشة الصعب التي تواجهنا وعدم توفر المادة.. رغم أننا متعلمات ونحمل شهادات.. هل "نطر" أو نلجأ إلى الطرق غير الشرعية.. هل هذا يرضي ديننا وعاداتنا وتقاليدنا؟.. هل هذا برضى حكومتنا؟ هل هذا يرضي أهلنا؟.. حتى لو فكرنا بالهروب من هذه الدوامة بالزواج.. نجد أن جميع الرجال يطلب أن تكون زوجة المستقبل موظفة حتى تساعده بظروف الحياة القاسية..
لم أطلب حقاً من حقوقي في ظل بلد وحكومة اعتدنا منها أن تعطي لكل ذي حق حقه.
أين أجد الحل؟؟
وما العمل؟؟ بهذا السؤال انهت الفتاة شرح معاناتها ل "الرياض".
من جانبها تقول فتاة اخرى عن معاناتها في العمل والبحث عن عمل أنا فتاة انهيت دراستي الثانوية وحصلت على دبلوم برمجة حاسب آلي لمدة سنتين بتقدير امتياز وابلغ من العمر 26عاماً.. اسكن مع والدي الكبير بالسن ولا يوجد لدينا دخل مادي فهو ليس متقاعداً ولا على راس عمل وهو مريض بسبب كبر سنه وظروفنا المادية صعبة جداً بسبب ظروف الحياة الصعبة ومتطلباتها الكثيرة غير ذلك ابي يحتاج الى الادوية والتي لا استطيع توفيرها له.. غير متطلبات البيت من فواتير ومأكل ومشرب.
فقررت ان ابحث عن عمل ليعينني على مصاعب الحياة انا وصديقتي بحكم انني انسانة احمل شهادة تطلبها جميع الوظائف فقدمت انا وهي في كل مكان من وزارات حكومية وبنوك ومؤسسات ومستشفيات وشركات التوظيف ولكن لم اجد نتيجة في ذلك علماً بأننا لنا اكثر من ثلاث سنوات نقوم بالتقديم في كل مكان عن طريق الإيميل والهاتف وكذلك الفاكس ولم نكتف بذلك بل ذهبنا بأنفسنا نقدم الاوراق مباشرة ولكن تفاجأنا ببعض "المدراء" يطلب زواج مسيار او يطلبنا لعلاقة غير شرعية. ولآخر يستغل حاجتنا الماسة للمادة ويقوم بإغرائنا وتقديم المادة لنا لاجل مصالح غير شرعية والآخر يقول "معاكم واسطة وظفتكم" ولكن لم نكتف وبذلنا ما بوسعنا لكي نتوظف بدون ان نتنازل عن مبادئنا ولا كرامتنا.
ومن المواقف التي صادفتني اني كنت في احد البنوك وكان المدير يماطل فيني وكان دائماً يقول تعالي غداً ويعشمني بأنه سوف يفتح فرعاً جديداً واقوم انا بادارته "يعني جعل من البحر طحينة" وفي آخر لقاء قام بتقديم عقد من الذهب لي فقلت له ما مناسبتها فقال "عربون محبه". الى اين سأصل بهذه الحالة؟ بهذه الظروف الصعبة.
