مطالبات لنيل حقوقهم على أرض الواقع
تحقيق - عزيزة القعيضب
لازال ذوو الاحتياجات الخاصة يعانون من تهميش حقوقهم وعدم نيلهم لمتطلباتهم الضرورية رغم أن حكومة خادم الحرمين الشريفين توليهم اهتماماً خاصاً وتقدم لهم العديد من التسهيلات ولكن تظل المشكلة الأبرز هو غياب التطبيق الفعلي لما يصدر لهم من حقوق.
الجزيرة تفتح هذا الملف لتساهم نقل أصوات هذه الفئة الغالية وتضعها على طاولة المسؤول الذي يدرك يقيناً لأهمية تقديم كافة التسهيلات لذوي الاحتياجات الخاصة طبقا لتوجه الدولة في هذا الصدد الذي يحفظ حق المواطن السعودي لنيل حياة كريمة في مملكة الانسانية التي قدمت ومازالت تقدم لأبنائها كل رعاية واهتمام.
مطالبنا كثيرة
بشيء من الأسى تحدث المواطن سالم بن سعود العتيبي عن معاناته بصفته من ذوي الاحتياجات الخاصة فقال: مطالبنا كثيرة جداً منها على سبيل المثال لا الحصر سيارة للمعاق حسب توجيهات المليك- حفظه الله- وأولويتنا في التقديم على الصندوق العقاري حسب توجيهات سمو ولي العهد- حفظه الله- ومع أن هذه حقوقنا إلا أننا نتمنى مضاعفة إعانة المعاقين.
وتشاركه الرأي فوزية المالكي فتقول: لا نريد في أن نعيش عيش الأغنياء ولكننا نطالب بالعيش الكريم فنحن نريد تغيير قيمة الإعانة الشهرية وتثبيتها على 1500 ريال لكل معاق من جميع الفئات لغير المتزوجين ويعطى المتزوج ما مقداره 3000 ريال فنحن نحتاج إليها ثمنا إما لعلاج، وإما لشراء مستلزمات إعاقة من كراسي متحركة جديدة أو تجديد لأعضاء صناعية انتهت صلاحيتها أو سماعات وغيرها من المستلزمات الخاصة وإما لدفع إيجار بيت، وإما لإعالة عائلة وغيرها من مصاريف الحياة الجافة، مع عدم اسقاطها في حال توظف المعاق فهي تعتبر إعانة له وليست صدقة أو مساعدة مقطوعة وتضيف للعلم فأكثر المعاقين أشخاص وصلوا بجهدهم الكبير وطموحهم الأكبر لشهادات عليا ولازالوا يواصلون مسيرة البناء بهمة عالية فهم يستحقون أكثر من هذه الإعانات، وتضيف بالقول: كذلك نحتاج لإنشاء قسم خاص في مكتب العمل والعمال لتوظيف ذوي الاحتياجات الخاصة مع تقديرهم للحالة وتوجيهها الوجهة الصحيحة للوظيفة المناسبة للحالة، وبطاقة شاملة (تخفيضات) خاصة بكل معاق تشمل 3 بنود أساسية وهي تخفيض أجور الاركاب للمعاق ومرافقه بنسبة 50%وتخفيض الاتصالات والكهرباء بنسبة 50% وتخفيضات شرائية أيضاً بنسبة 50% تقدم للمراكز التموينية الكبرى.
تأسيس الهيئة العليا للمعاقين
يقول المواطن عبد الله الشلاقي من حائل لازلنا نحن المعاقين نطمح في نيل حقوقنا والرفع باحتياجاتنا للمقام السامي الذي لن يمانع مطلقاً في تقديم كل ما سيحقق لنا حياة كريمة في ظل ما تشهده بلادنا من تطور في مختلف المجالات، ولعل أبرز ما نتمناه هو تأسيس هيئة عليا لشؤون ذوي الإعاقة تتضمن تفعيل مصادقة المملكة على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي وقعتها المملكة في 13 ديسمبر 2006 في الأمم المتحدة لتكون سارية التنفيذ محلياً الأمر الذي لم نر له بوادر في ظل اختلاق ممرات طويلة يمر بها المعاق عنوة لأجل أن يتحصل على شيء من حقوقه المكفولة من العلاج اللازم الذي وجهت الدولة بتقديمه والسكن ووسيلة النقل والعمل الكريم بكافة أشكاله وتوفير البنية التحتية المتوافقة مع إعاقته.
