صحابي جليل كان معاقاً بسبب شدة عرجه وصعوبة مشيه وحركته لكنه تميز بطلاقة اللسان والقدرة على التفاوض حيث ارسله سعد بن ابي وقاص الى قائد الفرس رستم فكان من انجح السفراء والمبعوثين السياسيين نظراً لصلابة عقيدته وشجاعته واخلاصه في المهمة ولم تحل اعاقته دون اختياره لتلك المهمة الصعبة ، ومن هنا كتب التاريخ عن ان معاقاً اعرجاً تحدى أكبر قادة جيوش العالم في قصره الامبراطوري .
هو ربعي بن عامر بن خالد بن عمرو.
قال الطبري كان عمر أمد به المثنى بن حارثة وكان من أشراف العرب.
أثر الرسول صلى الله عليه وسلم في تربيته:
كان لتربية الرسول أثرا في نفس ربعي جعلته يقف أمام الفرس قائلا لهم
إن الله ابتعثنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام.
ملامح شخصيته:
فطنته وذكاؤه ومعرفته بأحوال عدوه:
كان سيدنا ربعي بن عامر من الفطناء العارفين بأحوال عدوهم، ومن ذلك لما أراد سيدنا سعد بن أبي وقاص أن يرسل إلى الفرس المغيرة بن شعبة وبسر بن أبي رهم وعرفجة بن هرثمة وحذيفة بن محصن وربعي بن عامر وقرفة بن زاهر التيمي ثم الواثلي ومذعور بن عدي العجلي والمضارب بن يزيد العجلي ومعبد بن مرة العجلي وكان من دهاة العرب فقال إني مرسلكم إلى هؤلاء القوم فما عندكم قالوا جميعا نتبع ما تأمرنا به وننتهي إليه فإذا جاء أمر لم يكن منك فيه شيء نظرنا أمثل ما ينبغي وأنفعه للناس فكلمناهم به فقال سعد هذا فعل الحزمة اذهبوا فتهيؤوا فقال ربعي بن عامر إن الأعاجم لهم آراء وآداب ومتى نأتهم جميعا يروا أنا قد احتفلنا بهم فلا تزدهم على رجل فمالؤوه جميعا على ذلك.
هوان الدنيا في نفسه وعزته بدينه:
خرج ربعي ليدخل على رستم في معسكره فأظهروا الزبرج وبسطوا البسط والنمارق ولم يتركوا شيئا ووضع لرستم سرير الذهب وألبس زينته من الأنماط والوسائد المنسوجة بالذهب وأقبل ربعي يسير على فرس له زباء قصيرة معه سيف له مشوف وغمده لفافة ثوب خلق ورمحه معلوب بقد معه حجفة من جلود البقر على وجهها أديم أحمر مثل الرغيف ومعه قوسه ونبله فلما غشي الملك وانتهى إليه وإلى أدنى البسط قيل له انزل فحملها على البساط فلما استوت عليه نزل عنها وربطها بوسادتين فشقهما ثم أدخل الحبل فيهما فلم يستطيعوا أن ينهوه وإنما أروه التهاون وعرف ما أرادوا فأراد استحراجهم وعليه درع له كأنها أضاة ويلمقه عباءة بعيره قد جابها وتدرعها وشدها على وسطه بسلب وقد شد رأسه بمعجرته وكان أكثر العرب شعرة ومعجرته نسعة بعيره ولرأسه أربع ضفائر قد قمن قياما كأنهن قرون الوعلة فقالوا ضع سلاحك فقال إني لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم أنتم دعوتموني فإن أبيتم أن آتيكم كما أريد رجعت فأخبروا رستم فقال ائذنوا له هل هو إلا رجل واحد فأقبل يتوكأ على رمحه وزجه نصل يقارب الخطو ويزج النمارق والبسط فما ترك لهم نمرقة ولا بساطا إلا أفسده وتركه منهتكا مخرقا فلما دنا من رستم تعلق به الحرس وجلس على الأرض وركز رمحه بالبسط فقالوا ما حملك على هذا قال إنا لا نستحب القعود على زينتكم هذه.
أثره في الآخرين دعوته وتعليمه:
ولما سأله رستم عن سبب مجيء المسلمين إلى الفرس فقال لهم الله ابتعثنا والله جاء بنا لنخرج من شاء من عبادة العباد إلى عبادة الله ومن ضيق الدنيا إلى سعتها ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام فأرسلنا بدينه إلى خلقه لندعوهم إليه فمن قبل منا ذلك قبلنا ذلك منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه يليها دوننا ومن أبى قاتلناه أبدا حتى نفضي إلى موعود الله قال وما موعود الله قال الجنة لمن مات على قتال من أبى والظفر لمن بقي فقال رستم: قد سمعت مقالتكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه وتنظروا قال نعم كم أحب إليكم أيوما أو يومين قال لا بل حتى نكاتب أهل رأينا ورؤساء قومنا وأراد مقاربته ومدافعته فقال إن مما سن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل به أئمتنا ألا نمكن الأعداء من آذاننا ولا نؤجلهم عند اللقاء أكثر من ثلاث فنحن مترددون عنكم ثلاثا فانظر في أمرك وأمرهم واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل اختر الإسلام وندعك وأرضك أو الجزاء فنقبل ونكف عنك وإن كنت عن نصرنا غنيا تركناك منه وإن كنت إليه محتاجا منعناك أو المنابذة في اليوم الرابع ولسنا نبدؤك فيما بيننا وبين اليوم الرابع إلا أن تبدأنا أنا كفيل لك بذلك على أصحابي وعلى جميع من ترى قال أسيدهم أنت قال لا ولكن المسلمين كالجسد بعضهم من بعض يجير أدناهم على أعلاهم فخلص رستم برؤساء أهل فارس فقال ما ترون هل رأيتم كلاما قط أوضح ولا أعز من كلام هذا الرجل قالوا معاذ الله لك أن تميل إلى شيء من هذا وتدع دينك لهذا الكلب أما ترى إلى ثيابه فقال ويحكم لا تنظروا إلى الثياب ولكن انظروا إلى الرأي والكلام والسيرة إن العرب تستخف باللباس والمأكل ويصونون الأحساب ليسوا مثلكم في اللباس ولا يرون فيه ما ترون وأقبلوا إليه يتناولون سلاحه ويزهدونه فيه فقال لهم هل لكم إلى أن تروني فأريكم فأخرج سيفه من خرقه كأنه شعلة نار فقال القوم اغمده فغمده ثم رمى ترسا ورموا حجفته فخرق ترسهم وسلمت حجفته فقال: يا أهل فارس إنك عظمتم الطعام واللباس والشراب وإنا صغرناهن ثم رجع إلى أن ينظروا إلى الأجل.
من كلماته:
وقف ربعي بن عامر ليحرض الناس على القتال فقال: إن الله هداكم للإسلام وجمعكم به وأراكم الزيادة وفي الصبر الراحة فعودوا أنفسكم الصبر تعتادوه ولا تعودوها الجزع فتعتادوه، وولاه الأحنف لما فتح خراسان على طخارستان. ولم يذكر شيء عن وفاته.
المراجع:
الإصابة في تمييز الصحابة - البداية والنهاية - تاريخ الطبري