عرض مشاركة واحدة
  #30 (permalink)  
قديم 30-09-2007, 01:35 AM
الصورة الرمزية عاطله 2006
عاطله 2006 عاطله 2006 غير متصل
مشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Jun 2007
الدولة: ـألشرقيهـ ..}
المشاركات: 3,926
معدل تقييم المستوى: 172
عاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداععاطله 2006 محترف الإبداع

رمضان في الفلبين.. التمسك بأهداب الدين

بقلم: سمير حسين
الفلبين مجموعة من الجزر يبلغ عددها (1200) جزيرة، ويعيش المسلمون هناك كأقلية، وللمسلمين في هذه البلاد العديد من العادات والتقاليد التي تعتبر خاصةً بالمجتمع الإسلامي هناك، والتي وإن اتفقت في الجوهر مع التعاليم الإسلامية إلا أنها تحتفظ بخصوصية مجتمعها، وفي شهر رمضان المجال الواسع لإبراز مثل هذه العادات.
وقبل الخوض في مسألة عادات مسلمي الفلبين في شهر رمضان لا بد من معرفة كيف وصل الإسلام إلى هذه البلاد؟ تشير المعلومات التاريخية إلى أن الإسلام دخل إلى هناك عن طريق التجَّار المسلمين، الذين جاءوا حاملين تعاليم الدين السمح، يطبقونها في تعاملاتهم التجارية؛ مما كان له أكبر الأثر في اعتناق أهالي هذه البلاد الإسلام.
وقد ظل الإسلام هو الدين الغالب في الأراضي الفلبينية حتى وصل إليها الغرب عن طريق الرحَّالة ماجلان الصليبي الذي تغلَّب على أهلها واحتلتها أسبانيا من بعده في عام 1568م في عهد الملك "فيليب الثاني"، وسمِّيت البلاد باسم هذا الملك لتبدأ رحلة اضطهاد للمسلمين هناك.
ومن أبرز ملامح الاضطهاد تغيير نطق اسم العاصمة إلى نطق غير عربي، فبعد أن كانت المدينة تسمى "أمان الله" صارت تسمَّى "مانيلا"، وللآن يعيش المسلمون في الجنوب في حرب دائمة مع السلطات الفلبينية التي لم ترحم المساجد، فقامت بهدمها، لكنَّ السلطات حاليًّا بدأت تأخذ اتجاهًا أكثر هدوءًا في تعاملها مع الوجود الإسلامي بالبلاد، وعامةً توجد العديد من المساجد في الفلبين لا تزال باقيةً منها: مسجد كوتاباتو، مسجد دافو، مسجد لانوا، مسجد سولو، مسجد مانيلا، مسجد باراغ، وأشهرها مسجد الإمام الشافعي.
تقاليد رمضانية
للمسلمين في الفلبين عادات وتقاليد خاصة بهم؛ حيث يترقَّبون دخول شهر رمضان من أجل تأكيد هويتهم الإسلامية، ومن أبرز عاداتهم خلال الشهر الكريم تزيين المساجد وإنارتها والإقبال على الصلاة فيها، بل وجعلها مركز التجمع العائلي، فتصبح دارًا للعبادة وللتعارف بين المسلمين.
ففي وقت الظهيرة من نهار أيام شهر رمضان يتجمع أفراد كل حي من أحياء الشمال المسلم ليقوموا بعمل واحد، وهو إما ترميم مسجد الحي وتزيينه، وإما تطريز سجادة كبيرة، وهذا التقليد لا يتخلَّى عنه مسلمو شمال الفلبين، ولأن العمل مكلف تقوم الأسر بتقاسم التكلفة، كلٌّ حسب إمكانياته، يقدمون المال أو مواد البناء.

