السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
.................................................. ..........
الخلق الكريم يقتضي مكافأة من يؤدي إليك المعروف ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهذا ، فقال :
( مَن صَنَعَ إِليكُم مَعرُوفًا فَكَافِئُوه ، فَإِن لَم تَجِدُوا مَا تُكَافِئُوا بِهِ فَادعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوا أَنَّكُم قَد كَافَأتُمُوهُ ) رواه أبو داود (1672) وصححه الألباني
وإحسان المكافأة يعني اختيار ما يدخل الفرح والسرور على صاحب المعروففكما أنه أدخل على قلبك المسرة ،
فينبغي أن تسعى لشكره بالمثل قال تعالى : ( هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ ) الرحمن/60
فإن قصرت الحيلة عن مكافأته بهدية ، أو مساعدة في عمل ، أو تقديم خدمة لهونحو ذلك ، فلا أقل من الدعاء له ، وقد يكون هذا الدعاء من أسباب سعادته في الدنيا والآخرة .
ومن أفضل صيغ الدعاء لمن أدى إليك معروفا ما جاءت به السنة :
فعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
( مَنْ صُنِعَ إِلَيْهِ مَعْرُوفٌ فَقَالَ لِفَاعِلِهِ : جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا . فَقَدْ أَبْلَغَ فِي الثَّنَاءِ ) .
رواه الترمذي (1958) والنسائي في "السنن الكبرى" (6/53) وصححه الألباني في صحيح الترمذي
وقد ورد هذا الدعاء من قول النبي صلى الله عليه وسلم في سياق حديث طويل وفيه قوله :
( وَأَنتُم مَعشَرَ الأَنصَارِ ! فَجَزَاكُمُ اللَّهُ خَيرًا ، فَإِنَّكُم أَعِفَّةٌ صُبُرٌ ) رواه ابن حبان (7277) والحاكم (4/79) وقال : صحيح الإسناد
ووافقه الذهبي وقال الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" (3096) : وهو كما قالا
كما كانت هذه الجملة من الدعاء معتادة على ألسنة الصحابة رضوان الله عليهم :
جاء في مصنف ابن أبي شيبة (5/322) : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
( لو يعلم أحدكم ما له في قوله لأخيه : جزاك الله خيرا ، لأَكثَرَ منها بعضكم لبعض )
وهذا أسيد بن الحضير رضي الله عنه يقول لعائشة رضي الله عنها :
( جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا ، وجعل للمسلمين فيه بركة )
رواه البخاري (336) ومسلم (367)
وفي صحيح مسلم ( 1823 ) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
( حضرت أبي حين أصيب فأثنوا عليه ، وقالوا : جزاك الله خيرا . فقال : راغب وراهب )
أي راغب فيما عند الله من الثواب والرحمة ، وراهب مما عنده من العقوبة .
ومعنى " جزاك الله خيرا" أي أطلب من الله أن يثيبك خيرا كثيراً
"فيض القدير" (1/410)
.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله "شرح رياض الصالحين" (4/22) :
" والمكافأة تكون بحسب الحال ، من الناس من تكون مكافأته أن تعطيه مثل ما أعطاك أو أكثر
ومن الناس من تكون مكافأته أن تدعو له ، ولا يرضى أن تكافئه بمال
فإن الإنسان الكبير الذي عنده أموال كثيرة ، وله جاه وشرف في قومه إذا أهدى إليك شيئا
فأعطيته مثل ما أهدى إليك رأى في ذلك قصورا في حقه لكن مثل هذا ادع الله له
( فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه ) ومن ذلك أن تقول له : ( جزاك الله خيرا )
وذلك لأن الله تعالى إذا جزاه خيرا كان ذلك سعادة له في الدنيا والآخرة "