حين يكون بمقدورك أن تمنع باطلاً ولا تفعل فأنت فاسد! وحين يكون بمقدورك أن تُجنّب الناس سوءاً قد يأتي ولا تفعل فأنت فاسد! وحين تكون صاحب نفوذ ولا توقف بنفوذك الفساد فأنت فاسد! وحين تستطيع أن تتجاوز بعملك الفساد ولا تفعل فأنت راعٍ للفساد! وحين تعلم أنك فاسد ولا تعتزل الحياة فأنت أفسد الفاسدين!..
الفساد أبوابه كثيرة، وزواياه المظلمة أكثر، كلنا نظن ألا علاقة لنا بالفساد من قريب أو بعيد؛ لذلك نتجه إلى الناس وننسى أنفسنا؛ فنُسرف كثيراً في متابعتهم الدقيقة، وتحويل كل الأشياء المحيطة بنا إليهم لاعتبارات كثيرة، من أهمها أننا نبحث عن قشة نُعلِّق بها كل هزائمنا الداخلية، وكل نواقصنا الدنيوية!
الفساد أبوابه كثيرة، وزواياه المظلمة أكثر، في كل شيء في الحياة يمكن للفساد أن يوجد له مكانٌ ومكانة!
في الرياضة على سبيل المثال يوجد فساد في الكتابة والتحليل، فساد في التخطيط والتنفيذ، فساد في التعاطي الفعلي مع الرياضة بوصفها مجرد تنافس فقط!
في الرياضة انقلبت الميادين إلى حلبات صراع فضائية غير نبيلة، وتحوَّلت الحوارات الواعية إلى إسقاطات مسفة!
في الرياضة مؤامرات وإقصاءات وإسقاطات، هدفها الأول والأخير أن يتجاوز صوتٌ صوتاً آخر، ويعلو عليه!
في الكتابة فساد أكبر حين يتحوَّل الهامشي إلى متن، والصغير جداً إلى كبير جداً، والمفلس إلى عَلَم، والعادي إلى مذهل، والكاتب المبتدئ إلى نجم بفضل الإعلام!
في الثقافة فساد حين تسقط المعرفة، وينهض التخلف، يموت الضمير وتحيا الأوهام، يستكين المثقف الفعلي، ويخلد إلى الدعة والراحة، فيما ينهض النصف الآخر، فيشجب ويستنكر، يُدخل الجنة ويُخرج منها وكأن الحياة خُلقت له وحده!
في الإعلام فساد حين يلتفت بشكل مبالغ فيه إلى شيء واضح، ويسكت عن أشياء كثيرة مجهولة!
وفساد حين يُحوِّل بسطوته الحالات العادية في الشأن العام إلى قضايا رأي عام، في حين يبقى معزولاً عن أشياء أخرى تستحق التناول والإبراز!
في الإعلام فساد حين يكون أداة تسويق للشهرة المجانية، ويصمت كثيراً أمام الحقيقة المطلقة، وينام!
في الموعظة فساد حين تلبس لباساً فضفاضاً، وتنشر على أنها خير وصلاح، وتسوق على أنها الحقيقة المطلقة!
في الموعظة فساد حين تتحوَّل من مجرد موعظة إلى واعظ قال..!
ألسنا بعد كل هذا أناساً نتعاطى مع كل هذه الأشياء بشيء من القبول والتصديق والتعاطف والتبني؟!
إذاً نحن جزءٌ لا يتجزأ من الفساد، وعلينا أن نبدأ بأنفسنا؛ لكي نقتل الفساد، ونُميت كل المفسدين إن أردنا شيئاً اسمه الإصلاح!