هل شعرت بمثل هذا الشعور ؟
كنت تقود سيارتك بسرعه شديدة جداً جداً جداً جداً حيث بلغت تقريباً سرعتك 200كلم/س
ثم و فجأة اصطدمت بسيارة ظهرت فجأة أمامك ثم اسودت الدنيا كلها في عينيك و رحلت إلى الظلام الدامس ... حيث لا شعور ولا إحساس بما يجري حولك
و لكنك حلمت أن أمك تبكي و دموعها تتساقط على وجهك الغائب في عالم الصمت و أباك يتأوه عليك و آهات تخرج من قلبه المتألم عليك و أخوانك و اخواتك و كأنك ترى ذاك الإحساس الممزوج بالحزن و الخوف تجسد بكلمة " يارب قومه بالسلامه " و ضمة و قبلة حارة على جبينك " يالله أصحى يا .... " ثم اختفى كل شيء و انعدم من وجودك كل شيء
لا إحساس ...
لا شعور ...
لا مكان ...
لا زمان ..
حتى الوقت لم تعد تحس به ...
فراغ ...
صمت ...
ظلام ...
لاشيء
فجأة و من دون مقدمات ترى طريق تذهب نحوه و تمشي على هذا الطريق فترى في آخر هذا الطريق نور ساطع و تسمع صوت يناديك بإسمك .....
يا ..... هل تسمعني ؟
..... هل تسمعني فتمشي نحو هذا النور الساطع و تقترب منه أكثر و أكثر إلى أن تبلغه ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــ >> فتستيقظ و تفتح عينيك فترى عينان تنظر إليك و وجه ملامحه الجدية و الترقب
ثم تنام نوماً عميقاً
فتستيقظ بعدها وتعود للحياة فترى نفسك في مستشفى و الأجهزة من حولك و تسمع أصواتها فتستوعب أن جسدك فوق سرير و ترى الممرضات و الأطباء و الناس يمشون و يتنقلون من هنا و هناك من حول غرفتك
فتأتي ممرضة و تنظر إليك و تنادي على الدكتور و ينير بــ " الكشاف " على عيناك و يرفع جفونك لكي يطئمن عليك فترى قدميك مجبسة و على صدرك الحساسات و على أصابعك فتنظر إلى الحائط فتجد الساعة التي تشير إلى الــ 10 صباحاً فتتسائل أين أنا ؟ و لم أنا هنا ؟ لم أنا هنا ؟ مالذي حصل ؟ .....
لقد مضت فترة طويلة قرابة الشهرين
و بعد أن يكلمك الطبيب و تعرف كل شيء ..... تدمع عيناك و تقول (((( الحمدلله )))) فتشتاق لوالديك و أخوانك و أخواتك
و تتمنى أن الذي صدمته لم يمت و أنه الآن بخير و لكن الطبيب يخرج من غرفتك و لم يخبرك فيرتجف قلبك و ترتعش أطرافك و فجأة تسمع صوت الباب وهو يفتح فترى أهلك فيسرعون إليك و يضموك و يقبلوك و الدموع تتساقط تتخللها كلمة الحمد و الشكر لله رب العالمين ....
و بعدها تعرف أن الرجل الآخر الذي صدمته نائم في الغرفة الأخرى في حالة غيبوبة
فتقضي الوقت تلوم نفسك فيه على السرعة و التهور ... و تتذكر أشياء قد عملتها و تتندم عليها .... فتتندم و تبكي و تبكي حتى تبتل رقبتك و يبتل صدرك و تستغفر الله و تحمده و كلك رجاءاً بأن يعفو عنك حينها تعرف حقيقة هذه الدنيا .....
تدعوا الله من أعماق قلبك أن الذي صدمته يفيق من غيبوبته و يكون بخير و صحة و سلامة ... لأن فكرة موته سيكون وقعها على القلب مؤثراُ جداً بحيث أنك لا تستطيع تحملها
و تمضي الأيام و القلب قلق حائر تائه و البال مهموم حزين ...
و في ليلة من الليالي التي تقضيها في المستشفى حتى تتماثل للشفاء التام تحرك قدميك بكل ثقل و بكل جهد و تحس ببعض الآلام في أطرافك و جسدك و من دون أن يشاهدنك الممرضات فتنزلهما من على السرير حتى تخرج من الغرفة لكي تذهب إلى ذلك الرجل و تطمأن عليه
فتشاهده فإذا هو رجل كبير في السن في حالة غيبوبة فتبكي عليه و يعتصر قلبك ألماً و ندامة فتتمنى أن يكون هو في مكانك و أنت في مكانه
فتقول له سامحني أرجوك و تبكي بكاءاً شديداً
و بعد عدة أسابيع و ها أنت الآن في كل مرة عندما تصلي تدعو له في كل سجده أن يسلمه الله و يعافيه مما ألم به ........
و في يوم من أيام الزيارة رأيت أهله زوجته و أبنائه و بناته في غرفته يبكون و يدعون له
تتمنى حينها أن تنشق الأرض و تبلعك .... ما ذنبهم ؟ أنا السبب في بكائهم و ذرف دموعهم و حزنهم أنا السبب فتبكي و تبكي و تصبح الحياة مسودة في ناظريك
و لما تأتي أمك تقول لها .. أماه أدعي لي ... أماه أدعي لي بأن الله يعفو عني و يغفر لي و أن يصحو هذا الرجل من غيبوبته ... أماه يعلم الله أنني لم أقصد أن أصدمه
في الساعة 7:13 ص يوقظك الدكتور ليخبرك بأن الرجل الذي اصطدمت به
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
7
فاق من غيبوبته وهو الآن بخير و لله الحمد و الشكر
فتحس بأن الثقل الذي كان على قلبك قد أنزاح و أنك ولدت من جديد
شعور جميل و رائع عندما تحس بأن الله تعالى قد رحمك و انه قد عفى عنك
ياله من شعور ... الآن تحس بالحياة الحقيقية و تحس بأن الدنيا عيد و كلها أنوار و فرحة
فتذهب إليه و تقبل يديه و رأسه و تبكي و تقول له أرجوك " سامحني "
فينظر إليك و عيناه غارقة بالدمع و يقول لك
الحمدلله رب العالمين
سامحتك
فتدمع عيناك دموع الفرحة ثم تخبر أهلك و يفرحون
حقاً إنه لشعور رائع عندما تحس بأن الله لطيف بك رؤوف رحيم معك
فسبحان الله العظيم و الحمد له على كل نعمائه
هل أحسست بمثل هذا الشعور ?
فلم لا نفكر في العواقب