اتصل واخسر
عندما نتحدث عن هوس المسابقات، فلا يخلو مجتمع من شريحة يشغلها هوس الربح السهل ولذة الفوز السريع، وتشكل برامج «اتصل واربح» أقرب الطرق المختصرة، ولهذا السبب تتكاثر هذه الأنواع من البرامج، إما بنسخ الفكرة أو على حساب جودة المادة المقدمة مع الاستخفاف بعقلية المتلقي الذي يمثل دور الطفل الذي لا يعرف قيمة وحجم ما يتناوله ولا متى وكيف يشبع حاجته.
وهذا ما ساعد على تسويق الأنواع الهابطة من برامج المسابقات، فهي تعتلي قائمة البرامج العربية خلال الشهر الكريم، مستغلة حاجة المواطن البسيط الذي يحلم بفرصة الثراء السريع، أو على الأقل ما يرفعه عن خط الفقر، فيقع بين سندان الديون ومطرقة المسابقات الرمضانية التي لن ترحمه، ولن تكف عن اللعب على حبال هوس منحوس الحظ ما دامت تجد من يعيش على أمل هبوط ثروة مفاجئة، كما يظن أغلب متابعي المسابقات الرمضانية التي تنتمي إلى فصيلة «اتصل واربح أو اخسر» كما يحدث لمعظم المتصلين بشهادة حجم الفواتير، أو عدد بطاقات الشحن.
والمصيبة أن المتصل يكون مطالبا بزيادة مدة الاتصال لكي يضمن دخوله المسابقة دون أن يحصل على خدمة أو سلعة، ويبقى الخاسر الوحيد. ومع ذلك يرفضون الاعتراف بتطور درجة الإدمان كلما زاد العرض، ما جعل أحدهم يخصص موازنة لبرامج المسابقات الرمضانية على أمل تعويض خسارة العام الماضي، وليتكرر الموال السنوي ولا يفيق هذا الخائب إلا بظهور أعراض شد الحزام بحلول العيد والمدارس وكشف المستور.
الغريب أن هذه الحالة لم تجد ما يعوق مدها رغم تسببها بمشكلات مادية واجتماعية، بل وجدت مباركة في بعض الأقطار العربية بحجة شغل أوقات الشباب وتثقيفهم، فهل يعرف المباركون نوع الثقافة التي يتلقاها الشباب؟ لماذا لا ينظرون إلى ما يشغل الشباب الآن؟ ومن أي باب تأتي ثقافة الجيل إذا وصل هوس الفتيات إلى درجة الرهان على شكل فستان وتسريحة مقدمة البرنامج؟ أما الشبان فبين السكين والتفاحة!