يطل الدكتور / حسن ناجع العجمي كاتب صحيفة حدث مجددا بمقال ناقد عايش في كل كلمة منه هموم أبناء الوطن فترجم شعور كل شخص عانى وأنكوى بنار تلك الشركات التي وصفها الدكتور هنا في مقاله بالقطط السمان حيث جاء المقال كما يلي :-
القطط السمان هي القطط المُترفة ، بل الموغلة في الترف ، وهي قطط ليس لها عند احد حاجة ولا تبالي سوى بزيادة سمنتها واستمرارية تُخمتها ، ومن أسوء المظاهر السلبية في المجتمعات المدنية هو انتشار ظاهرة القطط السمان لأن من العلامات الفارقة للقطط عن باقي الحيوانات الأليفة أن القطة لا تكون حنونة ولا قريبة من اصحابها إلا حينما تكون محتاجة اليهم فقط لذلك قالت العرب حديثاً {أكال نكار مثل القطط} أي أنها إذا استغنت وسمنت تنكّرت لمن رباها وسمَّنها ، وأقصد بالقطط السمان هنا : الجهات التي أثرت ثراءاً فاحشاً على حساب الوطن الغلبان وامتصت بكل وحشية دم المواطن التعبان ، دون ان تدخل في منافسة شريفة مع الجميع ، فهي تعمل لوحدها وتحدد مكاسبها كما تشاء بنفسها ، لا يُنغِّص عليها حماية مستهلك ولا وجود منافس ، ثم هي ترفض رفضا قاطعاً القيام بواجبها الاجتماعي والإنساني تجاه ضحاياها بل وتوغل بإصرار مقيت في إهانة واستعباد من أثْرت على حسابهم ثراءاً فاحشاً ، إن هؤلاء الأفراد وتلك والعائلات والشركات الذين أثروا هذا الثراء الفاحش على حساب شبابنا وشاباتنا وعجائزنا بل وأطفالنا ، وعلى أرضٍ من المفترض ان نتقاسم فيها الحلو والمر قد بلغوا من الوحشية والسعار مرحلة جعلتهم يذبحون على غير قبلة ويأكلون دون تسمية لا يبالون إن كانت ضحيتهم عرجاءُ بينٌ عرجها أو هزيلةٌ بينٌ هزلها{ياجماعة ندري انكم قاعدين تمصون دمنا بس مو كذا} ، فحين يأتي دور أكل الكعكة والاسترخاء والاستمتاع بالحياة والعيش الرغيد يطردوننا خارجاً ثم لا يرمون لنا حتى الفتات وكأننا كلاب ضالة ، فإذا جاء وقت الشدة واحمرت الحِدق وبلغت القلوب الحناجر وضعونا في المقدمة وقالوا لنا كونوا مواطنين صالحين دافعوا عن وطنكم ، واحموا أرضكم ، وثقفوا أنفسكم ، وابنوا بلدكم ، فإذا متنا في هذه السُبل استغفلونا واستغفلوا ذرياتنا بلقب شهيد أو مواطن صالح ، الا ليت شعري لو يدرون ما تخبئ الأقدار للظالمين والشاربين من دماء الناس وعرقِهم شرب الهِيم {مرض يصيب الابل يجعلها تشرب دون توقف حتى الموت} ، اليس من المجحف حقاً أن يلعقوا الشهْد على مرآىً ممن يتجرعون المُر ، اليس من الافتراء إظهار السعادة على حطام التعساء ، واستعراض الصحة على بقايا المرضى والضعفاء ، أو التجشؤ شبعاً في حضرة الجوعى ، أمالكم قلوب ترحمون بها أو عيون تبكون بها أو حتى عقول تُفكرون بها .
ان هذه القطط السمان ظاهرة مقيتة وخطر داهم يهدد الأمن والسلم الوطنيين لأنهم بوحشيتهم هذه يزيدون الاحتقان ويضاعفون الغضب لدى عامة الناس من الواقع المعيشي المرير ، ومن الاضطهاد اللاإنساني في معاشات الناس وارزاقهم ، فمن مظاهر تجاوزات هذه القطط السمان التلاعب بآمال الناس واحلامهم واستعبادهم برواتب مزرية تُفقد الإنسان كرامته وحبه للحياة ولا تمت إلى المنطق بصلة ، ومن مظاهر تجاوزاتهم رفع الاسعار دون رحمة أو تقدير لحالة الناس الاقتصادية ، كما انهم يمارسون دور المافيا في القضاء على صغار المستثمرين والمستجدين من المنافسين ، بل وصل الجشع ببعضهم الى النصب والاحتيال واستغفال الناس في أموالهم ومزاحمتهم في ارزاقهم وما ذلك إلا من اجل ان يملئوا جيوبهم الدهنية بمزيد من الشحوم القذرة ، كل ذلك بجشع لا مبرر له ووحشية لا مثيل لها ، فكم من اسرة دمروا احلامها وحطموا آمالها واستعبدوا ابنائها وكم من مواطن استغفلوه واخذوا منه كل ما يملك ثم زجوا به في غياهب السجون وكم من ارملة او مطلقة او يتيم أو شيخ كبير اصرت تلك القطط السمان أن تسطو على ما تصرفه لهم الشؤون من رواتب بسيطة برفع الأسعار تارة ، وبالتزوير في الفواتير الخدمية تارة أخرى ، أو بترك أجسادهم الضعيفة ينهشها المرض والهزال تارات أُخَر ، وكم استعبدوا من شباب الوطن الصالحين المخلصين برواتب لا تكفي حتى لسد باب واحد من ابواب المصاريف المستعِرة كل ذلك يفعلونه وبقلب جامد وبدم بارد وبأعيُنٍ لا تترقرق فيها الدموع ولهم اقول : {تباً لكم سائر الدهر أيها المطفِّفون الذين اكتلتم على الناس تستوفون ، وإذا كِلتوهم أو وزنتوهم تُخْسِرون}
استغاثة أخيرة: إلى قيادتنا الحكيمة أرجوكم رجاءاً حاراً لا تتركونا فريسة للجشعين ولا المستهترين فإنا والله أمانة في أعناقكم وسيوفاً مُصلتة بأيديكم نعادي من عاديتم ونسالم من سالمتم .
المصدر