عرض مشاركة واحدة
  #1 (permalink)  
قديم 28-12-2007, 01:29 AM
الصورة الرمزية قلب المملكة
قلب المملكة قلب المملكة غير متصل
إداري سابق
 
تاريخ التسجيل: Oct 2006
الدولة: قلب الــرس
المشاركات: 16,878
معدل تقييم المستوى: 14673841
قلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداعقلب المملكة محترف الإبداع
ولـن أُطـــرَد يـومــا ???

أفضل معنى عرفته للفظة "هِبة" هي المنحة بلا مقابل أوعِوض, ما يعني أن الوهاب: هو المانح بلا مقابل أو عِوض, بلا عرض دنيوي أو أخروي
والله يهب على شاكلتين, يهب هكذا من غير أن أفعل عملا خيرا, وحين أفعل عملا خيرا يهب لي فضلا منه
((وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان))؟؟
ولا أنسى أن هذا العمل الخير الذي أفعله قد يكون هو "الهِبة" نفسها.
ما يهمني الآن أن اسم الله "الوهاب" ارتبط كثيرا في القرءان بكلمة" الرحمة", لأن هبة الله رحمة, مهما كانت صورها فهي في الأصل رحمة


((ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة...))

هب لنا من لدنك رحمة, هبها بلا عوض لأننا لا نملك المقابل, لأننا لا نملك شيئا غير الطلب

((أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب))
خزائن بما فيها من جمع وفضل لا يحصى أتت مع رحمة, فخزائن الله رحمة, وبشيء من الدقة , من خزائن الله هناك خزائن رحمة, وخزائن أخرى الله أعلم بها, ولن أكذب إن قلتُ إن السماء لا تتوقف عن المطر, ليس قطر ماء, ولكن مطر يهبط على هيئة سيول رحمة, مطر "يصيبنا".

ثم أتت بعد ذلك كلمة "ربك" فالله يعطي الجميع, ويتعامل معهم على أنه "رب", أي للكافر نصيب من هذه الرحمة, وظني بالله يخبرني أني بإيماني قد حجزتُ لنفسي أكثر من ألف نصيب من رحمة الله, "يصيبني" بها.

ثم بعد ذلك ((العزيز الوهاب)) أي أن خزائن الله ما وجدت هكذا ليحفظ فيها الله عطاءه, بل لينفقه على خلقه, ويهب فضله لهم دون مقابل, والعزيز لتؤكد أن هبة الله تصل لمن شاء الله له أن يهبه, فهو عزيز ولا يرد فضله أحد, "وستصيبني" رحمته مهما ضاقت بي السبل, أو ازداد عليّ الكائدين, قناعة تجعلني في غنى عنكم, ((ورحمت ربك خير مما يجمعون)), فلن "تصيبوني" برحمة, أو حتى تمنعوها عني

والله لا يهب البشر لما هم عليه, بل يهبهم لما هو عليه "وهو إله متفضل بالنعم"
هو شعور مطمئن أن الله سيهبني -"سيصيبني" - رحمة منه, وهذه الرحمة لا تعتمد كلية عليّ, فعلمي بنفسي لا يجعلني أثق بها - نفسي, ما يجعلني أيضا أفزع لو كانت هذه الرحمة تعتمد علي, هي فقط تزيد أو تقل تبعا لإيماني, في أقل الأحوال "ستصيبني" رحمة الله.

((ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه برحمة منا..))
لا أكتفي بقراءة هذه الآية بتفسير أن الله نجاهم برحمته, بل أقراها أيضا هكذا
((الذين آمنوا برحمة منا))
فرحمة الله هي السبب في إيمانهم, وهبهم الله الإيمان فنجوا, تماما كما "أصابني" بالإسلام/ برحمته.

