جدة (صدى):
المتفشي في غالبية المجتمعات العربيةـ جدار الصمت المحيط بالفتاة العربية التي يتقدم بها العمر دون زواج، فعلى الرغم من السياج المنيع الذي يحاصر المرأة العربية بالتقاليد والأعراف التي تقف كعقبة منيعة في طريق الإعلان عن رغبتها في الزواج، بات واضحا أن الأمور فاقت كل الحدود..
وبات إعلان الفتاة رغبتها في الارتباط واقعا صريحا ليس على شاشات التليفزيون، إنما على شاشة الواقع، وفي المملكة العربية السعودية تحديدا كما بين تقرير "ولاء حداد " المحرره بمجلة رؤى .. إلى التفاصيل:
"و.ع"، فتاة في ريعان الشباب، روت لنا قصتها الطريفة قائلة: أبلغ من العمر 23 عاماً، أحمل درجة البكالوريوس في القانون، مشكلتي أنني أصغر إخوتي، أي أنني (آخر العنقود) أهلي دائما يعاملونني على هذا النحو، فمهما كبرت أنا في نظرهم طفلتهم المدللة الصغيرة، وبسبب ذلك يرفضون كل من يتقدم للزواج مني، معتقدين أنني أيضاً لا أغرب بالزواج..
عايزة أتجوز:
تضيف: لكن بعد مشاهدتي لمسلسل الفنانة هند صبري (عايزة أتجوز)، الذي يحكي قصة فتاة ترغب بالزواج وتبحث عن عريس ينقذها من وباء العنوسة تشجعت، وصرخت في وجه أهلي قائلة: (عايزة أتجوز) على سبيل المزاح المبطن بالجد، ففهمت أمي ما أقصد، وأخبرت أبي الذي قال: "كنت أريد منذ فترة أن أعرف رغبتك حتى لا أظلمك بتأخرك عن الزواج"..
تضيف: الحمد لله، أنا الآن مخطوبة وزواجي سيتم قريبا، أما أهلي فمازالوا غير مصدقين أن ابنتهم المدللة الصغيرة أصبحت عروساً، وستصبح في يوم من الأيام أم بإذن الله.
وتم النصيب
أما "ريهام.د" فتعود بذاكرتها إلى الوراء مبتسمة قبل أن تقول: عندما قابلت زوجي لأول مرة في مكان عملي شعرت أنه مناسب لي تماما، فقد جذبني بأخلاقه الطيبة وحسن تعامله، فأخبرت والدتي بشأنه، التي بدورها نقلت انطباعاتي هذه إلى والدي، الذي لم يبد اعتراضا على الأمر، بل زارني أبي في موقع العمل وتعرف إليه، وبعد مدة قصيرة عرض عليه أبي أن يجمع بيننا بالحلال، فوافق على الفور، وتم النصيب بيننا.
ابن عمي خجول:
أما "سهام عوض" فاختلفت حكايتها عن غيرها حيث قالت: عشت وعائلتي منذ صغرنا في بيت جدي الكبير بجود أعمامي وزوجاتهم وبناتهم، وتربينا نحن أبناء العمومة سوياً حتى أصبحنا في عمر الشباب، كنت ألعب معهم وأدرس معهم، وهذا كان السبب الذي جعلني أعرف شخصية جميع بنات وأبناء عمومتي، أنا الآن متزوجة من أحد أبناء عمي، كنت أعرف أنه خجول ومتردد جدا، ولأنني أحسست بأنه يميل إلي منذ صغرنا وأنه يرغب بالارتباط بي، ذهبت إليه وقلت له إنني أيضاً أرغب بالزواج منه وشجعته على ذلك، وحصل النصيب بيننا، وتم الزواج الذي أفرح كل أقربائنا.
أم المؤمنين قدوتي:
بدورها، عبرت "سماح.ع" عن رأيها بكل صراحة قائلة: أنا فعلا أبحث عن عريس، وهذا لا يعيبني في شيء، فأنا فتاة في سن مناسب للزواج، متعلمة ومثقفة وأخاف الله عز وجل في كل أمور حياتي، ولا أرى عيبا أو خطأ في أن أطلب من أراه مناسبا لي للزواج، وقدوتي في ذلك السيدة خديجة رضي الله عنها التي بادرت بخطبة الرسول صلى الله عليه وسلم، لما عرفت عنه من أخلاق وأمانة.
اخطب لبنتك:
على الجانب الآخر، أوضح العم محمد سعيد: لي صديق قديم في العمل، تعرفنا إلى بعضنا من فترة طويلة، ولأنني اعرفه جيدا وأعرف عائلته وأخلاقه وتربيته لأبنائه، عرضت عليه أن أزوج ابنتي لابنه، وذلك بالطبع بعد دراستنا لكل الأمور التي تخصهما، ومدى تناسبهما لبعض، ووافق على ذلك بكل سرور.. والآن هما متزوجان ولديهما طفلة رائعة، وأنا مقتنع تماماً بما فعلت، وهذا ليس بعيب أو حرام، طالما كنت سبباً في توفيق رأسين بالحلال كما يقولون، ولا تنسوا المثل القائل: اخطب لبنتك قبل ابنك.
حق مشروع:
إلى ذلك، أوضحت د.سهيلة زين العابدين الناشطة الحقوقية: مما لا شك فيه أن طلب الفتاة الزواج من الرجل حق مشروع لها، لكن المشكلة تكمن في تقبل مجتمعنا لهذا الأمر وكذلك شبابنا ورجالنا، لأنه وبالرغم من وجود حالات تكللت بالزواج، إلا أن الرجال في بيئتنا المتشددة من الصعب أن يتقبلوا ذلك، بسبب نظرتهم التي لا تتغير عن المرأة، فالمرأة بالنسبة لهم تتحلى بالخجل الشديد والحياء، وإن تصرفت بما يمس هذه الصفات اتهمت فوراً بالجرأة وقلة الحياء، حتى لو كانت طلباتها حقاً مشروعاً لها.. لذلك أرى أنه لابد للفتاة التي تفكر أن تخطب رجلا أن تفكر ملياً في هذا الأمر.