بدأوا في ممارسة مهنتهم بدعم من لجان القبول
أسعارهم : 50 ألفاً للأمنية و80ألفاًً للجوية و35 ألفاً لكلية الحرس
سماسرة القبول في الكليات العسكرية يعبثون بأمن الوطن فمن يوقفهم ؟
مع بداية العطلة الصيفية يبدأ عدد كبير من الشباب السعودي مهمة شاقة وتستنزف الجهد والوقت وهدوء البال وراحته ألا وهي مهمة البحث عن أمان المستقبل ( الوظيفة ) أو القبول في إحدى الجامعات فهي مصدر الطمأنينة والراحة في ظل تدهور الأوضاع الإقتصادية وصعوبة الدخول في مشاريع صغيرة في ظل سيطرة الرأسمالية على الحركة الإقتصادية في البلاد .
في ظل بحث هؤلاء الشباب عن الأمان الوظيفي تبدأ فئة أخرى من المواطنين في ممارسة مهنتها السنوية والمرتبطة بموسم البحث عن الوظيفة وهؤلاء يسمون ( سماسرة القبول ) وهم عادة إما موظفين متقاعدين أو وسطاء أو قل موظفين وعسكريين على رأس العمل .!
نعم ، ففرص القبول ضعيفة ، بل أن أصحاب الإمتياز أصبحوا لايظمنون القبول في الكلية التي يرغبون أو تشترط مثيل معدلاتهم .
في هذه الفترة من كل عام ينشط السماسرة والذين يقدمون خدمة ( وساطة القبول ) بين الشاب الباحث عن القبول في الكلية وبين المسؤول الذي يضع شروط القبول إن صح التعبير أو يملك وحده فرصة تسجيل أي شخص يريد .
هؤلاء السماسرة يزداد نشاطهم بالقرب من الكليات العسكرية أكثر منه في الكليات الجامعية نظراً لتمسك الجامعات إلى وقتنا الحالي بمعايير القبول السليمة وسلامة الفكر الأكاديمي من فيروس الجشع وسلطة المادة .
في المملكة عدد من الكليات العسكرية تفتح أبوابها هذه الأيام لإستقبال الطلبات ويتقدم إليها الالآف وتستخلص منهم المئات .
هؤلاء المئات لايستطيع أي مسئول مهما بلغ حجمه أن يجزم بأنهم جاءوا وفق معايير معلنة ومشروطة مسبقاً .
أولى الكليات التي سنتطرق إلى القبول فيها كلية الملك خالد العسكرية وهي المرتع الأكبر لسماسرة القبول فهذه الكلية يعد القبول فيها أمراً مستحيلاً بالنسبة للطالب الذي تنطبق عليه شروطها المعلنة وهي بالعادة الإمتياز والطول والوزن ودرحات القياس والامتحان التحريري والمقابلة وهذه شروط يتجاوزها المتفوق بكل إقتدار لكن العائق الأكبر هو الفرز النهائي والذي لايخضع لآلية معينة بل يعتمد على الأهواء والرغبات من قبل مسؤولي الكلية .
فنسبة قبول الطلاب النظاميين في هذه الكلية لاتتجاوز 30 % من عدد المقبولين في كل عام .
والنسبة الأكبر تذهب لأصحاب الفيتامين السحري ( الواسطة ) إما عن طريق الشخصيات المرموقة والقيادية في قطاع الحرس الوطني الذي تتبع له الكلية أو عن طريق الضباط ووكلاء الرئاسة الذين يملكون الصلاحيات في تسجيل من يرون ويعمل لصالحهم ( السماسرة ) .
