أنت في أي مربع في الحياة ؟
بقلم د . جاسم المطوع
تأملتُ حياة الإنسان ، فوجدتها تنقسم إلى أربعة أقسام ، سمَّيتُ كلَّ قسم منها: (مربع) ، وجعلتُ كل مربع مدته عشرون عاماً ، على افتراضِ أنَّ الإنسان يعيش ثمانين عاماً .
ووجدتُ أن كل مربع من هذه المربعات له مهام وأهداف مختلفة عن الآخر:
(فالمربع الأول) يبدأ من ميلاد الإنسان إلى بلوغه عشرين عاماً ، وصفة المرحلة هذه تكمن في التلقي والتعلم ، ثم يأتي (المربع الثاني) ويبدأ من عمر الواحد والعشرين وحتى الأربعين عاماً، وهي مرحلة العمل وكسب الرزق وبناء الأسرة ، ثم (المربع الثالث) ويبدأ من الواحد والأربعين وحتى الستين عاماً ، وهي مرحلة تعليم الآخرين وتقديم الخبرة والمهارة لهم ، وأخيراً (المربع الرابع) ويبدأ من الواحد والستين وحتى الثمانين عاماً ، وهي مرحلةالإشراف على ما أسس وبنى ، مع التوجيه والمتابعة ، وهي مرحلة كمال النضج والحكمة .
وفي كل مربع من هذه المربعات لها ما يمتعها ويؤنسها ، كما لها تحدّياتها ومشاكلها وصعوباتها التي يعيشها الإنسان ، وقد يكون هناك أحياناً تداخل بين المربعات ، فمثلاً: قد يستمر التلقي والتعليم لاستكمال الدراسات العليا ، فيدخل المتعلم على المربع الثاني إلى منتصفه ، وتختلف ظروف الناس كلّ بحسب ظرفه، فالشخص الذي لم يُوفّق للزواج مثلاً قد تتغيّر عنده مهمة المربع الثاني ، فبدلاً من العمل لبناء أسرة فإنه يستمر في العطاء لخدمة المجتمع ، أو استكمال مشاريعه الخاصة ، أو قد يقوم بخدمة أسرته الكبيرة .
ولو تأملنا الآية الكريمة: (حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة ، قال: ربِّ أوزعني أنْ أشكرَ نعمتك التي أنعمتَ عليَّ وعلى والديّ ، وأنْ أعملَ صالحاً ترضاه ، وأصلِحْ لي في ذريتي ، إني تبتُ إليك وإني من المسلمين ) ، وهذا يعني أنه انتهي من مربعين من الحياة ، وهو الآن مقبلٌ على آخر مربعين ، أي: إنه قد انتصف في الحياة ، فلابدَّ أن يقف وقفةَ تقييمٍ لأعماله وماضيه ، وأن يتوب توبة منتصف العمر ، وأنْ يُجدّد العهد مع الله تعالى بأنه من المسلمين ، ثم سينطلق إلى المربع الثالث وهو مربع خدمة المجمتع والمساهمة في الإصلاح والتنمية في المجال الذي تخصص فيه ، سياسياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً أو صحياً ، أو غيرها من المجالات ..، ولهذا أكثر الأنبياء جاءتهم الرسالة ونزلت عليهم بعدما تجاوزوا أول مربعين في حياتهم ، وبدؤوا في بداية المربع الثالث ؛ لأنه هو مرحلة العطاء للآخرين ، وقد اكتمل النضج والفهم عندهم ، فينطلق حينها لتوجيه المجتمع وبناءه.
والمُوفَّقُ من توجَّهَ لبناء مجتمعه وهو بالمربع الثاني (21-40) ، وهذا توفيقاً من رب العالمين ، ونعمة عظيمة تستحق الشكر ، فيكون هذا الإنسان قد سبق وقته وزمانه ، وعاش متقدماً أقرانه وإخوانه .
فتأمَّلْ معي هذه المربعات ، وحدِّدْ موقعك ، واحرص أنْ تسبق زمانك ، والله الموفق لكل خير