الله عظم أمرَ ليلة القدر فقال {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} أي أن لليلة القدر شأنًا
عظيمًا وبين أنها خير من الف شهر فقال :{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي أن العمل الصالح
فيها يكون ذا قدر عند الله تعالى خيرًا من العمل في ألف شهر. ومن حصل له رؤية شىء من
علامات ليلة القدر يقظة فقد حصل له رؤيتها، ومن أكثر علماتها لا يظهر إلا بعد أن تمضى،
مثل: أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو حمراء، أو أن ليلتها تكون معتدلة ليست
باردة ولا حارة،
قال عليه الصلاة والسلام :
ليلة القدر ليلة طلقة لا حارة ولا باردة ، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة .
رواه ابن خزيمة وصححه الألباني
وقال عليه الصلاة والسلام :
إني كنت أُريت ليلة القدر ثم نسيتها ، وهي في العشر الأواخر ، وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة ،
كأن فيها قمرا يفضح كواكبها ، لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها . رواه ابن حبان .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى . رواه ابن خزيمة وحسن إسناده الألباني .
وقال صلى الله عليه وسلم : وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها .
رواه مسلم .
ومن اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب
العبادة تلك الليلة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من قامَ ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه" رواه البخاريّ.
وقيام ليلة القدر يحصل بالصلاة فيها إن كان عدد الركعات قليلاً أو كثيرًا، وإطالة الصلاة بالقراءة
أفضل من تكثير السجود مع تقليل القراءة، ومن يسَّر الله له أن يدعو بدعوة في وقت ساعة رؤيتها
كان ذلك علامة الإجابة، فكم من أناس سعدوا من حصول مطالبهم التي دعوا الله بها في هذه الليلة
ثم قال الله :{تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} ويروى عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم أنه قال :"إذا كانت ليلة القدر نزل جبريل في كَبْكَبَة (أي جماعة) من الملائكة يصلون
ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر الله فينزلون من لَدن غروب الشمس إلى طلوع
الفجر"فينزلون بكل أمر قضاه الله في تلك السنة من أرزاق العباد وءاجالهم إلى قابل، وليس
الأمر كما شاع بين كثير من الناس من أن ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي توزع فيها
الأرزاق والتي يبين فيها ويفصل من يموت ومن يولد في هذه المدة إلى غير ذلك من التفاصيل
من حوادث البشر بل تلك الليلة هي ليلة القدر كما قال ابن عباس ترجمان القرءان فإنه قال في
قول القرآن :{إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) }
هي ليلة القدر، ففيها أنزل القرءان وفيها يفرق كل أمر حكيم أي كل أمر مُبْرَم أي أنه يكون
فيها تقسيم القضايا التي تحدث للعالم من موت وصحة ومرض وغنى وفقر وغير ذلك مما يطرأ
على البشر من الأحوال المختلفة من هذه الليلة إلى مثلها من العام القابل. ثم قال الله تعالى
:{سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} فليلة القدر سلام وخير على أولياء الله وأهل طاعته المؤمنين
ولا يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءًا أو أذى، وتدوم تلك السلامة حتى مطلع الفجر.
عن عائشة ا قالت :"قلت يا رسول الله إن علمت ليلة ما أقول فيها؟ قال: قولي:
اللهم إنّك عفوّ تحب العفوَ فاعفُ عنّي" وكان أكثر دعاء النبي في رمضان وغيره :
"ربّنا ءاتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرة حسنةً وقنا عذاب النار".
اما قصة تلك الليله :ـ
ففي الحديث عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال:
"خرج النبي صلى الله عليه وسلم
ليخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين (أي تخاصما)
فقال:
خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى فلان وفلان فرفعت"
أي أن النبي صلى الله عليه وسلم عرف موعد ليلة القدر، وخرج ليخبر الصحابة والأمة بموعدها
فتخاصم اثنان من المسلمين فنسيها النبي صلى الله عليه وسلم.
ومن هذا الحديث نستنتج أن إثارة أية خصومة مع أي أخ مسلم تعني تأخير النصر، وضياع الأجر
وذهاب البركة، وتفتيت الصف، وتمزيق الأمة.
تذكر كم مرة تخاصمت مع أخيك.. أختك.. جارك.. صديقك.. وكم من الرحمات حُرمت الأمة بذلك!
فليكن هذا الرمضان، وهذه العشرة الأخيرة، بداية لنا لتتصافي قلوبنا ونتسامح مع بعضنا..
وكل رمضان وأنتم بكل حب وصفاء وعافيــه .
أسأل الله ان يرزقنا الفوز بهذه الليـله المباركــه ..،
منقــــــــــول