وإليكم هذه القصة التي يرويها الملازم أول - حالياً - خالد . س : يقول قدمت من منطقة صحراوية في غرب المملكة بتقدير امتياز وأمل كبير يحدوني في الدخول في إحدى الكليات العسكرية لكي أعيل والدي الذي لايملك حولاً ولاقوة لي في القبول ، بعد أن تقدمت لأغلب الكليات العسكرية والجامعات ووجدت فرصة للقبول في جامعة الملك سعود في كلية الهندسة ونظرأً لظروفي الإقتصادية المتهالكة رأيت أن الكلية العسكرية أفضل بالنسبة لظروفي رغم حبي الشديد للتعليم ، بعد أن تقدمت لكلية الملك خالد العسكرية وبعد إنتهاء امتحان اللياقة والتحريري والمقابلة الشخصية انتقلت للفرز النهائي وكانت آمالي كبيرة مقارنة بزملاء آخرين ، في أحد الأيام أتصل بي موظف في الكلية وأخبرني أن أعد العدة لبدء الدراسة ، لم أتمالك نفسي من الفرح فأتصلت بوالدي وأخبرته بالأمر وبدأ جميع الأقارب في تهنئتي ، بعد أيام قلائل كان موعد ظهور الأسماء ، ذهبت إلى مقر الكلية وهناك في لوحة الأسماء بدأت أبحث عن أسمي وكانت الفاجعة بأنه لايوجد لي موضع قدم في الكلية ؟؟ قررت أن أسأل لجنة القبول دخلت إليهم سألتهم ما الأمر قبل يومين أتصلتم بي واليوم لم يظهر أسمي ؟ لم يكن الرد مقنعاً ؟ أزبدت وأرعدت سأوصل الأمر إلى رئيس الجهاز .. لم يأتي رداً لافتاً للانتباه بل بادروني بالقول : أخرج قبل أن نطلب الشرطة العسكرية ؟؟ خرجت وتقدمت بشكوى رسمية لصاحب الشأن .. لكنها ماتت في الأدراج .. عدت وأنا أغلي .. قررت أن أقتحم أبواب الكلية مهما كان الأمر .. بدأ دوام الجامعة ذهبت إليها بنفسية محطمة .. انتهى العام الأول من الدراسة في كلية الهندسة وخرجت بمعدل متدني وفي داخلي إصرار كبير على دخول الكلية ، علم الأقارب والأصدقاء بذلك .. أتصل بي أحدهم وقال : هل لديك مبلغ 35 ألف ريال ؟؟ قلت لا قال إذن لاقبول لك في الكلية ؟؟ هنا استنهضت همتي وبدأت في جمع المبلغ من الأصدقاء والأقارب .. ذهبت مع صاحبي لصاحبه السمسار وجدته عسكرياً يحمل رتبة عريف ، ويعمل لحساب العقيد .... عضو لجنة القبول ، سألته هل من ضمانات مقابل الدفع المقدم قال : نعم ، إذا لم يظهر أسمك تقدم بشكوى ضدي لجهة العمل وأحضر قريبك شاهداً ، لغته الواثقة دعتني إلى صرف النظر عن البحث في الموضوع ، بعد أيام فتحت الكلية أبوابها للمتقدمين ، رغبت في التقديم ، لكني تلقيت الأوامر بعد الاقتراب من الكلية ؟؟ بعد أسابيع أعلنت الأسماء ، خالد ......... ضمن المقبولين .. قلت : سبحان الله بجدارة لا اجد قبولاً وبالمال يسهل كل شئ ، سألت نفسي هل أرتكبت إثماً ؟ كان الجواب لدى أحد طلبة العلم ، الذي أجاز لي مافعلت ؟
أثناء دراستي تعرفت على أغلب طلاب الكلية ، لم أجد من حملة الإمتياز إلا القليل ، لن أكذب لو قلت بأن نصف العدد كانت تقديراتهم أقل من 70 بالمئة .