اما الحكاية الثالثة في تحقيقنا اليوم فهي لامرأة سعودية الزمتها الظروف ان تعمل خادمة بالأجر بالساعة في المنازل لإعالة اطفالها لأنها على حد تعبيرها لا يوجد لديها شهادة لكن ماذا تعرضت له أم رائد في رحلة بحثها عن عمل تقول أم رائد والتي لا تزال تتمنى الحصول على عمل شريف اول ما تعرضت له هو محاولة اعتداء من بعض اولاد احدى المواطنات التي كنت اعمل لديها خادمة عندما خرجت من المنزل فقام اولادها بمحاولة الاعتداء علي جنسياً وتواصل أم رائد شرح معاناتها ل"الرياض" قائلة انا المواطنة السعودية أم رائد لدي ولدان الأول يعاني من السكر والضغط والربو والاكزيميا والثاني يعاني من السكر وزلالات في الكلى والضغط وعنده بطء في التعلم وليس لي معين سوى الله وأنا إمرأة مطلقة ومن سوء الفقر كنت اسكن في البر لمدة 3سنوات وساعدوني أهل الخير وأستأجرت شقة ايجار واشتدت حالتي انا وأبنائي واشتد سوء فقرنا وساءت نفسيتي لدرجة انني اصبحت اعمل خادمة في المنازل الساعة ب 15ريالاً وحينما اطلب ليس دائماً وفعلت هذا لكي انفق على أبنائي وأنا تعبت من نظرة الناس لي والمجتمع حيث انني مطلقة اصبحت اخرج الساعة 2ليلاً لكي لا يعرفني الناس وأبحث في النفايات عن علب فارغه لكي ابيعها بعدما توقفت عن العمل في المنازل بسبب مواقف كثيرة مررت بها منها الإهانة لأنني خادمة لا يحترمون وجودي ومرة كنت احمل معي علبة علاجي واثناء ما انا اشتغل قامت صاحبة المنزل برمي حبوبي من العلبة وكان علاجي مدى الحياة وقيمته غالية والموقف الثاني اشتغلت عند احدى البيوت وقامت صاحبة المنزل بالخروج وقام اولادها يحاولون الاعتداء علي ينظرون الى يحسبوني اجنبية وهل هناك امرأة سعودية تكشف وجهها وانا والله ما حدتني اني اعمل بهذه الاعمال الا لأنني لا اعرف القراءة والكتابة وبحثت على عمل وطرقت كذا باب من مؤسسات ومستشفيات ومدارس ولم يستطيع اياً منهم ان يقبلني لأنني لا اجيد القراءة والكتابة وأن أبنائي حينما يحتاجون الى شيء او يطلبون شيئاً احترق لأنني لا استطيع تلبيته والشقه التي اسكن فيها لا يوجد بها سوى 3بطانيات وانا اعاني من الجلطة في الساقين والسكر والضغط والقلب وأنني اخذ علاج مدى الحياة واطلب من الله ثم منكم النظر في امري لتوظيفي في الحقوق الإنسانية او في البنوك او في اماكن الاستقبال لكي اعيش حياة سعيدة ولا ألجأ لا احد بعد الله واتمنى ان استطيع الحصول على وظيفة وعلى منزل لكي لا اعود الى ما مر بي في السابق علماً بأنني لازلت ابحث من علب فارغة لان منزلي لا يوجد به اي شيء وانني اعيش على البلاط.
في البدء وحول قضية معاناة الفتاة السعودية في البحث عن عمل وما تواجهه من مخاطر أمنية يشاركنا رئيس إدارة التعاون الدولي بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الدكتور صقر بن محمد المقيد بتأكيده بأن عمل المرأة اليوم أصبح ضرورة حتمية وخاصة بعد التغير الذي شهد المجتمع السعودي في السنوات الأخيرة ويضيف الدكتور صقر المقيد حول هذه القضية قائلاً:
يبدو لي ان عمل المرأة اصبح ضرورة حتمية، ويبقى العامل الاقتصادي هو العامل الحاسم الذي يقرر حق المرأة في العمل وذلك ضمن عوامل اجتماعية عديدة منها نظرة المجتمع للمرأة بشكل عام وللمرأة العاملة بشكل خاص، وحيث شهد المجتمع السعودي تغييرات اجتماعية و اقتصادية بعيد النصف الثاني من القرن العشرين وحتى يومنا هذا، فإن هذه التغيرات كفيلة بنقل المجتمع من حال الركود التقليدية إلى مراحل متطورة، وكانت الاوضاع الاقتصادية والتنموية مؤشراً على تبدل الوضع والشروع في التعليم النظامي للفتيات، ومن الواضح ان التعليم الانثوي شكل عاملاً مهماً في التحول الاجتماعي والثقافي وأدخل المرأة في معترك الحياة العملية، وتم هذا الدخول كما ذكرت آنفاً نتيجة ظروف ومتغيرات داخلية وخارجية ولم يصاحب هذا الانفتاح النسوي على النوافذ الاقتصادية تغيير في القوانين والاعراف التي تحكم المرأة وتقيد من حريتها واصبحت المرأة العاملة في عرف المجتمعات الذكورية تقوم بأدوار متناقضة منها:
