؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛°`°؛¤ أعتـــذِر عـن حُضــور أَفراحكــــم ¤؛°`°؛¤ّ,¸¸,ّ¤؛
كلما دُعيتُ إلى حفلِ زفاف على نمط ألف ليلة وليلة، وقف أمامي حاجبان طويلان يلبسان ثياباً غريبة، ويحملان رماحاً حادة، وبطاقة الدعوة، يرمقانني بنظرة تعني .. لا للرفض!
ويجذبني كل واحد منهما إلى مكان ..
أما الأول فيقودني إلى عالم التوتر، صالة الأفراح، بما فيها من إيقاعات صاخبة، وموسيقا تصدح تصم الآذان، وتخترق القلب فتميته. فأتظاهرُ بالقبول، وأولّي هاربة إلى أول طريق تأخذني إلى بيتي الهادئ.
ليظهر الحاجبُ الآخر هذه المرّة بملامح غريبة، يحملُ رقعة جلد ذهبيّة ملفوفة بعناية .. مكتوبٌ عليها دعوة لحضور عرس فلانة على فلان ..
ومذيّلة برجائين، صغيرين ..
ألا نحضر معنا أجمل شيئين في الدنيا .. الزهور والأطفال إلى هناك ..
أطوي الرقعة وأحدّق في الحاجب، فلا يتكلم، بل يومئ بالحضور..مشيراً إلى مقطع لم أتنبه لوجوده في الرقعة ..
" المولدُ سيبدأ الساعة الثامنة وسينتهي في العاشرة"
مازالت فكرة الأفراح مقلوبة في عالمنا ! ولكن كيف أعتذر من هذا الحاجب المسلّح برمحه، وكيف أقنعه بأني لا أرغبُ بحضور أفراحٍ بلا فرح، كهذا الذي أتى به إلي ..
مُنذُ أعوام وأنا أشتاقُ لأن أفرح، ذلك الفرح الحقيقي الذي يسكن القلب فيشعر بالسعادة والحياة والأمل .. وكم أستغربُ وصول الدعوتين إليَّ تحديداً ..
أما ملّ الناسُ من قراءة حزني وسط أفراحهم؟ لقد مللتُ أنا من سؤالهم .. ما بكِ ؟ وتعبتُ من البحث عن بريق الفرح ، ذلك الذي يُنثرُ على العينين فتختفي كل ملامح الحزن ..
منظري قد بات غريباً بين الجموع .. وأنا الحزينة الوحيدة بينهم..
حزني يمتدُ لأسباب كثيرة .. أولها على تلك العروس التي أوهمت نفسها بأنها ستشعل للسعادة شموعاً عبر هذا الزفاف الصاخب، أو ذاك المُتخم بألوان البدع من أناشيد خارجة عن نطاق المعقول في تجاوزاتها، أو تبرك بماء الزّهر .. ثمرة المولد التي إن نلت رشّة منه غدوت أسعد الناس .. ولست أدري من أين أتت هذه الفكرة، فكأنها تشبه خُرافة بحيرة الأمنيات .. إن رميت بها قرشاً تحققت أمنيتك .. وهاهن الآن يغرقن برشّات المولد، وقد كنَّ كذلك منذ سنين، فلماذا لم يسعدن، وتاريخ حزن كل امرأة منهن لا تكفي لتدوينه سجلات التاريخ ..
مازال الحاجبُ واقفاً، يطرقُ برمحه على الأرض، ينتظرُ جواباً .. وأنا أبحثُ عن الفرح ..
ها هو يحدق في ساعته الرملية، يكادُ الوقت المخصص لردي أن ينفذ ..
تبرقُ في روحي ذكرى خالدة .. لشريح القاضي ليلة زفافه ..
لما نظر إلى عروسه رآها البدر المكتمل .. وهناك توجه القلب لله بدعاء عميق ..
" أسألك خيرها وخير ما جُبلت عليه، وأعوذ بك من شرّها ومن شر ما جُبلت عليه "
نظرت في عينيه وأرسلت بسمة حييّة، وقالت بحرصٍ ورجاء .. لنبدأ حياتنا بركعتين لله ..
وافتتحت حياتهما بصلاة .. وكم تُفتتحُ حيوات بطرب ومعصية وغفلة ..
يقولُ شريح .. فبت معها بأنعم ليلة، فمكثت معي عشرين عاماً لم أعقب عليها في شيء إلا مرة، وكنت لها ظالماً.!
فياليتهم يقبلون بأن أنقش هذه القصّة على رقّ وأرسلها للعروسين هديّة، متوّجة بآية ..
" ومن ءاياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة "
وليتني أوصل إليهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا أيقظ الرجل أهله من الليل فصليا ركعتين جميعاً كتبا في الذاكرين والذاكرات ).
وليتني أُنسّقُ ثلاث زهرات عن قصص لثلاث أزواج خلدها التاريخُ فيها العبرة ..
قصّة زواج والد عبد الله بن المبارك، وزواج الإمام أبي حنيفة، وقصة زواج عاصم بن عمر بن الخطاب من ابنة بائعة اللبن .. وتلك الجوهرة الغالية التي حصداها .. عُمر بن عبد العزيز .. لعل عروساً ما تُصغي فتتقلّد بالجوهر، وتسيرُ على خير الأثر، فتحسنُ ارتداء ثوب الفرح، وتعلم الناس معناه ..
أنهيتُ الكتابة على الرقعة وذيلتها بحروف قليلة .. لأرسلها هذه المرة مع جارية رقيقة .. كتبتُ فيها:
قال تعالى : " ألم يأن للذين ءامنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق "
السعادة ألوان، وللفرح أثواب، فلا تتخيروا الزائف منها، وابحثوا عن البديل النقي ..
وإلى ذلك الحين .. أعتذر عن حضور أفراحكم وإن توّجت بمباهج الدنيا .. فما عند الله خير وأبقى ..
والسلام ختام.
منقووووووووول
|