الحمد لله الحي القيوم الذي لايموت ولا ينام وكتب على كل حي سواه الموت والفناء وصلى الله على عبده ورسوله خير من مات ومن دفن أما بعد :
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (:يتبع الميت ثلاثة أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد
يرجع أهل وماله ويبقى عمله )..
وهذا يشمل كل ميت سواءا كان نبيا أو صحابيا أو رجلا صالحا أو ملكا أو رئيسا أو وزيرا أو غنيا أو فقيرا
ذكرا أم أنثى ,فيشمل كل ميت من بني آدم ..
فالأهل هم الأقارب وغيرهم ممن يتبع الميت والمال أم دابة أو سيارة من ماله يحمل عليها أو آلة حفر
أو بشت يلف أو تلف به , والعمل هو ما عمله الإنسان من الطاعة والمعصية مما يتعلق به الثواب والعقاب في الآخرة ..
والقبور ليس فيها تفاوت كأن يقال هذه قبور الملوك والسلاطين والوزراء , وهذه قبور العامة ..
بل كما قال بعض السلف عندما سئل عن الناس فقال هذي قصورهم وهذي قبورهم , أي من القصر إلى
القبر ..
والملائكة الذين يسألون الميت في قبره لا يميزون بين وزير وفقير ولا بين أمير ومأمور ولا بين ملك ومملوك فالأسئلة واحدة , من ربك وما دينك ومن نبيك ..فأما المؤمن فيقول ربي الله ونبيي محمد وديني الإسلام وأما المنافق أو المرتاب فيقول هاه هاه لا أدري ..فيقال لا دريت ولا تليت فيضرب بمطرقة يصيح صيحة يسمعها كل شيء إلا الثقلان الجن والأنس .
والبعض لجهله أو لغفلته يقيس الآخرة بمقاييس الدنيا ويظن أن من يكن معظما في الدنيا يكون معظما عند الله والله يقول (إن أكرمكم عند الله أتقاكم )..
وظن البعض كذلك لجهله أن قيمة الشخص عند الله بما أنجز من أمور الدنيا التي لاتتبع الميت , ولو كان الأمر كذلك لكان بعض الكفار من اليهود والنصارى وغيرهم في الفردوس لإنجازاتهم لبلادهم بل بالمخترعات الكثيرة التي نفع الله بها البشرية , وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الكافر أذا عمل خيرا أطعم به طعمة في الدنيا وإن المؤمن إذا عمل خيرا أطعم به طعمة في الدنيا مع مايدخر له في الآخرة)..
فليس الميزان الإنجاز في الدنيا مع أن الشريعة جاءت بوجوب أداء الأمانة في الدين والدنيا , وإذا كان هذا الشخص قام بعمله الدنيوي فإنه قام بما هو واجب عليه وإلا لماذا سمي مسؤلا إلا لأنه سيسئل في الدنيا من الناس
وفي الآخرة من الله ..
ومن العجب أن البعض صار يطامر مطامرة في تزكية هذا الوزير حتى ليخيل إليك أنه احد أئمة أهل السنة
أو لكأنه فاتح بيت المقدس ,
فبعضهم يرى أن عدم ترحمك على معاليه يطعن في دينك ويجعلك سروريا أو قطبيا مبتدعا ,
وكاد بعضهم يقول لحوم الوزراء مسمومة وسنة الله في متنقصهم معلومة ..
وبعضهم جعله الفلتة والدرة اليتيمة التي لن تتكر , ومن لايشيد بمعاليه فهمو متهم ..
وكاد بعضهم أن يقول من لنا بعد معاليكم ..
وكل هذا لن ينفع هذا الميت ولن يقربه إلى الله لأن الله سبحانه ينظر إلى القلوب والأعمال وليس إلى الأموال والأشكال ..
ولن يمض أسابيع وبالكثير أشهر إلا وينسى هؤلاء وغيرهم معاليه كما نسي من هو أعظم منه قبله ..
فليستعد كل واحد منا لما أمامه من الموت والقبر والبعث والحساب وليعلم أنه لن ينفعه بعد رحمة الله إلا عمله الصالح الذي عمله مخلصا لله لايريد به رياء ولا سمعة ولا حظ من حظوظها ولا عاجل من عاجلها وأما ماعمله من أجل الرياء والمدح والثناء أو نيل طمعا في منصب أو جاه أو مال فهو هباءا منثورا ..
لفتة: لاحظوا أن الميت أو ماتخرج روحه يفقد جميع ألقابه وأسمائه , فيقال غسلوا الجنازة احملوا الجنازة ادفنوا الميت ولا يقال غسلوا جلالة الملك الفلاني أو فخامة الرئيس الفلاني أو معالي الوزير الفلاني أو سماحة او فضيلة الشيخ الفلاني ..وفي هذا عبرة لكل معتبر..
اللهم اغفر لجميع موتى المسلمين الذين شهدوا لك بالوحدانية ولنبيك بالرسالة وماتوا على ذلك
دمتمـ بوود
عترسه