دور المرأة العاملة التي تنال أجراً على عملها مثل الرجل، وكثيراً ما يلجأ الرجل، وهو الأب أو الزوج أو الأخ إلى تقاسم هذا الأجر باعتباره كما يدعى الذكر انه حق مشروع، وكذلك دور الزوجة التي تخضع لزوجها وتلبي طلباته ودورها ايضاً في القيام بالتزاماتها حيال بيتها وأولادها. ولابد لنا من التسليم بأن واقع العمل بالنسبة للمرأة العربية بشكل عام لا يبشر بخير في ظل العادات والتقاليد والتي عادة ما تغلف بالدين الأمر الذي يحرم المرأة من كثير من حقوقها الشرعية التي كفلها لها الدين، ومازالت المرأة العربية تشكل النسبة الأدنى بالنسبة لحجم قوة العمل، حيث بلغت نسبة العاملات في إجمالي قوة العمل العربية 15%.
ان المرأة السعودية تتميز بالذكاء والتفوق في مجالات العمل التي تناسب طبيعتها وتتوافق مع الموروث الاجتماعي، وتبقى ايضاً هي المسؤولة عن دفق المودة و العطف والحنان وهي القيمة الاساسية والباعث على الاستقرار الاسري، ولابد من إشراك هذه المرأة في شتى ميادين التنمية والانتاج التي تشهدها المملكة، ولابد من التسليم بأن اتجاه المرأة نحو العمل يمثل مكانة مهمة في حياة المرأة، وقد يكون الدافع لعمل المرأة نفسياً أواجتماعياً أو اقتصادياً، وهذه الضغوط تشكل في مجملها عاملاً ايجابياً لأنها ترفع من وعي المرأة تجاه تكوين الأسرة الصغيرة، كما يسهم عمل المرأة ايضاً في تأكيد الذات.
ولابد لنا من التسليم بأن للعولمة تأثيرات سلبية وإيجابية على عمل المرأة بشكل عام وفي المجتمعات كافة، هذه المرأة التي اخذت مشاركاتها للرجل في كثير من المجتمعات صوراً متباينة وشديدة الخصوصية حيث ما كانت تواجه عادة بقوى الكبح الاجتماعي، وقد احدثت العولمة تحولات متسارعة في القيم والعادات.
وعلى الرغم من الكفاءة التي تتمتع بها المرأة السعودية إلا أن القطاع الخاص مازال يبني جداراً عازلاً بينه وبين المرأة، وظل توظيف المرأة في مؤسسات القطاع الخاص مجرد امانٍ تداعب مخيلات الخريجات السعوديات، وقد تتعرض الكثير من النساء الراغبات في العمل الى مضايقات، وذلك لأن المجتمع الذكوري مازال وسيظل ينظر للمرأة على انها مخلوق تابع، إضافة إلى ضعاف النفوس ا لذين لا يرقبون في النساء إلاً ولا ذمة وينظرون إليهن على أنهن وجبات آنية فقط، من جانبه وحول هذه القضية ومعاناة الفتاة السعودية عند بحثها عن العمل يؤكد هذه المعاناة والمخاطر التي تتعرض لها الفتاة السعودية ا لدكتور سعود بن صالح المصيبيح أكاديمي وإعلامي بقوله لاشك اننا نعيش مأساة كبيرة في عدم توفر فرص وظيفية للمرأة السعودية حيث جاءت احصائيات مصلحة الاحصاءات العامة الأخيرة التي تؤكد ان هناك اكثر من 46% من ا لجامعيات بدون عمل وهذه نسبة كبيرة اضافة الى خريجات الثانوية العامة وخريجات المتوسطة وكانت محاولة قرار مجلس الوزراء الذي صدر بإتاحة ا لفرصة لتوظيف السعوديات للعمل في أماكن محلات النساء للأسف لم يوفق المشروع وتم إيقافه بالرغم من انه كان من الممكن ان يوفر فرصاً وظيفية هائلة جداً للنساء السعوديات يكفيهن من شر العوز والفاقة والفراغ ويساعد أسرهن ويشعرهن بقيمتهن في الحياة بعد أن درسوا وتعلموا وتثقفوا وللأسف هذا المشروع لم يتم وغيره من المشاريع التي تصب في خدمة توظيف المرأة وإشغال وقت فراغها خصوصاً ممن هن لم يتزوجن أو اللاتي صار لهن فرصة زواج ولم يتوفقن فبالتالي المرأة هناك حاجة ماسة لإيجاد مخارج وفرص للفتاة السعودية حيث تتميز بذكائها وجديتها والتزامها بأخلاقها وحرصها على العمل والكسب الشريف بدلاً من التزايد الهائل الآن حتى أصبحت الخريجات بالملايين.