ويعزز المواطن عبد العزيز الحمر من بريدة الرأي نفسه مشيداً بدور الإعلام في ايصال أصوات ذوي الاحتياجات الخاصة فيقول: كما كان للإعلام دور في نشر أخبار التوقيع على الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والتي وقعت عليها المملكة العربية السعودية وعلى البروتوكول الاختياري لها في 13 ديسمبر 2006م وصادقت عليها وعلى البروتوكول الاختياري لها في 24 يونيو 2008م فليس بمستغرب عليكم أن تكونوا شريكاً ومساهماً مؤثراً في متابعة ما تم والحث على التطبيق والتنبيه لإشكاليات القصور فذوو الإعاقة يتطلعون أن يتم الدفع بها لترى النور وتصبح نافذة وسارية المفعول على المستوى المحلي بأسرع وقت ممكن لأنها شاملة ومتكاملة لحماية وتعزيز حقوقنا وحفظ كرامتنا واحترامنا لذواتنا ولا ننسى أن مـؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية قد شاركت في تفعيل الاتفاقية وكانت ثمارها توصيات سمو ولي العهد الأمين الـ29 لمن تجاوزت أعمارهم 15 عاما ولكن للأسف توقفت جهودها حيال تطبيقها دون معرفة الأسباب التي أدت إلى ذلك كما أننا بحاجة ماسة إلى (لجان حقوق ذوي الإعاقة) بحيث يكون لها تواجد في كل مدينة رئيسية لتقدم الاستشارات لنا مجاناً كما تستقبل الشكاوي لتنفيذ القانون الخاص بنا سواء كنا نعاني من تمييز في الوظيفة أم الخدمة الاجتماعية فتقوم بالترافع عنا أمام القضاء لرفع المخالفة أو لرد الاعتبار إلينا.
حقوقوهم في الحصول على الوظيفة
وعن حقوق المعاقين في الحصول على الوظائف يقول عبد العزيز محمد أقترح إجراء دراسة مسحية لتقييم استراتيجيات الانتقال من العطالة أوالمدرسة إلى مجال العمل وتجربة توظيف ذوي الإعاقة من الجنسين بين النجاح والفشل والالتفات إلى تسهيلات الوصول لمقار العمل وهل تم تذليل العقبات التي تعترض هذه الفئة وفق رؤية معمارية هندسية شاملة، والتركيز على التفاصيل كمواقف السيارات ودورات المياه ويستطرد عبد العزيز: إن ذوي الإعاقة لا يستطيعون العمل في القطاعات العسكرية ولا الصحية الفنية ولا الرقابية الميدانية ولا سائقي سيارات الأجرة والعديد من المجالات الأخرى ومع هذا لا تقدم لهم تسهيلات بصفة استثنائية في حال الرغبة بتمويل وافتتاح المشروعات الصغيرة أو حتى الرغبة في الالتحاق في الدورات المؤهلة لها ففي مدينة بريدة مثلاً تقام بالدور الرابع في كلية التقنية حيث لا يوجد مصعد فلماذا لا يتم النظر لهذه الأمور الهامة لنا كمواطنين؟
من جهته يقول المواطن فالح بن عبد الله الهاجري: نحن ذوي احتياجات خاصة نعلم أن خادم الحرمين الشريفين لن يمانع مطلقاً تقديم التسهيلات التي نحتاجها ومن هذا المنطلق تقدمنا بعريضة لرئيس مجلس الشورى الدكتور عبد الله بن محمد آل الشيخ ضمنَّها مطالبنا الخمسة عشر الأساسية لرفعها للمقام السامي وتعميد تنفيذها حيث ذكرنا في العريضة أننا نحتاج لأمور هامة يأتي في مقدمتها المطالبة