السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قال تعالى " وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين ,
فاستجبنا له فكشفنا مابه من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم رحمة من عندنا وذكرى للعابدين "
سورة الانبياء
ان المتأمل لنداء ايوب عليه السلام يلمس حسن ادبه عليه السلام في دعائه
فعلى الرغم من شدة الابتلاء فقد عبر عنه بالمس في قوله "مسني الضر"
والمس : هو الاصابه الخفيفه جدا
كل تلك الاوجاع الجسديه والنفسيه وصفها بالمس
قصة ايوب عليه السلام بإيجاز :
(إن الله تعالى كان قد وهب لأيوب عليه السلام الرزق الواسع من الأموال والأولاد والزروع والثمار والحرث، فابتلاه الله في ذلك كله حتى ذهب عن آخره، ثم ابتلاه في جسده ابتلاء عظيماً لازمه سنوات طويلة، وهو صابر محتسب راض شاكر، ولم يقنط ولم ييأس يوماً من رحمة الله، وقد انفض عنه أهله وأحبابه وأصدقاؤه، ولم يبق إلى جواره إلا زوجته تقوم على رعايته، وتنهض بخدمته، وتنفق عليه وعلى نفسها مما تحصل عليه من أجر زهيد مقابل خدمتها الناس، حتى قيل إنها باعت ضفيرتيها مقابل بعض أرغفة من الخبز)
ولكنه بالرغم من كل ذلك لم يصرح في دعائه بطلب رفع البلاء عنه تأدباً مع الله
بل اكتفى بعرض حاله على ربه
ثم كنى عن رغبته في رفع البلاء بقوله "وأنت أرحم الراحمين"
أي انه وصف ربه بغاية الرحمة بعدما ذكر من حال نفسه ما يوجبها
وصيغة التفضيل (أرحم) تنعدم فيها المفاضلة
بمعنى انه سبحانه بلغ في الرحمة أكمل درجاتها
استجابة سريعة
قال تعالى : "فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر"
فلم يكد أيوب عليه السلام يرتد إليه طرفه من السماء حتى جاءته البشرى،
وكشف الله عنه بلاءه في سرعة خاطفة كما أنبأت عنه( فاء التعقيب)
في قوله تعالي "فاستجبنا"
فإزالة كل تلك الأسقام والآلام كانت فورا
وتأمل دقة استعمال الكلمة القرآنية المناسبة للمقام حيث استعمل الكشف
في الإزالة السريعة عن طريق الاستعارة
فقد شبهت إزالة الأمراض والأضرار
التي يعتاد أنها لا تزول إلا بالتدرج، أو تتعذر أصلا إزالتها
بإزالة الغطاء عن الشيء في السرعة
ولا عجب في ذلك فإنها قدرة الذي يقول للشيء كن فيكون
كما دلت السين والتاء على المبالغة في سرعة إجابة دعاء أيوب عليه السلام.
وختمت القصة بقوله: "رحمة من عندنا"
لأن أيوب عليه السلام بالغ في التضرع في قوله"وأنت أرحم الراحمين"
وأوجز في الشكوى في قوله "مسني الضر"
فبالغ سبحانه وتعالى في الإجابة "رحمة من عندنا"
لأن (عند) دَلتّ على أنه سبحانه وتعالى تولى ذلك من غير واسطة
ويقصد بواسطة هنا ان الله لم يرسل له طبيب معالج او دواء نافع
بل كشف عنه المرض بدون واسطة .
وبعد ....
هذه كانت قصة أيوب عليه السلام كما صورها البيان القرآني
فيا أيها المبتلون الراضون الصابرون أبشروا برحمة ربكم وكرامته،
وحبه لكم، فإن الله تعالى إذا أحب عبدا ابتلاه، فإذا صبر اجتباه
كما ورد في حديث عنه صلى الله عليه وسلم:
" وإياكم والجزع فإنه يحبط الأجر ويخرج المُبتَلى من دائرة الصبر"
من الهوتميل.كوم