أما رئيس علم الاجتماع بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الاستاذ الدكتور أحسن مبارك طالب فكان له رأي آخر حول اسباب ما تتعرض له الفتاة الباحثة عن عمل اليوم الذي ارجعه الى ما يسمى به اللا معيارية وضعف الضبط الاجتماعي والى جملة من الأسباب الأخرى، حيث يقول الدكتور أحسن طالب حول هذه القضية:
- أولاً لابد ان نأخذ في الحسبان بأن المجتمع في تغير مستمر واذا نحن كنا نعتقد كنا نعتقد ان مجتمعاتنا العربية لم تتغير فهذا خطأ كبير.
ثانياً: إذا قلنا ان المجتمع يتغير فمعنى ذلك ان القيم والمعايير الاجتماعية تتغير هي في حد ذاتها واسبابها كثيرة لا مجال للدخول فيها واذا قلنا هذا فان هذا معناه يشير الى نقطة أساسية معروفة في علم الاجرام وفي علم الاجتماع وهي اننا دخلنا تقريبا في مجال ونمط يسود في مجتمعاتنا العربية اسمه (اللامعيارية) ومعنى اللامعيارية بكل بساطة ان القيم والمعايير التي كانت سابقا هي المنارة التي تقود مسيرتنا وتقود سلوكنا هي الآن ضعفت او هي اصبحت غير واضحة او اصبحت غير ثابتة كما كانت في السابق، وعندما تضعف هذه المعايير والقيم يضعف معها الانضباط الذاتي لدى كل الأفراد هذا من جهة، من جهة أخرى اذا ضعف الضبط الذاتي بسبب ضعف المعايير والقيم في المجتمع فان هذا يؤدي بناء الى سلوكيات لا تحمد عقباها، ويتدخل محور ثالث وهو التغير الاجتماعي أدى الى جملة ما يؤدي ان المرأة تخرج للعمل أكثر من السابق وتخرج فقط كونها اصبحت مثقفة واصبح لديها مقدرة على العمل لكن ايضا بسبب الظروف الاجتماعية الجديدة بحيث جعلت ان الفرد الواحد في المجتمع لا يستطيع ان يتكفل بالعائلة الواحدة فيدخل آخرون من أفراد العائلة ويعملون وهذا السبب الأكثر ملاءمة لهذا الوضع في مجتمعاتنا الحالية.