قصة أخرى جرت أحداثها في الكلية الأمنية عندما كانت تقبل طلاب المرحلة الثانوية شاب تقدم للتسجيل فوجئ بتقدم عدد ممن لاتنطبق عليهم الشروط ينافسوه في الحصول على رقم في هذه الكلية ذات المستقبل المشرق ، تقدم بطلبه تم إجراء جميع متطلبات القبول له ، برز اسمه في لائحة القبول قبل النهائي ، بعد أن انصرف عرض جاره المساعدة في إظهار اسمه في الفرز النهائي ، وافق بدون تردد كان المطلوب منه توفير 25 ألفاً فقط ، هنا تحرك عم الشاب وطلب من الجار الوسيط أن يتوسط لأبنه صاحب التقدير المنخفض وسيقوم بدفع المبالغ المطلوبة لهذا الجار ( الضابط ) وافق الضابط السمسار على قبول الأثنين بمبلغ 75 ألف ريال 50 ألف منها لصاحب التقدير المقبول اما الممتاز فمطلوب منه 25 ألفاً فقط .. أعلنت النتائج وفرح الثنائي وهناك في الكلية وجدوا الأغلبية جاءوا بنفس الطريقة ؟
أعمى في الكلية الجوية :
ليس عنواناً لفيلم مصري على غرار صعيدي في الجامعة الأمريكية .. بل هي حقيقة يرويها شقيق هذا الأعمى .
يقول : تم قبول شقيقي في الكلية الجوية رغم أن نظره يعتبر مخالفاً للشرط المطلوب وهي ان يكون 6/6 إلا أن أخي لم يصل إلى تلك الدرجة بل كان أضعف منها وكان تقدير جيدجداً ، تقدم والدي لزميل له في القبول فطلب منه أمران : الأول/ توصية من سمو وزير الدفاع والثاني / مبلغ مالي مقداره 80 ألف ريال فقط وكان والدي مقتدراً فقام بدفعها .
تم إجراء الاختبارات لشقيقي وتجاوزها بإقتدار بدعم من المسئولين ، الطامة جاءت بعد أن أوشك أخي على التخرج فقد كان يجد مضايقة من احد خبراء ومدربي الكلية فكان لايثق بقدرات أخي ولايرغب في تحويله للتدريب على الطيران رغم إلحاح أخي ، وبعد تعنت ومشادة من الطرفين قرر الخبير أن يجري له اختباراً بحضور بقية رفاقه وأصدر قراره بتحويله إلى فني .. لأنه لايصلح لقيادة طائرة حربية وبالمناسبة فنسبة كبيرة من طلاب الجوية يتم تحويلهم للعمل الفني بدلاً من قيادة الطائرات بسبب ضعف النظر أو القدرات .
قصص كثيرة حول هذا الموضوع تصب كلها في أن القبول في الكليات ليس نزيهاً وأن مسؤولي القبول ليس جميعهم نظيفي الأيدي ، وأن شبابنا ضحايا لجزء من مجتمعهم لايقدر المسؤولية وليس مؤهلاً لحمل الأمانة ، يعبث بمقدرات البلاد دون حسيب أو رقيب .
الأسعار :
يتداول بعض الشباب من الطبقة التي تتوفر لديها المادة أرقام بعض هؤلاء السماسرة ، ويتداولون الأسعار التي لاتقبل النقاش أصلاً ، فسعر الكلية الحربية حالياً 50 ألف ريال أما البحرية فـ 45 ألف ريال وتأتي الكلية الجوية في أعلى الهرم فسعر القبول لايقل عن 75 ألف ريال ....
كلية الملك خالد التابعة للحرس الوطني تتفاوت الأسعار مابين السماسرة الذين وصلوا إلى حد المنافسة فأصبحوا يقومون بعمل تخفيضات ؟ فمن المعقول أن تجد من يتلقى ملفك ويتكفل بتسجيلك بمبلغ 25 ألف ريال فقط .