بإعفاء المعاقين من رسوم وزارة الداخلية ومنح السائقين من فئة الاحتياجات الخاصة تسهيلات مرورية تتواءم مع احتياجاتهم، والتوصية لوزارة الشؤون الاجتماعية برفع إعانات المعاقين الشهرية من جدولها وتقسيماتها الحالية إلى أخرى تنظر للمعاق بحالته الاجتماعية ومرحلته العمرية وأن يرفع معدل الإعانة تلقائيا بزيادة تصل إلى نسبة 100% في حال زواج المعاق وكذلك المعاقة وألا تقطع هذه الإعانة عنهم في أي حال من الأحوال بالإضافة إلى ضرورة زيادتها عن كل مولود ينجب ومطالب أخرى من الوزارة الأولى المعنية بشؤونهم بالإضافة إلى وجوب تأدية حقوقهم الصحية من قبل وزارة الصحة ومتطلباتهم الوظيفية لدى وزارة العمل بالإضافة إلى متابعة وزارة البلدية والشؤون القروية سير العمل في البنى التحتية للمشاريع الحكومية والتجارية وملاءمتها للمعاق في الدخول والخروج.
ولفت الهاجري إلى أهمية منح المعاقين وحدات سكنية ملائمة وقريبة من مسقط رأس المعاق مجاناً ودون الحاجة للانتظار. كما طالبوا بحسب الهاجري وزارة الخدمة المدنية بإيجاد خانة مفاضلة خاصة بالمتقدمين لها من المعاقين أو أن يقوم مبدأ المفاضلة مع الأسوياء على أسس علمية وطبقاً للمؤهلات. كما طالبوا وزارة التربية أن تؤسس فعلياً لدمج المعاقين حركيا بشكل رئيسي مع بقية الطلاب الأسوياء في مراحل التعليم العام من خلال إيجاد أرضية علمية مدروسة لكون المعاقين حركياً من أكثر المعاقين سهولة في الاندماج، وأن تخصص الرئاسة العامة لرعاية الشباب منشآت مناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة.
معاناتهم في التعليم
ويشارك المعاق هاني محمد حريصي الطالب في جامعة جازان كلية الحاسب ونظم المعلومات بالقول: تعرضت لحادث مروري أدى لإصابتي بشلل نصفي نسبته 75% يمنعني من الوقوف الطويل ويصيبني بفقدان التوازن مما يصعب علي التنقل داخل الجامعة لبعد مرافقها عن بعض في ظل عدم توافر مصاعد أو كراسي متحركة أو أي وسيلة لصعود الدور الثاني مع العلم أنه لا يوجد في الجامعة إلا أربعة منزلقات ثلاثة منها عند مداخل القاعات الدراسية وواحد عند مدخل المعامل في مقر كلية الحاسب بمبنى الإدارة العليا فهي جامعة ويفترض أنها تكون أول من يطبق الممرات والمصاعد الخاصة بالمعوقين خاصة مع الميزانية التي ترصدها حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للنهوض بالتعليم.
محرمون من الخدمات الطبية
ولأن الرعاية الصحية تأتي على هرم احتياجاتهم تقول نوال التويجري في اقتراحها عبر الجزيرة: لدينا الكثير من الاحتياجات ونتمنى أن تتوافر لنا خصوصاً وحكومة خادم الحرمين الشريفين تقدم العديد من التسهيلات لأبناء المملكة فلماذا لا يصدر بطاقة تخفيض أو على حساب الدولة للعلاج في المستشفيات الأهلية لما يحتاجه المعاق من رعاية صحية مكلفة ولما يتعرض له من صعوبة الحصول على الرعاية المطلوبة في المستشفيات الحكومية؟!