كيف يمكننا حماية الفتاة من هذه المخاطر؟
لكن كيف يمكننا وقاية الفتاة الباحثة عن عمل من هذه المخاطر التي تواجهها يلخص الدكتور أحسن طالب اساليب الحماية في عدة اساليب منها الوقاية الذاتية والضبط الذاتي الشخصي ويواصل حديثه الدكتور أحسن طالب عن شرحهذه الأساليب قائلا:
الأسلوب الأول والطريقة الأولى هي الوقاية الذاتية: قبل أن نطلب من المجتمع ذاته يجب ان نسعى كأفراد مجتمع سواء كنا ذكوراً او اناثاً ان نقوم ونجسد ونفعل ما يسمى بالوقاية الذاتية كيف الوقاية الذاتية هي ان تتعلم انت نفسك أن تحمي نفسك بنفسك قبل الآخرين بدءاً بالاعتماد على تقويم الذات اخلاقياً وروحياً وعملياً والنظر الى كل المتغيرات والعوامل التي يمكن ان تؤدي بناء الى سلوكيات غير حميدة والنظر الى كل المتغيرات الأخرى التي يمكن ان تتدخل وتجعلنا معرضين لأفعال وسلوكيات غير حميدة فهذه المتغيرات ندرسها ونعرفها تماماً فمثلاً معناها أنا (كبنت) في وضع معين في مجتمع معين ليس معناه أي شركة أو اي مؤسسة أروح أدق بابها، وأقول تعال شغلني، صحيح هناك حاجة ماسة ودافع قوي انت تبحث عن عمل وتريد، لكن هذا لا يمنع انك تختار الشركات الملائمة ان تختار الشركات التي عندها اسم ان تختار الشركات التي عندها سمعة، وهناك اسلوب آخر وهو الضبط الذاتي الشخصي.
- والضبط الذاتي الشخصي أنت، فأي شبهة أي شيء يثير يبين ان الوضع غير طبيعي غير عادي الانسان ما عليه الا ان يرجع للوراء للخلف ولا يتقدم خطوة للامام بل خطوات للوراء ويبتعد عن ذلك الموقف.
فاذن المواقف ترتكز تتمحور حول ما نسميه الضبط الذاتي الوقاية الذاتية اننا لا ننظر من أحد ثم بعد ذلك نحاول نفعل الأطراف في المجتمع في العمل الوقائي أقلها التوعية بالمخاطر الحديثة التي تتعرض لها الرجل والمرأة وبخاصة المخاطر التي تتعرض المرأة أكثر من الرجل لنعمل بكل الوسائل لكي نبين هذه المخاطر لأبنائنا وبناتنا لكي لا يقعوا فريسة لهذا.
الشيء الثاني وهي عملية الاحتيال وهو الذي يعتبر الآن مصيبة من مصائب المجتمعات الحديثة وخاصة المجتمعات النامية والمتخلفة وله انماط اجرامية في كل الميادين فهذا من جملة الاحتيال على المرأة وهذا من ضمن ما ذكرته انت في هذه الحالة تدخل ضمن الاحتيال على المرأة لأن بعض الأشخاص الذئاب البشرية يريدون شيئا منها فيحتالون عليها بهذه الوسيلة لأنها في حاجة للعمل في حاجة للوظيفة في حاجة للمدخول فيحتالون عليها بهذه الطريقة ان عملك مقابل ما أريده.
بعد ذلك من يضمن لها والأكثر احتمالا انه لن يوظفها لانه اذا نال منها ما يريد لانه ليس من مصلحته هو ان تكون هذه السيدة موجودة لديه في العمل.
