هذا مقال أذهلني عن حال البطالة في السعودية ..
تأهيل
عناوين ال "6000".. والتسرب الوظيفي
م. حامد بن عوض العنزي
كتب معالي وزير العمل الدكتور غازي القصيبي مقالا في إحدى الصحف المحلية تناول فيه معاناة مكاتب العمل مع طالبي العمل. ولخص معاليه تلك المعاناة بقصة قصيرة تمثلت بمبادرة الوزارة عبر صندوق تنمية الموارد البشرية بحصر طالبي العمل في إحدى الفترات تمهيدا لإيجاد فرص العمل المناسبة لهم في القطاع الخاص. وعندما تم حصر تلك الأعداد الكبيرة التي بلغت (6000) طالب عمل. وجدت وزارة العمل أنه من المستحيل الوصول لتلك الأعداد بسبب تغير عناوين اتصالهم أو عدم وجودها أساسا أو لعدم العثور على من يجيب. ورغم ذلك تمكنت الوزارة من الوصول إلى (2000) طالب عمل. ومن هذا العدد لم يوافق على حضور مبادرة التوظيف هذه والظفر بفرص العمل سوى (800) اسم. وبحسب معالي الوزير فإن الصندوق كثف اتصالاته بهذه الأسماء لحضورها اجتماعا رتب مع منسوبي الشركات الموظفة. وفي الموعد المحدد لم يحضر من تلك الأعداد سوى (65) اسم وتم استيعابهم وظيفيا!!؟ القصة التي ساقها معالي الوزير كانت بمثابة الكارثة لكل من يعنيه أمر البطالة والسعودة. ولعل مدى جدية الشباب العاطل عن العمل و نيته لتوفير لقمة العيش الشريفة، يطالها شيء من التشكيك بسبب هذه القصة الواقعية المحزنة التي تقودنا بطريقة أو بأخرى إلى تناول موضوع غاية بالأهمية يتمثل في معاناة القطاع الخاص من عدم جدية الشباب السعودي في بيئات العمل وبالتالي حدوث ما يسمى ب"التسرب الوظيفي".
وقد صرح هذا الأسبوع مدير عام الصندوق الأستاذ أحمد الزامل في لقائه برجال الأعمال بأن أبرز المعوقات التي تواجه برامج الصندوق هو التسرب الوظيفي.
ولا شك أن وزارة العمل قد بذلت الكثير والكثير في سبيل انخراط الشباب السعودي في القطاع الخاص. ذلك من خلال المبادئ والسياسات التي تتخذها الوزارة في قضايا السعودة والبطالة. لكن التسرب الذي تحدثه تلك الأعداد من شأنه التأثير على سياسة السعودة عموما. خصوصا إذا ما أدركنا أن بعض القطاعات الخاصة تبحث في الأساس عن "حجج واهية" تتعذر بها بهدف عدم التماشي مع تطبيق القرارات الخاصة بالسعودة.
إن قضية التسرب الوظيفي في منشآت القطاع الخاص ساهمت بشكل كبير في حدوث خلل بتركيبة سوق العمل وأجهضت العديد من مشاريع ***** الوظائف التي كان من شأنها المساهمة في إيجاد ثقل للموظف السعودي في بيئات العمل في القطاع الخاص.
ورغم اعتبار وزارة العمل البطالة تمثل تحديا خطيرا لا يمكن التعامل معه بالمهدئات والمسكنات والإجراءات الرمزية، إلا أنها لم تبدأ بعد في الالتفات إلى الفئة التي لا تأبه بترك وظائفها دون أسباب مقنعة واضحة.
ووزارة العمل تحرص بحسب سياساتها ومبادئها المعلنة على أن يلتزم الموظف السعودي بواجباته في الوظيفة وان كونه سعوديا لا يعطيه الحق في معاملته معاملة خاصة. بل وتؤكد الوزارة أنها لن تمد يد العون لأي عامل سعودي يثبت تهاونه أو تجرده من المسؤولية أو عدم انضباطه.
لكن ماذا لو حدث عدم الانضباط من الشاب السعودي في العمل واستمرت نسب التسرب هذه؟ وماذا لو استمر خروج وجلوس ومن ثم دخول الشاب السعودي سوق العمل دون أنظمة وسياسات تراعي حقوق القطاع الخاص؟ كيف لتلك القطاعات أن تتعامل مع نسب التسرب التي تساهم في إعاقة الإنتاج وتحقيق الأهداف المرسومة في سياساتها؟.
السؤال الأهم في هذا الصدد: على المدى البعيد كيف ستتعامل وزارة العمل مع تسرب السعوديين من القطاع الخاص؟ وإذا ما استفحلت قضية التسرب الوظيفي وباتت مؤثرا حقيقيا على سياسات الوزارة في ***** الوظائف، هل ستتجه وزارة العمل لإقرار سياسات وأنظمة تطال المتسربين تماثل في شدتها ولهجتها تلك المتخذة في حق القطاعات الخاصة؟
h****zi@alriyadh.com
http://www.alriyadh.com/2007/11/23/article296115.html