الفوضى كلمة مرعبة للأُمّهات، لأنّها تعني المزيد من العمل والتنظيف، ولكن المعنى يختلف تماماً لدى الأطفال، فهي تعني لديهم اللهو والإكتشاف والتخيّل، وهي معان جميلة ومهمّة للغاية لتطوير نموّهم الإدراكي والمعرفي. ومن هنا يدعو الخبراء الأُمّهات إلى غض الطرف، وإبداء بعض التهاون من حين لآخر، حيث أثبتت الدراسات أنّ لهو الصغار بأشياء مثل الرمل والطين والطعام يمنحهم فرصة التعلُّم، ويطوّر لديهم مهارة التعلُّم عبر الحواس مثل اللمس والتذوّق والشم، كما يعلِّمهم العلاقة بين الأسباب والنتائج، ويعزّز لديهم مهارة الإبداع والتعبير عن أنفسهم فضلاً عن تعلُّم المشاركة وتبادل المشاعر والتواصل الإجتماعي وما إلى ذلك من الفوائد المهمّة.
ويدعو الخبراء الآباء إلى مشاركة أبنائهم متعة الفوضى من حين لآخر، كأن تسمح لهم الأُم بمشاركتها إعداد الكعك، أو تشاركهم هي نفسها لعبة فقاعات الصابون أو اللهو في الطين. وهناك وسائل كثيرة يمكنها أن تيسّر لها الأمر، كأن تجلب لهم مرايل بلاستيكية يرتدونها أثناء اللهو لتضمن عدم اتساخ ملابسهم، أو تفرد ملاءة على الأرض في مكان اللهو بحيث تحصر الفوضى في مكان واحد. وفي النهاية تطلب منهم مساعدتها على تنظيف المكان، ليعتادوا تحمّل نتائج أفعالهم ويشاركوها الإحساس بالمسؤولية.
ومهما يكن، ينبغي على كل أُم أن تضع في إعتبارها أنّ الطفل الصغير يحتاج إلى الحركة واللهو، وأنّ الذي لا يتحرّك من مكانه لا يعد طفلاً طبيعياً. ولو سألت كل أم الأُمّهات اللاتي سبقنها ستجدهنّ يتحدّثن عن طفولة أبنائهنّ بمرح وسعادة، وسيروين لها قصصاً عن الفوضى والمتاعب التي كانوا يسببونها، عندئذٍ ستدرك أنّها ليست الوحيدة التي تعاني عشق طفلها للفوضى، وأنّها مرحلة مؤقتة سيأتي يوم وتمضي من تلقاء نفسها.