وقد قال ابن بطوطة عن أهل شمال الفلبين- والذين كانوا قد وفدوا من البلاد التي كانت تسمَّى ببلاد السند في الماضي-: "إنهم متمسكون بأهداب الدين الإسلامي.. ولديهم عادات تجسِّده في شهر رمضان المبارك".
القرآن في رمضان
يهتم المسلمون في رمضان بتعليم أولادهم القرآن، وذلك من خلال المشاهد التمثيلية، فإذا أرادوا تعليم الأولاد سورة (المسد) مثلاً يبدأون عمليًّا بجمع كميات كبيرة من الأخشاب، وتقوم النساء بحمل حزم الحطب والأطفال يراقبون، وفي هذه الحالة يبدأ شيخ وقور يعتلي منصَّةً خشبيةً في ساحة الحي والأطفال ينظرون إليه، ويستمعون بحرص إلى ما يتلو: "بسم الله الرحمن الرحيم، تبت يدا أبي لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب، سيصلى نارًا ذات لهب، وامرأته حمالة الحطب، في جيدها حبل من مسد إنه يتلو سورة (المسد) والنساء يجسِّدن معاني الآيات بما فعلن من جمع الحطب، وفي كل ليلة يُقرأ آية أو بعض من الآيات يجسِّد معانيها الكبار من رجال ونساء أمام أطفالهم الصغار، هم يؤمنون بأن ما يُجسَّد ويُرى بالعين المجردة أثبت وأوقر وأكثر تأثيرًا، فبهذا الأداء والتجسيد يُفهم معنى الخير وجزاؤه.. والشر وعاقبته، والأطفال لا يكتفون بالمشاهدة فقط، فبعدها وقبل موعد السحور يقومون بتجسيد الآية كما عرضها الكبار عليهم.
موائد وفوانيس رمضان
إفطار جماعي في مركز البحوث الإسلامية في الفلبين
عند الإفطار لا ينسى المسلمون الفلبينيون أن يزيِّنوا موائد الشهر الكريم بالأكلات المحلية الخاصة بهم، مثل طبق "الكاري كاري" وهو اللحم بالبهارات و(السي- يوان سوان) المطبوخ من السمك أو اللحم، وإذا ما تناولوا الإفطار يبدأون بتناول مشروب مفضل بالنسبة لهم، يتكون من الموز والسكر ولبن جوز الهند، وهناك بعض الحلوى التي تشبه "القطائف" المصرية تُسمَّى (الأيام)، وأيضًا يتناولون عصير "قمر الدين".

أما بالنسبة لانتهاء الإفطار عند الأطفال، فتجدهم يخرجون مرتدين الثياب المزركشة، حاملين في أيديهم ما يشبه فوانيس رمضان، يغنون أغانيهم الوطنية، ويتجمعون في شكل فِرَق يذهب كل فريق إلى أقرب مسجد؛ حيث يستقبلون المصلين بالأغاني والأناشيد، ثم يزورون المساكن المجاورة للمسجد، ويظلون على هذه الحال حتى يحين موعد السحور، فيقومون هم أنفسهم بإيقاظ الأهالي لتناول السحور.
وغالبًا ما ترى نفس طعام الإفطار على موائد السحور، مُضافًا إليه نوع حلوى "الأيام" التي تشبه القطائف المصرية، وشرابَا الليمون وقمر الدين، كما أن هناك أيضًا أنواعًا من الأطعمة تُؤكَل في السحور، أهمها: الجاه، والباولو، والكوستارد وهو مكون من الدقيق والكريم والسكر والبيض.
وما أن ينتهي الإفطار حتى ترى المسلمين مُسرِعين إلى المساجد لتأدية صلاة العشاء، وبعدها تقام الأذكار وتُختَم بصلاة التراويح، وهي واجبة الأداء؛ فكل مُصلٍّ لا بد أن يُؤدِّيَها، وتتكون من عشرين ركعةً تُصلَّى بح***ن، فهم يعتبرون المسجد طوال أيام رمضان المكان المُختار للقاء العائلي.
تواصل وصلة رحم
ويحرص المجتمع الإسلامي الفلبيني في شهر رمضان على تقديم الخدمات الاجتماعية للمحتاجين، فالكل إخوةٌ في الإسلام؛ حيث يتزاور المسلمون خلال شهر رمضان، فتقضي الأسر الفقيرة أيام الشهر كلها متنقلةً على موائد الأسر الغنية المجاورة دون حرج، كما يجمع الأغنياء صدقات رمضان وتُوزَّع على هذه الأسر ليلة النصف من الشهر، ولو سألتَ أحد سكان جزر الفلبين عن كيفية إخراج زكاة الفطر عندهم لأجابك بأن الأهالي يجمعونها في شكل جماعي من بعضهم البعض، ثم يقوم شيخ المسجد- سواء في المدينة أو القرية- بمهمة توزيعها على مُستحِقيِّها، كُلٌّ حسب حاجته، دون أن يدري أحد سواه.
وتلك عادة توارثها أهالي هذه البلاد جيلاً بعد جيل، منذ نشر الإسلام ألويته خفاقةً في تلك الأنحاء القاصية من الأرض، وهي في جوهرها تتفق مع تعاليم الإسلام.
</SPAN>