ـ تثار دوماً قضية المتعاقدين غير السعوديين وأن هناك مواطنين يمكن أن يشغلوا وظائفهم وفي هذا الجانب أؤكد أن الوظيفة العامة لايمكن شغلها بغيره إلا إذا تعذر ذلك بشكل قاطع لعدم وجود من تتوفر لديه متطلبات شغلها من المواطنين ، ووزارة الخدمة المدنية لاتوافق للجهات الحكومية على التعاقد من خارج المملكة ولا التجديد لأي متعاقد على أية وظيفة ثابتة مشمولة بأي من سلالم الرواتب المشمولة بالتعاقد المدني أو سلالم الرواتب الأخرى أو وظائف البنود إلا بعد الإعلان عنها وتعذر شغلها بمواطن ، وبحسب سجلات الوزارة وكذا العرض والطلب فإن القطاع الصحي نتيجة للنمو المتزايد وعدم ملاءمة مخرجات التعليم مع أنشطته المتخصصة فإن غير السعوديين يشكلون النسبة الأكبر من المتعاقدين في القطاع الحكومي ، حيث يوجد حتى تاريخ 18/2/1432هـ "55.805" وظيفة مشمولة بسلم رواتب الوظائف الصحية مشغولة بغير سعوديين ، منها مثلاً "21.631" وظيفة طبيب "أستشاري ، أخصائي ، مقيم" الأطباء المقيمين وحدهم "13.050" طبيباً مقيماً ، و"22.629" وظيفة على فئة فني بتخصصات مختلفة ، و"10.279" وظيفة في مساعد صحي في تخصصات مختلفة والبقية في تخصصات مختلفة ، وهذه الوظائف في حكم الشاغر ويتم التذكير بها في الصحافة المحلية بين حين وآخر وعلى موقع الوزارة بصفة دائمة للإطلاع عليها ويتم الترشيح عليها عن طريق التوظيف المباشر بمجرد مراجعة المواطن أو المواطنة أي من فروع الوزارة في مناطق المملكة ، يلي ذلك أعضاء هيئة التدريس في الجامعات والتي تتولى تلك المؤسسات شغل وظائفها من قبلها مباشرة حيث أن الوظائف المشغولة بغير سعوديين حتى التاريخ المشار إليه أعلاه "9.878" وظيفة منها "5.415" وظيفة برتبة أستاذ مساعد وهي مرتبة الدخول لدرجة "الدكتوراه" ، والبقية في الرتب المختلفة ، وهي أيضاً فرص متاحة للمواطنين والمواطنات متى ما توفرت شروط شغلها لديهم ، والجامعات تعلن عن تلك الوظائف بصورة دائمة ، أما بقية المتعاقدين فهم في بعض التخصصات الهندسية وبعض التخصصات العلمية في الوظائف التعليمية أو في وظائف المؤسسات والهيئات العامة التي لها سلالم خاصة وتشغل وظائفها من قبلها .
9 ـ عندما تراجع وزارة الخدمة المدنية مجالات دبلومات المتقدمين والمتقدمات لطلبات التوظيف سواءً كان مصدرها (المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني ، أو كليات المجتمع) أو من معاهد القطاع الخاص ، تلاحظ عدة جوانب منها أن بعض تلك الدبلومات لا تقع مجالاتها ضمن إختصاصات الأجهزة الحكومية بل موجهة في الأساس للقطاع الخاص وبالأخص المجالات الصناعية والفنية على وجه العموم ، حتى وإن ظهر بين آونة وأخرى احتياج محدود لها في القطاع الحكومي فإن أعداد طالبي التوظيف يفوق الاحتياج الفعلي بعشرات الأضعاف، فمثلاً تقدم في مجالات (ميكانيكا السيارات ، والقوى الكهربائية ، والنجارة ، واللحام ، والسباكة ، والسمكرة ، والسفر والسياحة ، وأعمال الفندقة) ما يزيد على (10.000) خريجاً، بينما الوظائف التي طلبت الاجهزة الحكومية شغلها للمراتب (السادسة) فما دون لهذه التخصصات لاتزيد على (150) وظيفة .
