متى يتوقف دبلوم الصيدلة؟؟
اقتباس:
الصيدلي عبدالرحمن بن سلطان السلطان*
على الرغم من التطور المتلاحق الذي شهدته منظومة الرعاية الصحية في بلادنا، إلا ان مهنة الصيدلة وهي أحد الأركان الأساسية لهذه المنظومة، لاتزال تعاني من مشكلة تزداد تفاقماً مع مرور الأيام والأعوام، وهي التزايد المهول في أعداد (فنيي الصيدلة)، وهم الحاصلون على الدبلوم الفني خلال مدة لا تتجاوز العامين والنصف فقط. وللأسف فإن أعداد الخريجين في هذا المجال تضاعفت بشكل خرافي في السنوات الأخيرة من خلال التوسع الكبير في المعاهد الأهلية، دون أن يواكب ذلك تصاعد في أعداد الوظائف المتاحة، فضلاً عن تقلص الحاجة لمثل هذا التخصص مع تطور الممارسة الصيدلانية ورفع معايير الممارسة الدولية.
من هو الصيدلي؟
مهنة الصيدلة مرت بالعديد من التطورات العلمية والقفزات المهنية، وخصوصاً خلال العقود الأخيرة، ونحت نحو أن تكون أكثر قرباً من المريض، من خلال مبادئ وتطبيقات مفاهيم (الرعاية الصيدلة pharmaceutical car) وهي التطبيقات التي لم يعد فني الصيدلة للقيام بها، فهو لا يستطيع صرف دواء دون اشراف صيدلاني مرخص (كما هو واضح في الفقرة ب من المادة الثالثة والعشرين من نظام مزاولة المهن الصحية)، ولا يستطيع القيام بالمهام السريرية المناطة بالصيدلي، ولن يقوم بتقديم الاستشارات في مجال معلومات الأدوية والسموم. فضلاً عن نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلية الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/٣١ وتاريخ ١/٦/١٤٢٥ه ونظام مزاولة المهن الصحية الصادر بالمرسوم الملكي م/٥٩ وتاريخ ٤/١١/١٤٢٦ه قد عرفا الصدلي بالحاصل على شهادة البكالوريوس في علوم الصيدلة أو الحاصل على درجة دكتور صيدلي من جامعة معترف فيها.
بالاضافة إلى ان جوانب المهنة الأخرى سواء على مستوى الصناعة الدوائية أو المكاتب العلمية لشركات الأدوية تستلزم وجود صيدلي حاصل على الدرجة الجامعية ملم بكافة التفاصيل والمهارات المطلوبة، خصوصاً مع ارتفاع سقف التوقعات من المهنة بشكل خاص، ومنظومة الرعاية الصحية بشكل عام.
الحاجة انتهت!
لقد كنا في مرحلة سابقة بحاجة إلى وجود (فنيي الصيدلة) في ظل النقص الحاد في أعداد الصيادلة في المملكة، ووجود كلية صيدلة واحدة فقط في جامعة الملك سعود بالرياض، واليوم عدد كليات الصيدلة عبر المملكة تجاوز الخمس عشرة كلية ما بين حكومية وخاصة، وأعداد الخريجين في تزايد مطرد، فلماذا الابقاء على درجة الدبلوم؟ ونحن في مهنة الصيدلة تجاوزنا مرحلة الدرجة الجامعية (البكالوريوس) إلى الدرجة المهنية (دكتور صيدلي Pharm.d)؟ فضلاً عن منظمة الصحة العالمية WHO ما فتئت تدعو إلى أن تكون الدرجة الجامعية هي الحد الأدنى في الممارسة الصحية في كافة العلوم الصحية.
المستوى العلمي؟
لقد ثبت خلال السنوات الماضية عدم أهلية الكثير من خريجي الدبلومات الأهلية، وما النسب المنخفضة في تحقق الحد الأدنى في الامتحان الموحد في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية إلا أكبر دليل على هذا التدهور العلمي الكبير، وغني عن القول أن هذا الخلل المنهجي يصل إلى جودة الممارسة المهنية، والتي تنعكس على المريض في نهاية الأمر، وكثير من زملائنا الصيادلة العاملين في المستشفيات يعانون الأمرين مع هذا المستوى العلمي المنخفض، ليتحول الحاصل على دبلوم الصيدلة في كثير من الأماكن إلى مجرد مراسل أو كاتب دون اعتبار لدراسته السابقة! والتي أمست لا تسمن ولا تغني عن جوع، في مهنة تتطور وتتسارع بشكل متلاحق، فضلاً عن فقدان مهارة اللغة الانجليزية، وهي لغة التواصل والتطور العلمي في مجال الصيدلة وعلومها.
مسؤولية هيئة التخصصات الصحية
لقد قامت الهيئة السعودية للتخصصات الصحية مؤخراً بتقنين القبول في بعض التخصصات الصحية ومنها دبلوم الصيدلة، وهي خطوة مباركة في الاتجاه الصحيح، ولكننا اليوم أمام مشكلة تتفاقم وتتوسع بشكل مقلق.
انه نداء إلى القائمين على المعاهد الأهلية في الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وكذلك عمداء الكليات الصحية في الجامعات السعودية، وذلك لاتخاذ هذا القرار التاريخي بايقاف القبول في تخصص (فنيي الصيدلة) وذلك حفاظاً على المهنة وجودتها، ومواكبة للمستجدات والمعايير الدولية.
من جهة أخرى تبرز أهمية وضرورة ايجاد الحلول للوضع الحالي لفنيي الصيدلة، سواء العاملين منهم أو العاطلين، من خلال تفعيل وزيادة برامج (التجسير) نحو الحصول على درجة البكالوريوس في علوم الصيدلة، وهو ما يوجد في بعض الدول المتقدمة وحتى بعض الدول المجاورة كالأردن، أو على الأقل ايجاد برامج تعليم طبي مستمر CME تساهم في رفع المستوى العلمي وتزيد من المهنية.
وبعد فإن هذه الدعوة تستهدف الرقي بمهنة تزداد تعقيداً مع مرور الأيام، وتساهم في دعم جهود السعودة في قطاع لا يزال يئن من ندرة الكفاءات الوطنية فهل من مجيب؟؟
* باحث دوائي ومتخصص في الادارة الصيدلية
المصدر صحيفة الرياض
|
لاايكم في المقال