_____________________________________
أتاني بالنصائح بعض ناس *** وقالوا أنت مقدامٌ سياسي
أترضى أن تعيش وأنت شهمٌ *** مع امرأة تقاسي ما تقاسي
إذا حاضت فأنت تحيض معها *** وإن نفست فأنت أخو النفاسِ
وتقضي الأربعين بشرِّ حالٍ *** كداب رأسُه هُشمت بفاسِ
وإن غضبت عليك تنام فرداً *** ومحروماً وتمعن في التناسي
تزوج باثنتين ولا تبالي *** فنحن أولوا التجارب والمراسِ
فقلت لهم معاذ الله إني *** أخاف من اعتلالي وارتكاسي
فها أنذا بدأت تروق حالي *** ويورق عودُها بعد اليباس
فلن أرضى بمشغلة وهم *** وأنكاد يكون بها انغماسي
لي امرأة شاب الرأس منها *** فكيف أزيد حظي بانتكاسي
فصاحوا سنة المختار تنسى *** وتُمحى أين أرباب الحماسِ؟
فقلت أضعتم سُنناً عِظاماً *** وبعض الواجبات بلا احتراسِ
لماذا سُنَّة التعداد كنتم *** لها تسعون في عزم وباسِ
وشرع الله في قلبي وروحي *** وسنة سيدي منها اقتباسي
إذا احتاج الفتى لزواج أخرى *** فذاك له بلا أدنى التباسِ
ولكن الزواج له شروط *** وعدلُ الزوج مشروط أساسي
وإن معاشر النسوان بحرٌ *** عظيم الموج ليس له مراسي
ويكفي ما حملت من المعاصي *** وآثام تنوء بها الرواسي
فقالوا أنت خوَّافٌ جبانٌ *** فشبوا النار في قلبي وراسي
فخضت غمار تجربة ضروس *** بها كان افتتاني وابتئاسي
يحزَّ لهيبها في القلب حزًا *** أشد عليَّ من حز المواسي
رأيت عجائباً ورأيت أمراً *** غريباً في الوجود بلا قياسِ
وكنت أظنني عاشرت جناً *** وأحسب أنني بين الأناسيِ
لأتفه تافهٍ وأقلِّ أمر *** تُبادر حربُهن بالانبجاس
وكم كنتُ الضحية في مرار *** وأجزم بانعدام وانطماسي
فإحداهن شدَّت شعر رأسي *** وأخراهن تسحب من أساسي
وإن عثر اللسان بذكر هذي *** لهذي شبِّ مثل الالتماسِ
وتبصرني إذا ما احتجت أمراً *** من الأخرى يكون بالاختلاسِ
وكم من ليلة أمسي حزيناً *** أنامُ على السطوح بلا لباسِ
وكنت أنام محترماً عزيزاً *** فصرت أنام ما بين البساسِ
أرضع نامس الجيران دمي *** وأسقي كل برغوث بكاسي
ويوم أدَّعي أني مريضٌ *** مصابٌ بالزكام وبالعُطاس
وإن لم تنفع الأعذار شيئاً *** لجئتُ إلى التثاؤب والنعاس
وإن فرَّطتُّ في التحضير يوماً *** عن الوقت المحدد يا تعاسي
وإن لم أرض إحداهن ليلاً *** فيا ويلي ويا سود المآسيِ
يطير النوم من عيني وأصحو *** لقعقعة النوافذ والكراسي
يجيء الأكل لا ملحٌ عليه *** ولا أسقي ولا يُكوى لباسي
وإن غلط العيال تعيث حذفاً *** بأحذية تمر بقرب راسي
وتصرخ ما اشتريت لي احتياجي *** وذا الفستان ليس على مقاسي
ولو أني أبوح بربع حرفٍ *** سأحذفُ بالقدور وبالتباسيِ
تراني مثل إنسان جبان *** رأى أسداً يهم بالافتراسِ
وإن أشري لإحداهن فجلاً *** بكت هاتيك ياباغي وقاسي
رأيتك حاملاً كيساً عظيماً *** فماذا فيه من ذهبٍ وماس
تقول تحبني وأرى الهدايا *** لغيري تشتريها والمكاسي
وأحلف صادقاً فتقول أنتم *** رجالٌ خادعون وشر ناسِ
فصرت لحالة تدمي وتبكي *** قلوب المخلصين لما أقاسي
وحار الناس في أمري لأني *** إذا سألوا عن اسمي قلت ناسي
وضاع النحو والإعراب مني *** ولخبطت الرباعي بالخماسي
وطلقت البيان مع المعاني *** وضيعت الطباق مع الجناس
أروح لأشتري كُتباً فأنسى *** وأشري الزيت أو سلك النحاس
أسير أدور من حيّ لحيِّ *** كأني بعض أصحاب التكاسي
ولا أدري عن الأيام شيئاً *** ولا كيف انتهى العام الدراسي
فيومٌ في مخاصمة ويومٌ *** نداوي ما اجترحنا أو نواسي
ومن حلم ابن قيس أخذت حلمي *** ومكراً من جحا وأبي نواس
فلما أن عجزت وضاق صدري *** وباءت أمنياتي بالإياسي
دعوت بعيشة العُزّاب أحلى *** من الأنكاد في ظل المآسي
وجاء الناصحون إلىَّ أخرى *** وقالوا نحن أرباب المراسي
ولا تسأم ولا تبقى حزيناً *** فقد جئنا بحل دبلوماسي
تزوَّج حرمة أخرى لتحيا *** سعيداً سالماً من كل باسِ
فصحت بهم لئن لم تتركوني *** لانفلتن ضرباً بالمداس