هل سيأتي عليّ يوم أتوسل أن يخفف الله عني يوما من العذاب؟
لا أعتقد ذلك
فأنا أسأل كريم, أسأل إلها "أصابني" بالإسلام بجزء واحد من رحمته, وادخر تسعة وتسعون جزءا لي وحدي ليدخلني بهم الجنة, ولكل منا مئة رحمة خاصة به, لأن فضل الله أوسع.
والجنة كبيرة وتحتاج رحمة أكبر, رحمة أكبر من تلك التي في الدنيا, ولكنها ليست أكبر من مجمل رحمة الله.
ولأن ذنوبي كبيرة , قد بلغت عنان السماء, وتضخمت لدرجة قد توهمني أن التسعة وتسعين جزءا شيئ ضئيل, لهذا ازددتُ ظنا بالله, ظنا حسنا – ولا أجد أحسن منه – يخبرني بأن الله سيؤكد رحمته أمام خلائقه بغفران ذنوب كالتي أحملها, وكثير غيري "ستصيبهم" رحمته.


كثيرا ما راودني سؤال مرعب, أخشى التمعن فيه أكثر, ليس من النوعية التي أبحث لها عن إجابة, بل أتمنى ألا تكون له إجابة, فما زلتُ مقتنعا بأن أعتى الكافرين لابد وأن يمتلك إلها خاصا به, مهما أنكر أو ادعى, لتظهر قناعة أخرى, "وكل يرزقه إلهه", لا أثبت بها فعل الرزق لآلهة سوى الله, ولكن أثبت بها أنهم أسباب للرزق ولكن على قَدْرهم.
هو سؤال "في الجوف يتبرم يحرقني"
إلى من يلجأ من اختار ألا يكون له إله؟
ماذا يفعل العَدَميّ حين يذنب مرة, أو يرتكب إثما؟
كيف يعيش الكافر هكذا بلا ندم؟, بلا مفهوم لكلمة معصية, بلا خوف من غضب إلهه؟, بلا فرصة للتوبة؟
كيف يعيش أصلا بلا رجاء لرحمة ربه؟؟

أنا لا أخشى الذنب, ولا أخشى كل فاحشة ارتكبتها يوما, لا أخشى سقطة أعتادها بين الفينة والفينة.
إن أخشى ما أخشاه أن أنسى يوما أن لي إلها ألجأ إليه
أن أنسى..؟!
لأول مرة يرعبني النسيان إلى هذا الحد
أخشى أن تخونني الأدلة, أن تبهت رؤيتي, فلا أميز بين طريق الرشد وغواية الغي.
ولكني أعود ليطمئن قلبي, فالله هو الدليل الذي لا يحتاج إلى دليل

[أنا يُستدَل بي... أنا لا يُستدَل عليّ]
يُستدَل بالله على كل شيء, حتى الذنوب, والاستدلال هنا عن طريق معرفة الضد
فمعرفة الخير هي دليل واضح على الخير, ودليل فاضح على الشر في الجهة المضادة
لذا لن أنسى يوما أن لي إلها
لن تنسيني ذنوبي, بل ستذكرني دوما أني عاص يحتاج إلى توبة, وإلى رحمة ملحة
وكلما احتجتُ إلى الرحمة سأتذكر ربي, ولآخر مرة سيرعبني هاجس النسيان




ومازلتُ في "وكل يرزقه إلهه", وأن الكافر يحصل على رحمة خاصة به من إلهه, حتى ولو كان بقرة
أنا أيضا "تصيبني" رحمة من إلهي, الفرق بين الرحمتين أن الثانية رحمة دائمة, ولا يلزم الاحساس/ الشعور بها لأتأكد من وجودها, أما الأولى فهي زائفة حسا/ شعورا افتعلها ليزيد من قيمة إلهه, ولو علم ما يفعله لما لجأ لإله يزيد قدره ويقل برغبته.

لا أريدها مقارنة, ولكن أريد أن أقول أن هناك فرقا - من ضمن فوارق لا تحصى - أن إلهه لا يجيد "التصويب", بل هو هدف سهل, يندرج تحت ((ضعف الطالب والمطلوب)), ضَعُف العابد والمعبود.

"ستصيبني" قذائف الرحمة دوما, "ستصيبني" بما لا يدع مجالا للهرب من رحمة الله
"ستصيبني" رحمة الله في مقتل, ليس مقتلي أنا ولكن مقتل شر ما بداخلي.
لأجدنى أحصل على أفضل رزق ... من إلهي
ولن أقول أبدا أفضل رزق من أفضل إله, لأن لا إله إلا الله




مـــنقول

للكاتب
صمتك مرغم
رد مع اقتباس