برستيجنا السعودي / والأزمة المفتعلة
مشكلتي ما أبي أغيّر برستيجي ... صحيح الراتب لم يتبقى منه سوى بضع مئات قد تتآكل
في ليلة واحدة عند زيارة أي ضيف للقيام بطقوس الضيافة العربية المعتادة .. كتقليد عربي
يجعلنا نتمسك به حتى وإن أفلسنا بقية الشهر
كل يوم أجلس ببهو أحد النفادق ذات النجوم الخمس ليس لأجل أنني غني بل لأني لا أريد
أن أتخلى عن برستيجي الغابر
هذا البرستيج يجعلنا نشعر ولو مجرد شعور أننا مازلنا بخير وأن الأزمة الإقتصادية لم تؤثر
فينا حتى وإن تسلفنا خمسائة ريال تصبيره آخر الشهر من مديرنا في العمل ..
لازلت اغسل ملابسي في مغسلة فاخرة لأني أريد أن أظهر بمظهر جميل كبرستيج تعودنا
عليه .. سأخبركم بسر : في الإجازة الماضية لم أذهب لزيارة أقاربي وجلست قابعاً في شقتي
لأني وبصراحة لا أستطيع أن أذهب أنا وعائلتي وقد شوهدت كل ملابسنا علينا وهذا قد يقلل
من برستيجنا .. لذا قدمت برستيجي على وجوب زيارة أقاربي << شي يبعث على البؤس
هذا أحد أصدقائي يلمحني في بهو الفندق .. متأكد أنه سيأتي ويجلس معي ولن أرضى أن
يدفع الحساب وأنا موجود على طاولتي ... برستيجي ما يسمح له بذلك >>
أتمنى أن لايراني
الشعب السعودي : يمنعه برستيجه من إعلان حالة الطوارئ الإقتصادية المزمنة التي تمر عليه
ويرفض أن يركب أو يسكن أو يأكل أقل مما إعتاد عليه خلال سنين الطفرة >> مشكلتهم
سؤالي هل ستجبرنا رياح التغيير إلى التخلي عن هذا البرستيج المصطنع لنتحول تدريجياً من
شعوب غنية إلى شعوب تلهث وراء لقمة عيشها خصوصا مع ارتفاع كل المواد الإستهلاكية وارتفاع
عقود السكن وارتفاع كل شيْ وبدون استثناء ؟؟ وهل سيرضى ضيوفنا أن نقدم لهم بنات المذن
بدلا عن المفاطيح لأننا مفلسون ولن نستطيع التدين أكثر مما هو على عواتقنا من قروض طارت
مع أحلام سوق الأسهم .. ؟
هل سيقتنع نساءنا بأن يبلسوا ثياب الزيارت العائلية والزواجات والروحات والجيات كذا مرة أم
سيتمسكن بثقافة البرستيج ولكل سهرة وطلعة لبسة خاصة لهن ولأولادهن !
أتصور أن الشعب السعودي : سيتحول تدريجيا كما تحول شعب مصر وسنرى هجرة جماعية لبدان
الخليج التي لازالت تعطي رواتب مجزية ولا ترضى لشعوبها إلى بعيشة تتوافق مع برستيجه
يعني ممكن بكرة نشوف حي سعودي في قطر والإمارات والكويت كأحياء الجاليات العربية المصرية
والشامية في بلدنا الموقر >> هذي شطحة قويه
الطبقة الوسطى في مجتمعنا تتهاوى سريعاً وتتقلص بشكل مريع .. وأصبحت أسمع عن أمور لم
أكن أتوقعها جراء الأزمة الحالية .. كل هذا وبلادي تعتبر نفطية وغنية وتمد الدول بمليارات الدولارات
كمساعدات مجانية دائمة وآنية