حُــزْنٌ فَـتَفَــاؤُلٌ..
قالوا: غريبٌ أنتَ لا تتكلّمُ؟!! *** قلتُ: اللغاتُ بمُهجتي تتكلَّمُ
قالوا: سقيمٌ أنتَ وجهُكَ شاحبٌ *** والحزنُ فيكَ علامةٌ لا تُكتمُ
قالوا: عليلٌ أنتَ قُلتُ لهم : نعم *** الليلُ يشهدُ والكواكبُ أعلمُ
فعجبتُ من ألمِ السؤالِ وصِدقِهِ *** فالوجهُ فضَّاحٌ ولا يتكتَّمُ
والوجهُ يُظهرُ ماخَبَتهُ صُدُورُنا *** وينوبُها بالفُصحِ لايتكلَّمُ
قالوا: ابتسم..الحزنُ لا يشفيكَ من *** ألمِ الحياة ووجهها المتحطمُ
والحُزنُ لمْ يُرجع سعادة واجمٍ *** قد رامها , ولحُبِّها يتوسَّمُ
هل أبتسم؟! والقلبُ من حُزنٍ يُقطـ *** ـطِعُ نفسَهُ فيهِ , وخفقٌ يهدمُ!!
عَمْرِي لإنِّي إنْ فعلتُ لخائنٌ *** ألمَ القلوبِ وهمُّها المتحكِّمُ
لكنْ تجشَّمتُ الكلامَ لأنكم *** للعُذر جارٌ, والتفاهةُ تُلجمُ
أفبالتبسُّمِ قد أردُّ تجهُّماً؟!! *** كذبوا, فتلكَ مقولةٌ تُتَوهَّمُ
رُوحُوا, وغادرتُ الكآبةَ عندهم *** ومشيتُ نحو خميلةٍ كي أحلَمُ
فَتَأمَّلت عينايَ زهرةَ واحةٍ *** ورديَّةٍ مِنْ حُسنِها تتبسَّمُ
فعقدتُ أطرافَ الحواجِبِ عندها *** والدمعُ فيَّاضٌ بعيني يسجُمُ
والخدُّ مثلُ الروضِ ريَّانُ الرُبى *** يرويهِ إلثَاثُ الدموعِ المُفعمُ
فتركتُها والدمعُ يلعبُ عابثاً *** بمنازلِ الأجفانِ , حقَّاً يؤلمُ
سبحانَ من خلقَ التناقُضَ في الحيا *** ةِ , يكونُ مقصدُها لمنْ يتفهَّمُ
حُزنٌ عميقٌ ثم شمسُ سَعَادةٍ *** حُبٌّ, وكُرهُ حاقدٌ يتضخَّمُ
واستثنِ مَنْ جَعَلَ الوثُوقَ طَريقهُ *** نحو الإلهِ فخيرهُ يتقدَّمُ
و اسعى وكُنْ مثلَ الحياةِ جميلةً *** فالزهرُ يعبقُ إن قطفتَ ويحلُمُ
كُنْ كالوُرودِ قدِ اعتبقنَ بموردٍ *** متبسِّماتٍ نفسُها لاتسأمُ
وأَعِدَّ للترحالِ نحو سعادةٍ *** ظهرَ التفاؤلِ لايريبُكَ مُبهمُ
واحفظ وصِيَّةَ شاعرٍ مُتألِّمٍ *** خاطَ َ الحياةَ كأنَّما هُوَ مُلهَم
الشــاعر / عبد الرحمن الغنيم