أما المخاطر التي تتعرض لها الفتاة الباحثة عن عمل وكيفية مواجهة هذه المخاطر من وجه نظر الدكتور سعود المصيبيح فيشرحها قائلا ما تتعرض له الفتاة السعودية للبحث عن عمل فهذه مسألة اخلاقية في غاية الخطورة ينبغي الحقيقة ان نتشدد كثيرا في التعامل معها ويجب الا تتاح الفرصة لبعض الشهوانيين الذين ليس لهم ذمة وليس لهم أخلاق في استغلال حاجة المرأة للعمل ومحاولة فرض وسائل معينة من العلاقات المشروعة وغير المشروعة وان كان زواج المسيار هو مشروع ولكنه اذا جاء بهذه الطريقة البشعة السيئة التي تنم على استغلال الحاجة الانسانية خصوصا اذا كان هناك مؤسسة او شركة يديرها رجل يشترط مثل هذه الشرط الخالي من الانسانية والخالي من الضمير فان ذلك يجب ان يكون مثل هذا التصرف تحت دائرة المتابعة والا تتاح لأمثال هؤلاء استغلال حاجة المرأة للعمل وأتمنى أن تشرف وزارة العمل بمؤسساتها والتي اعتقد انها نجحت نجاحا طيبا في عملها وتوجهاتها لولا ان المجتمع اعتقد سواء من تعليم يهيئ طالب العمل التهيئة اللازمة ولولا التقاعس الملحوظ من بعض رجال الأعمال الذين لا يعني لهم حاجة المجتمع للعمل مع بعض المشكلات التي رأينها مثل غلاء في الاسعار ومن مشكلات الأسهم وغيرها والتي انعكست على واقع بعض الأسر السعودية وبالتالي فان حاجة الانسان للعمل وخاصة المرأة اصبحت مهمة جدا جدا ولهذا أرى لحل هذه الاشكال ان تتقدم كل فتاة سعودية ترغب العمل وهن كثر ويتم تسجيلهن وفق نظام كمبيوتري واضح جدا ثم تتاح الفرصة للشركات التي تقود توظيفهن ويتابع حقيقة مع الجهات الأمنية المختصة اي سلوك يهدف الى استغلال المرأة او الحد من كرامتها او اغوائها او اغرائها واستغلال حاجتها في معاقبة مثل هؤلاء ومحاسبتهم وعدم ترك الفرصة لهم في مثل هذا واقول في نهاية الكلام لمثل هؤلاء أن يتقوا الله سبحانه وتعالى في عدم استغلالهم لمثل هذا الامر، وأنا لا أرى الحقيقة مثل هذا التصرف الا هو لي يد هذه الفتاة المحتاجة واستغلالها لنكاح متعة مؤقت لاشباع رغبة وشهوة جنسية والا انها سوف تفقد فرصتها في العمل.
ولهذا المسألة اخلاقية يجب ان نتصدى لها بحزم سواء عبر جمعيات حقوق الانسان او عبر الجهات القضائية او عبر الجهات الدعوية ومن عليه مسؤولية سلامة المجتمع وامنه واستقراره. من جانبه يقول الدكتور صقر المقيد عن الحلول لمواجهة ما تتعرض له الفتاة الباحثة عن عمل من مخاطر وهذا يوجب على الجهات المختصة تنظيم أقنية رسمية لتوظيف المرأة في القطاع الخاص حسب مؤهلاتهن، وليس من المناسب ان تقوم الفتاة بطرق ابواب الشركات والمؤسسات وهي تعج بالغرباء من شتى المنابت والملل، اذن الامر مرهون بتقوية المؤسسات النسوية وتفعيل القائم منها، والمؤسسات الحكومية المؤهلة للقيام بالأدوار المساندة للمرأة هي مجلس الشورى، وهيئة حقوق الانسان، والغرفة التجارية، ووزارة العمل، ووزارة الخدمة المدنية. اما فيما يتعلق بالمضايقات التي تحدث للمرأة فاعتقد انها حتمية، وتحدث هذه المضايقات للنساء في كافة المجتمعات حيث تتعرض المرأة العاملة للمضايقات والتحرش من قبل زملائها في العمل ولكن تفعيل القوانين وتغليظ العقوبات بحق هؤلاء وأولئك الأشقياء كفيل بالحد من هذه المشكلة، ويبقى عمل المرأة في جو نسوي أفضل وأنفع بكثير من عمل المرأة في بيته مختلطة، وانا واثق من ان الأعمال الخاصة بالمرأة، خاصة المكتبية، كثيرة جدا، والبحث الجاد من قبل الجهات المسؤولة كفيل بايجاد عشرات الآلاف من الوظائف النسوية، وآمل ان تبادر الجهات ذات العلاقة الى انشاء مكاتب لتوظيف الفتيات والحفاظ على كرامتهن وحقوقهن.
منقول جريدة الرياض
http://www.alriyadh.com/2007/09/28/article283193.html