10ـ بالنسبة لما يكتب في الصحافة بين حين وآخر ومن كتَّاب معروفين لهم تقديرهم الخاص من أن الوزارة لم تنفذ أمراً كريماً صدر بتثبيت العاملين على البنود على وظائف رسمية رغم مرور خمس سنوات وفقاً لما يشير إليه الأخوة الكتاب ، ورغم عدم الدقة فيما يقال رغم الإيضاحات المتعددة لوزارة الخدمة عبر تقاريرها للمقام السامي الكريم وما تم إيضاحه بصورة جلية عبر وسائل الإعلام وأثناء ألتقائي بمعالي رئيس مجلس الشورى وأعضاء المجلس الموقر في وقت سابق حول موضوع البنود فإن القارئ قد يستنتج من بعض تلك الكتابات أن الوزارة تراخت في هذا الموضوع ، وعلى هذا الأساس فسوف أوضح ذلك في الجانبين التاليين :
الجانب الأول : ، إن الوزارة وإن كانت لم تشارك في إحداث تلك البنود وليس لها علاقة بالتعيين عليها ولاتسجل في سجلاتها لكونها لاتخضع للتقاعد المدني ، إلا أنها عندما لاحظت أن هناك العديد من المعينين على بند الأجور وبند (105) وكذا لائحة المستخدمين ، يحملون درجات جامعية ودبلومات متخصصة ويزاولون أعمالاً تختلف عن مسميات الوظائف المعينين عليها بما يخالف النصوص الصريحة الواردة في تلك اللوائح كمن هو يحمل مؤهلاً في (الأنظمة أو الهندسة أو الطب البيطري) ومعين على بند الأجور أو لائحة المستخدمين ، رأت الوزارة حينئذ ضرورة تصحيح هذه الأوضاع غير النظامية فرفعت الوزارة لخادم الحرمين الشريفين ـ حفظه الله وأدامه ـ التماساً بذلك فصدر أمره الكريم بتاريخ 25/6/1426هـ بالموافقة على إقتراح الوزارة بتثبيت جميع المعينين على بند الأجور وبند ( 105 ) أو لائحة المستخدمين ممن تم تعيينهم من قبل الجهات الحكومية ذاتها قبل صدور الأمر الكريم ويمارسون أعمالاً لاتتفق وطبيعة أعمال ومسميات البنود واللوائح المعينين عليها ، وتنفيذاً للأمر الكريم تم تثبيت مايقارب من (120.000) موظف وموظفه من قبل لجنة في وزارة الخدمة المدنية مشكلة بموجب الأمر الكريم من (وزارة الخدمة ووزارة المالية والجهة ذات العلاقة) .
أما من يمارس مهام وظيفية تتفق وطبيعة المسمى المعين عليه فلا يشمله التثبيت في الأساس وهو باق على وضعه لأن تعيينه سليم ، مع التأكيد على إيضاح نقطة هامة في هذا الموضوع وهي أن التعيين على تلك البنود واللوائح لم يوقف ، لكن الأمر الكريم القاضي بالتثبيت أكَّد على الأجهزة الحكومية بالإلتزام بعدم التعيين بعد صدور الأمر الكريم إلا بما يتفق مع المسميات والمؤهلات والأعمال المشمولة بتلك اللوائح والبنود ، وأن التعيين بعد ذلك التاريخ يعتبر مخالفة نظامية .
اما الجانب الثاني : فهو أن الوزارة بعد ما أنهال عليها طلبات تثبيت العاملين على العديد من البنود التي ليست مشمولة بالأمر الكريم بل ليست معلومة للوزارة وأن المعينين عليها لهم فترات طويلة وإن بها من التفاوت (ما الله به عليم) حيث تتباين المعاملة المالية بين المتماثلين في المؤهلات وفي طبيعة الأعمال إضافة إلى أن التعيين على تلك البنود لدى تلك الجهات لم تراع فيه مقاييس الجدارة وتكافئ الفرص بين عموم المواطنين إذ لايعلن عنها للجميع ويتم التعيين عليها بصورة استثنائية ، فالتوظيف بهذا الاسلوب يعتبر خروجاً على الأنظمة والتعليمات المقررة والمؤكد عليها بموجب أوامر سامية كريمة بضرورة فتح المجال للجميع .
