وعثاء السفر وكآبة المنظر
اللافت في موضوع العمال الآسيويين الذين تأخرت رواتبهم في المدينة المنورة أنهم تجمعوا أمام المحكمة الشرعية.. ولا أدري لماذا لم يتجمعوا مثلاً أمام الإمارة أو الشرطة أو مكتب العمل أو المؤسسة التي يعملون بها؟
بالتأكيد التصرف لم يأت اعتباطاً، وله أكثر من مدلول وأكثر من معنى.. ولست بشأن الإسهاب في ذلك.. السؤال: لماذا تأخرت رواتب هؤلاء العمال أصلاً.. اليوم الموظف الحكومي لو تأخر راتبه يوما واحدا فقط من 25 إلى 26 لملأ الدنيا ضجيجاً.. ذلك على الرغم من أنه في بلده ومنزله إضافة إلى أنه سيجده في حسابه كاملا في اليوم التالي.. كيف إذن نستطيع أن نتخيّل حالة عابر السبيل.. عمالة جاءت لتعطينا زهرة شبابها..جاءت لتساعدنا في بناء بلدنا.. نكافئهم بهذه المعاملة اللاإنسانية؟
ما العذر الذي سيقدمه صاحب المؤسسة أو الشركة؟ كنت أجد نفسي في السابق ألتمس العذر في تأخر صرف رواتب العمالة عطفاً على عدم استلام المؤسسات والشركات لمخصصاتها نظرا للوضع الاقتصادي الصعب الذي كانت تمر به البلد.. لكننا اليوم في أفضل حالاتنا الاقتصادية فما العذر؟
بالتأكيد هذه المآسي الإنسانية التي نقرأ بين حين وآخر عنها تندرج تحت وعثاء السفر وكآبة المنظر التي أمرنا بالاستعاذة منها حين السفر.. ومعاناة هؤلاء العمال المادية ستخلق لديهم أكثر من معاناة صحية ونفسية..
فإن لم يخش أصحاب هذه المؤسسات القانون، فليخشوا الله عز وجل.. لا بد أن يراعوا حقوق هؤلاء المساكين الذين تمضي عليهم أشهر طويلة دون رواتب.
اسألوا أنفسكم: كيف يعيش هؤلاء بدون راتب؟
ولو تحول بعضهم إلى مجرم أو لص يبحث عن لقمة العيش فمن المسؤول حينها؟