الضحايا :
- لم يعد مستغرباً ان تطالع في كل الصحف اليومية خبراً عن إنتحار شاب سعودي يحمل شهادة الإمتياز بسبب عدم القبول في الكليات ، أو بسبب محاصرة الديون ، وكذلك إنجراف شباب سعودي لأفكار الفئة الضالة بعد أن وجد فيما يقولون جزء من الحقيقة .
- بعض من الذين ألقي القبض عليهم مع الفئة الضالة شباب في مقتبل العمر مؤهلاتهم المرحلة الثانوية وبتقدير إمتياز ذهبت وظائفهم لشباب لايستحق فدفعهم الذكاء والإبداع إلى منزلق التفجير والتدمير .
النتائج :
- لاتستغرب إذا قلت لك بأن أعداد غير قليلة يتم طردها كل عام من الكليات العسكرية أو من القطاعات التي يتم تعيينهم بها بعد تخرجهم من الكلية ، ففي العام المنصرم صدرت أوامر عسكرية بطرد أكثر من 60 ضابطاً في الأمن تتراوح رتبهم بين ملازم و مقدم لعدة أسباب منها الفساد المالي ، المخدرات ، السفر بدون إجازة ، الزواج من خارج البلاد ، التخلي عن المسؤوليات ؟
- كلية الحرس الوطني تسّرب منها خلال الخمس سنوات الماضية مايقارب الـ 300 طالب بل إن إحدى الدورات كادت تلغى لقلة عدد الطلاب المتبقين في الكلية ، مما حدا بإدارتها إلى استدعاء المقبولين في الاحتياط .
- قبل أعوام قليلة ، خطف أثنان من ضباط الأمن طائرة محلية وتوجها بها للعراق بداعي أنهما يعانيان من الفقر المادي وهما في الحقيقة يعانيان من الفقر الفكري فقط ؟
- خلال السنوات القليلة الفائتة عانت البلاد الأمرين من أعمال إجرامية قامت بها الفئة الضالة قابلها تخوف من قبل بعض رجال الأمن في مواجهتهم كانت نتائجها فصل بعضهم من وظيفته دون تردد من قبل سمو الأمير محمد بن نايف .
- في رمضان عام 1426 هـ ضابط برتبة ملازم في الحرس الوطني طرد بسبب المخدرات يطلق النار على قائده في الكتيبة الذي طلب من الأطباء التوجه للكلية لإجراء الفحص الطبي على أفراده وضباطه بعد أن رأى مايستوجب ذلك .
- الزاحف .. اسم لأحد الألوية العسكرية في الحرس الوطني .. تعرض لغربلة من الرئاسة بسبب انتشار المخدرات بين ضباطه .
نقول بأن مخرجات هذه الكليات تأتي دائماً بحسب المقبولين فإن كانوا متفوقين ومثابرين استبشر الوطن برجال مخلصين ، وإن كانوا خلاف ذلك فهاهي النتيجة .
- صدور حكم شرعي بالقتل تعزيراً لملازم أول في البحرية بعد أن قام بقتل طفلين بسبب التفحيط ، وهذا الملازم دخل الكلية بتقدير جيد !
- طرد رئيس جهاز هام بعد أن تدخل لتغيير تقريراً للمرور يدين أبنه !
- هروب أكثر من 20 مطلوباً أمنياً ضمن القوائم المعلنة من قبل وزارة الداخلية ، بسبب تساهل بعض الضباط في نقاط التفتيش وتهربهم من مسؤولياتهم .
- هروب 120 طالباً من الكلية البرية بعد أن رأوا بأن التدريبات قاسية عليهم خلال عام واحد !
* بقي أن نقول
- أن حرمان الشباب المؤهل من الفوز بأماكنهم المستحقة سيأتي بنتائج وخيمة ، وكذلك إسناد المهمة لشباب غير مؤهل سيقود البلاد إلى كارثة .
- ترك هؤلاء السماسرة يعوثون بأمن ومستقبل هذا البلد ، قرار لاتحمد عقباه ...!!
(المصدر جريدة الوئام الالكترونية)