السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السؤال المنطقي كيف يكون لدينا فقراء ؟
ونحن دولة نفطية بل أكبر دولة منتجة للذهب الأسود في العالم تتوقف حركة الاقتصاد العالمي على منتجاته الأولية!
وليس من التصور إن منطقة يتصارع العالم من أجل السيطرة على ثرواتها ويوجد بها من الفئات المسحوقة التي لا تجد مأوى أو تسكن في بيوت الصفيح إننا لا نتحدث عن دولة لم تحظى بخيرات وافرة من نعم الله سبحانه وتعالى
أننا بصدد الحديث عن دولة حبيت بالخيرات والنعم التي تغطي حاجة الاقتصاد العالمي لخمسين سنة قادمة وبها أكبر منتجات البتروكيماويات في العالم ولكنها لم تستغل بالطرق الصحيحة العادلة بل أن المملكة على ضوء المعاير لا يمكن أن نصنفها ونعدها ضمن مجتمعات ((الأغنياء))!
والسؤال الأخر كيف يكون لدينا فقراء ونحن دولة إسلامية دولة الحرمين الشريفين ومسكن الرسول صلى الله علية واله وسلم أليس المجتمع المسلم هو الذي تتكاتف أعضائه كالجسد الواحد أذا أشتكى منة عضو تداعت له سائر الأعضاء بالسهر والحمى.
أليس الفقر هو مصنع الجريمة والرذيلة والعمل هو سبيل التطور والرقي؟
يقول الرسول صلى الله علية واله وسلم ( اللهم إني أعود بك من الكفر والفقر)!!
كما تقول هيلين كيلر المتوفيه عام 1968م معجزة القرن العشرين (تستطيع أغلاق جميع السجون يوم تستطيع إيجاد عمل لكل إنسان).
و يقول أبو ذر رضي الله عنه (عجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه) ويقول الإمام علي علية السلام ( لو كان الفقر رجل لقتلته) لشدة عواقبه وما ينتج عنة من أخطار وخيمة .
كل ذلك يعني إن ثمة خلل ما في المعادلة أراد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظة الله أن يرى بعينية حقيقة الأحياء الفقيرة في الرياض لتكون انطلاقة لمعالجة (الفقر) في المملكة وتكون أولى الاهتمامات لمعالجة هذه الأزمة.
السؤال ما هو هذا الخلل ؟
ثقة عمياء - بطانة سيئة - أخبار كاذبة - واقع مزيف - عدم متابعة = شعب ضحية ، جذور الخلل. أن وجود فئة فقيرة في مجتمع ما يعتبر من الحالات الطبيعية تستدعي إن يتم معالجتها ولا يتم ذلك إلا من خلال دراسة جذور الخلل التي تقف وراء هذه الظاهرة .. والتي منها :
تفاوت الفرص الوظيفية: بمعنى أن هناك فئة تتاح لها فرص العمل أكثر من غيرها حسب النطاق الجغرافي فالفرص في الرياض وجدة والدمام أكثر منها لذا القرى أو الأرياف والهجر، بالتالي فالفقراء يتواجدون غالبا في الأطراف وليس في المدن وبحكم فقره لا يستطيع التنقل للبحث عن الوظائف وأن وجدت فالراتب لا يغطي مصاريف تنقله والحل مضاعف للمشكلة!
تفاوت المستوى التعليمي: يرتبط الفقر في كثير من الأحيان بتراجع المستوى العلمي، لان المتعلم الحاصل على الشهادة يجد الفرص لتحسين مستواه المادي في المقابل نجد أن غير المتعلم تكون الفرص محدود إمامة.
وجود خلل في التوزيع: فالفقر في المجتمعات يأتي لسوء في توزيع الثروات الطبيعية وفي مثل بلدنا يظهر هذا الخلل من أن تركيز الخدمات الصحية والعلمية والسياحية والصناعية في المدن على حساب الأرياف والقرى يجعل من الطبيعي إن تتركز الثروات والخدمات والمشاريع في المراكز لينتج هذا الخلل فتظهر حالات الفقر.
نتائج الفقر وأثاره!
وما دام لدينا فقراء وأحياء فقيرة وعوائل ذات مستوى خط الفقر وأقل من خط الفقر ونحن مجتمع إسلامي غني في الثروات الطبيعية غير قادر على المساواة يعني إن هناك مشكلة موجودة تتجلى في العديد من الظواهر التي تعود لعامل الفقر وشيوع حالات من الطبقية الممقوتة إسلاميا وإنسانيا وفي الآونة الأخير توسع هدا النطاق حتى وصل لترويج المخدرات وشيوع ظاهرة الأسلحة وبيعها وتفاقم الأزمة بين الأغنياء والفقراء بين الطبقات النبيلة وأخرى غير النبيلة يؤدي إلى خلقة بيئة لجملة من التناقضات وهي صورة لغياب (العدالة الاجتماعية) تعود إضرارها على الأمن والحياة العامة (فالفقر) يصاحب الجريمة والرغبة في الانتقام خصوصا من الفئات الأعلى دخلا والأفضل مستوى من الناحية المادية فتظهر حالات السرقة (بدافع الفقر) والاعتداء والتحرش الجنس (الاغتصاب) وطرق الغش والتسول والتزوير وهدا خطر يهدد البقية.
ولأن هناك فئة فقيرة فإن المجال مفتوح للظواهر المخالفة للشريعة الإسلامية فمن أجل مبلغ زهيد من المال قد يبيع المرء نفسه ودينه وشرفة وأخلاقه (خاصة إذا لم يكن ذا مستوى أخلاقي وديني رفيع) مما يعني فساد الأخلاق.