وتقول أم نواف لدي ثلاثة أبناء مصابين بمرض وراثي نادر وهو مرض استقلابي يسمى الفينيل كيتنيوريا وهذا المرض تسبب في اعاقة اثنين من أبنائي أحدهم اعاقته شديدة والأخرى متوسطة وهذا المرض يتطلب حمية غذائية مدى الحياة فهم ممنوعون من تناول أي من منتجات البروتينات أو البقوليات أو مشتقات الألبان وغذاؤهم محدود جداً فهم يعيشون على القليل من النشويات والخضار والفاكهة فقط وهناك أغذية خاصة بهم ولكن لا توجد في المملكة وأسعارها باهظة جداً فأتمنى زيادة الإعانة للأمراض الاستقلابية النادرة، وكذلك توفير الأغذية الخاصة بهم لأننا لا نستطيع توفيرها دائماً فإعانتهم قليلة جداً ولا تكفي لتوفير أغذيتهم.
وذكر فالح الهاجري أن متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة كثيرة ومن ضمنها أن يكون له نصيب من العلاج للتشافي خارج المملكة بأمر طبي يؤكد عدم استجابته للعلاج أو لا يرجى برؤه.
"مواطنون من الدرجة الثانية"
يقول صاحب الدكتوراه الوحيدة عربياً في قوانين الإعاقة عن أطروحته حقوق المعوقين والتمييز التي تم التوصية بنشرها وتداولها على المستوى الإقليمي والدولي الدكتور أحمد السيف: في الخارج رأيت كيف يعيش المعاقون وهم في حال أفضل من الشخص السليم المعافى حيث يجدون احتراماً لذواتهم وإنسانيتهم ويحصلون على حقوقهم بكل سهولة وهذا ما دفعه لعمل مقارنة بحثية منهجية بين أوضاع المعاقين في العالمين الغربي والعربي.
ولاحظ السيف في بحثه أن المعاقين لا حقوق لهم ويعاملون كمواطني درجة ثانية وأشار إلى أن الإشكالية الأساسية التي تواجه المعاقين تكمن في نظرة الشفقة إليهم ومعاملتهم التي تبنى على أساس أنها منح اجتماعية وليست حقوقاً أساسية، ونوه السيف بتجربة بريطانيا في مجال الإعاقة موضحاً أن في بريطانيا آلية تنفيذية لحماية حقوق المعاقين وهو ما يسعى إلى نقله هنا وهي ما تسمى لجان لحقوق المعاقين موجودة في كل مدينة وتقدم الاستشارات للمعاقين مجاناً، كما تستقبل شكواهم لتنفيذ القانون الخاص بهم سواء كانوا يعانون من تمييز في الوظيفة أم الخدمة الاجتماعية فتقوم بالترافع عنهم أمام القضاء لرفع المخالفة أو لرد الاعتبار إليهم.وفي نهاية تحقيق الجزيرة مع هذه الفئة الغالية على الجميع طالبوا بعدد من الحقوق والأمنيات التي أملوا عبر الجزيرة تحقيقها على أرض الواقع ومنها مقابلة خادم الحرمين الشريفين، وزيادة إعانة المعاقين، تقديم منحة لراغبي الزواج دون المطالبة بتسديدها لاحقاً وتشكيل لجنة لزيارة المعاقين في المنازل لأخذ شكاويهم وحلها في أقرب وقت خصوصاً ما يتعلق بوضع النساء اللاتي يصعب عليهن الذهاب للبحث عما يواجههن من صعوبات، بالإضافة إلى النظر الجاد في وضع أطفال متلازمة داون ووضع حلول سريعة للمساهمة في حل ما يواجه أولياء أمورهم من تقديم الرعاية لهم وفي مقدمتها الجانب المادي المرهق الذي يكلف الأسر سنوياً أكثر من ثلاثين ألف ريال، وأخيرا ارتقاء نظرة المجتمع لهم وينالون حقوقهم المادية والمعنوية في مملكة الإنسانية.