ولأن تلك البنود ليست مما قضى الأمر الكريم المشار إليه آنفاً بتثبيت شاغلها ، ولذا التمست الوزارة من النظر الكريم دراسة ذلك من قبل لجنة وزارية فصدر أمر كريم بالموافقة على ما أقترحته الوزارة ، وفي ضوء التوجيه الكريم تشكلت عدة لجان متخصصة لحصر تلك البنود ولدراسة الأمر ثم عرض على اللجنة الوزارية المشكلة لهذا الغرض ما تم التوصل إليه وبعد ذلك رفع الأمر للمقام الكريم ، والوزارة في إنتظار ما سيصدر به التوجيه الكريم . ومما يجدر ذكره أنه بحسب الدراسة التي أعدت أتضح أن عدد البنود التي تم حصرها من واقع المعلومات الواردة من الجهات الحكومية تصل إلى (190) بنداً يتم التوظيف عليها بطرق مختلفة وبأجور متباينة رغم التشابه في بعض طبيعة الأعمال ومطالب التأهيل ويعمل عليها من واقع المعلومات المعدة أثناء الدراسة حوالي (130.579) موظفاً سعودياً.
وبهذا الخصوص أوضح الفايز بأن لجنة التثبيت لاتملك أن تثبت من يشغل وظيفة بأي من البنود المشمولة بالدراسة المعروضة على النظر الكريم مالم يصدر توجيهاً كريماً حيال ذلك .
ولكن في ذات الوقت يجدر بمن يتصدى لمتابعة شؤون الخدمة المدنية أن يكون على إطلاع بما يتجاذبها من طروحات خصوصاً في مجال التوظيف تتقاطع في نتائجها ، فمثلاً كيف يمكن التوفيق بين الحد من التجمد الوظيفي (تأخر الترقيات) في ضوء التوجه بإشغال جميع الشواغر بموظفين مستجدين ،وكيف يتم التوفيق بين السعي لتطوير الأداء من خلال إختصار الإجراءات (وبالتالي الاستغناء عن من يؤدي بعض تلك الإعمال لإنتهاء الحاجة إليها) ، والتوسع في توظيف التعامل الإلكتروني (الذي من أجل أن يكون فاعلاً لابد من تقليل عدد الموظفين) .
وعلى صعيد آخر ذي علاقة بإتاحة فرص العمل للباحثين والباحثات من المؤهلين والمؤهلات ، وجود الرغبة الإنتقائية لبعض الباحثين عن عمل حيث يعرض عليهم وظائف ولكنهم لايقبلون بها لا لتدني مستواها مقارنة بمؤهلاتهم ، وإنما للرغبة في العمل بجهاز محدد أو بمدينة بذاتها ، وإذا لم يتوفر ذلك فلا يقبلون بما يعرض عليهم من وظائف وهذا لاشك له إنعكاساته السلبية على تأخر شغل الوظائف التي تطلب الجهات الحكومية شغلها، ولعل متابعة أعداد من يدعون للمطابقة بمن تم إستكمال متطلبات ترشيحهم خصوصاً في مجالات يتوفر الكثير من المؤهلين للدخول فيها يعطي الصورة الحقيقية لسوق العمل في مجال الخدمة العامة ، فمثلاً خلال الفترة من 14/8/1431هـ إلى 15/2/1432هـ دعت الوزارة عبر الصحف المحلية وعلى موقعها الإلكتروني وبواسطة الرسائل النصية على جوالات المتقدمين "8014" متقدماً و في التخصصات الإدارية والصحية بغرض مطابقة بياناتهم الأصلية مع ماسبق أن دونوه على موقع الوزارة أثناء التقديم بغرض الترشيح على الوظائف التي طلبت الجهات الحكومية إشغالها إلا أنه لم يلبي دعوة الوزارة للمطابقة إلا "2562" متقدما أي ما يقارب نسبة "32%" ، ثم أعتذر منهم عند الترشيح النهائي 423 متقدما لأسباب مختلفة أغلبها عدم الرغبة بالمقر أو الجهة المرشح لها بالاضافة الى أعتذار البعض منهم عن الرغبة في العمل الحكومي ، ولا زالت الوزارة تعلن المزيد من الأسماء بحسب ترتيبهم في المفاضلة لشغل ما يرد من الجهات الحكومية من وظائف .
وأختتم الفايز تصريحه مؤكداً أن وزارة الخدمة المدنية لا يمكن أن تدَّعي الكمال فيما تؤديه من مهام فالكمال لله ـ سبحانه وتعالى ـ وأنها لا تتحسس من أي نقد بناء أو إقتراح مفيد ويمكن تنفيذه على أرض الواقع .
والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل.
انتهى