وهذا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ( يأتي زمانا على أمتي القابض على دينه كالقابض على الجمر). فمشكلة الفقر خراب لكل بلد ينتج عنة تدني الصحة و إطراب الفكر وتدني الأخلاق التي تتراجع كثيرا في أجواء الفقر فبالتالي يأتي بعد الفقر ((المرض)) كذلك ينتج عنه ((الأمية)) نظرا لانشغال رب الأسرة بحل مشكلته المادية التي تكون على حساب الاهتمام العلمي وهنا يصعب على المملكة أبراز طاقات بشرية تساعد وتساهم علميا لمتطلبات هدا العالم واحتياجاته وما اثبت التصنيف العالمي العلمي للجامعات لهو خير وبرهان على هدا الخلل وتفاقمه و تدني التعليم في المملكة العربية السعودية حتى صنفنا من أصل (3000) جامعة بترتيب (2998) نحن فقط أفضل من الصومال وجيبوتي!!!
و على ضوء ذلك فالفقر يجر معه المرض والجريمة والأمية وبالتالي تكون الأزمة مستفحلة نتائجها وعواقبها وخيمة يستدعي وضع حلول جذرية سريعة.
فبعد الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حفظة الله لبعض الأحياء الفقيرة في الرياض أصدر أمرا ملكيا بتشكيل لجنة لدراسة ظاهرة الفقر ووضع الحلول ونحن لا نعلم ما هي النتائج التي توصلوا إليها ليومنا الحاضر.
أين دراساتكم الجذرية ؟!
الحلول المقترحة:
نضع بعض الحلول المقترحة وهي ليست كاملة بالتأكيد لان المشكلة أعمق من أن يضع حلولها شخص بمفرده بل هي مسؤولية مجتمع بأكمله.
أولا: تحديد مفهوم الفقر ومن ينطبق علية هذا المفهوم سواء كان شخصا أو حي من الأحياء.
ثانيا: حصر الأحياء الفقيرة في عموم المملكة وتكليف الجمعيات الخيرية للقيام بهده المهمة ولابد من الاستعانة بالمؤسسات الإعلامية والصحفية التي هي مصدر للمعلومات .
ثالثا : تحديد الأسباب التي أودت إلى الفقر فكل شخص له ظروف فتارة يحل الفقر على فرد جراء وفاة والدة أو خسارة في التجارة أو نتيجة إعاقة صحية وكل هده الحالات لابد أن يكون لها جهات معينة تدعمها الدولة بشكل أكبر وهي مسئولة عنها..
رابعا: رفع المستوى العلمي للأحياء الفقيرة وغالبا يتمركزون في أطراف المملكة وقراها فالعلم سبيل الغنى وعدو الفقر فبالعلم تتغير الأوضاع المادية والاجتماعية و العلم ينظم الإدارة والتنبؤ بالمستقبل ويرتب الأهداف حسب أولوياتها وبالتالي يتوفر المال كما أن العلم في حالة انتشاره لدا الأحياء الفقيرة فسوف يحد من الآثار السلبية ويمنع من ارتكاب الجرائم ويقضي على الا طرا بات التي تتعمق في نفوس أفراد المجتمع .
خامسا: الاهتمام نقل بعض المشروعات الصناعية الصغيرة على الأقل لتكون قريبة من هذه الأحياء حتى تتوفر فرص العمل لأبناء هذه الإحياء وحل مشكلات الفقر.
سادسا: دراسة وضع العمل التطوعي في المجتمع السعودي وأسباب التراجع الغير طبيعي رغم تأكيد الدين الإسلامي.
سابعا : دعم وتنشيط الأعمال التي تقوم بها الجمعيات الخيرية والأندية الرياضية وذلك بتوسعة أنشطتها لتكون أوسع من مسألة اللعب الرياضي أو الجباية والتوزيع لدا الجمعيات وتشجيعهم على الأبحاث الاجتماعية ووضع الحلول ودعمها بالميزانيات الضخمة نظرا لدورها الاجتماعي الكبير.
ثامنا: تنمية الثقافة الإسلامية الداعية لدعم الفقراء والعمل التطوعي ورعايتهم بدل احتكارها على فئة معينة.
تاسعا : توجيه عائدات الأوقاف والحقوق الشرعية للجمعيات لصرفها على بنود ( الأحياء الفقيرة ) وتقديم تقارير دورية لمعالجة أزمة الفقر ونتائجها.
عاشرا : قبل كل ذلك ينبغي الاعتراف بالمشكلة فإطلاق مسمى صندوق معالجة الفقر(أول ما سمي) ثم تغيير مسماه إلى صندوق الخدمات الإنسانية (سمي بالعام الماضي) وتغير أسمه إلى الصندوق الخيري الوطني ...كل ذلك يدل على خجل في الإقرار وهنا تكمن المشكلة.
قال تعالى: في كتابة الحكيم (هاأنتم هؤلاء تدعون لتنفقوا في سبيل الله فمنكم من يبخل ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه والله الغنى وأنتم الفقراء وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم) سورة محمد اَية38
في الختام أود أن أشير إلى أنني حاولت جاهداًُ تضمين مقالي بعدة إحصاءات تشير بدقة إلى (لغة الأرقام) لكن حال دون ذلك عدم وجود الإحصائيات الدقيقة أصلاً وإن وجدت فقد بداء لي أن هامش الخطأ غير منطقي.
هذا ما لدينا حول مسألة الفقر كقضية اجتماعية مستفحلة أضن أن اللجنة التي أمر بتشكيلها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله أوكلت لها مسؤولية كبيرة خصوصا وأن هناك فقراء يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف فمتى نصل إلى حل جدري لهذه الظاهرة ؟!
أمل أن يكون قريب.